كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 4)

جَرْيًا عَلَى الْقَاعِدَةِ إذْ الْأَصْلُ فِي النَّاسِ الْجُرْحَةُ وَلَوْ أَرَادَ جَمِيعَ شُرُوطِ الْحَضَانَةِ كَمَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ لَأَخَّرَهُ عَنْ الْجَمِيعِ وَلَكِنَّ الْحُكْمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَثْبُتَ جَمِيعُ الشُّرُوطِ أَيْ يَثْبُتُ كُلُّ شَرْطٍ نُوزِعَ فِيهِ مِنْهَا

(ص) وَعَدَمُ كَجُذَامٍ مُضِرٍّ (ش) يَعْنِي وَمِمَّا يُشْتَرَطُ فِي الْحَاضِنِ أَنْ يَكُونَ سَالِمًا مِنْ الْبَرَصِ الْمُضِرِّ بِالْمَحْضُونِ وَأَنْ يَكُونَ سَالِمًا مِنْ الْجُذَامِ الْمُضِرِّ بِالْمَحْضُونِ فَخَفِيفُهُمَا لَا يَمْنَعُ وَبِعِبَارَةٍ: أَدْخَلَتْ الْكَافُ الْبَرَصَ الْمُضِرَّ وَالْجَرَبَ الدَّامِيَ وَالْحِكَّةَ وَذَكَرَ صَاحِبُ اللُّبَابِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ كَجُذَامٍ جَمِيعُ الْعَاهَاتِ الَّتِي يُخْشَى حُدُوثُ مِثْلِهَا بِالْوَلَدِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَعَدَمُ كَجُذَامٍ يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ بِالْمَحْضُونِ ذَلِكَ أَيْضًا إذْ قَدْ يَحْصُلُ بِانْضِمَامِهِمَا زِيَادَةٌ فِي جُذَامِ الْمَحْضُونِ وَبَرَصِهِ وَتَقَدَّمَ فِي بَحْثِ الْعُيُوبِ مَا يُفِيدُهُ

(ص) وَرُشْدٌ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ وَشَرْطُ الْحَاضِنِ الْعَقْلُ وَعَطَفَ عَلَيْهِ إذْ يَصِحُّ عَطْفُ النَّكِرَةِ عَلَى الْمَعْرِفَةِ أَيْ وَشَرْطُ الْحَاضِنِ أَيْضًا رُشْدٌ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا نَوْعٌ مِنْهُ وَهُوَ حِفْظُ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ بَالِغٍ لِأَنَّهُ كَالْبَالِغِ فِي أَنَّ لَهُ الْحَضَانَةَ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ لِأَنَّ الصَّغِيرَ قَدْ يَكُونُ لَهُ حِفْظٌ وَيَكُونُ مَنْ يَحْضُنُهُ يَحْضُنُ مَعَهُ الْمَحْضُونَ الصَّغِيرَ وَلِهَذَا نَكَّرَهُ وَلَمْ يَعْطِفْهُ مُعَرَّفًا كَالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ وَبِهَذَا يَسْقُطُ قَوْلُ الْعَجْمَاوِيِّ كَانَ الْأَوْلَى تَعْرِيفَهُ كَالشُّرُوطِ الَّتِي قَبْلَهُ لِئَلَّا يَسْبِقَ لِلنَّاظِرِ أَنَّهُ عُطِفَ عَلَى كَجُذَامٍ مِنْ غَيْرِ تَأَمُّلٍ

(ص) لَا إسْلَامٌ وَضُمَّتْ إنْ خِيفَ لِمُسْلِمَيْنِ وَإِنْ مَجُوسِيَّةً أَسْلَمَ زَوْجُهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاضِنَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا بَلْ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ كَافِرًا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلِلذِّمِّيَّةِ إذَا طَلَقَتْ أَوْ الْمَجُوسِيَّةِ يُسْلِمُ زَوْجُهَا وَتَأْبَى هِيَ مِنْ الْإِسْلَامِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا مِنْ الْحَضَانَةِ مَا لِلْمُسْلِمَةِ إنْ كَانَتْ فِي حِرْزٍ وَتُؤْمَنُ أَنْ تُغَذِّيَهُمْ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ وَإِنْ خِيفَ أَنْ تَفْعَلَ مَعَهُمْ ذَلِكَ ضُمَّتْ إلَى نَاسٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يُنْتَزَعُونَ مِنْهَا إلَّا أَنْ تَبْلُغَ الْجَارِيَةُ وَتَكُونَ عِنْدَهَا فِي غَيْرِ حِرْزٍ وَبِعِبَارَةٍ وَضُمَّتْ أَيْ الْحَاضِنَةُ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ أَوْ الْعُرُوضِ كَأَنْ يَكُونَ الْحَاضِنُ جَدًّا مَثَلًا وَعِنْدَهُ أُنْثَى تَحْضُنُ فَفِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَتْ الْحَضَانَةُ إلَّا لِلْأُنْثَى لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِلذَّكَرِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مَنْ يَحْضُنُ مِنْ الْإِنَاثِ وَبِهَذَا سَقَطَ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ أَنَّثَ الضَّمِيرَ تَبَعًا لِلْمُدَوَّنَةِ

(ص) وَلِلذَّكَرِ مَنْ يَحْضُنُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاضِنَ إذَا كَانَ ذَكَرًا فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَهْلٌ يَتَوَلَّوْنَ الْمَحْضُونَ مِنْ سُرِّيَّةٍ أَوْ زَوْجَةٍ أَوْ مُسْتَأْجَرَةٍ أَوْ مُتَبَرِّعَةٍ بِذَلِكَ لِأَنَّ الذَّكَرَ لَا يَصِيرُ عَلَى مَا تَصِيرُ عَلَيْهِ النِّسَاءُ مِنْ أَحْوَالِ الْأَطْفَالِ كَمَا مَرَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنْ يُثْبِتَ إلَخْ أَيْ إنَّمَا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُثْبِتَ مَا ذُكِرَ لِأَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ وَأَنَّ الْمُدَّعِيَ مَنْ ادَّعَى خِلَافَ الظَّاهِرِ وَمُدَّعِي الْأَمَانَةِ مُدَّعِي خِلَافِ الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ إذْ الْأَصْلُ فِي النَّاسِ الْجُرْحَةُ) هَذَا أَحْسَنُ مِمَّا فِي عب وَحَاصِلُ مَا فِيهِ أَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّاسِ الْأَمَانَةُ مَا لَمْ يَدَّعِ عَلَيْهِمْ بِخِلَافِهَا فَيَكُونُ الْأَصْلُ فِيهِمْ الْجُرْحَةَ فَعَلَيْهِمْ إثْبَاتُهَا.
(قَوْلُهُ أَيْ يَثْبُتُ كُلُّ شَرْطٍ نُوزِعَ فِيهِ) أَيْ إلَّا الْعَقْلَ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الشُّرُوطِ الْآتِيَةِ إنْ نُوزِعَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا

(قَوْلُهُ مُضِرٍّ) أَيْ رُؤْيَتُهُ أَوْ رِيحُهُ وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ مَنْ يَحْضُنُ لِاحْتِمَالِ اتِّصَالِهِ بِالْمَحْضُونِ (قَوْلُهُ وَالْجَرَبُ الدَّامِي وَالْحَكَّةُ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي شَرْحِ شب أَنَّ الْجَرَبَ يُدْمِي وَالْحَكَّةَ لَا تُدْمِي. اهـ.
(أَقُولُ) فَعَلَيْهِ يَكُونُ قَوْلُهُ الدَّامِي وَصْفًا كَاشِفًا.
(قَوْلُهُ جَمِيعُ الْعَاهَاتِ) الشَّامِلَةِ لِلْبَرَصِ وَغَيْرِهِ مِنْ كُلِّ عَاهَةٍ يُخْشَى حُدُوثُهَا بِالطِّفْلِ

(قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ هُنَا نَوْعٌ مِنْهُ) حَاصِلُهُ أَنَّ الرُّشْدَ يَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ الْأَوَّلُ حِفْظُ الْمَالِ مَعَ الْبُلُوغِ الثَّانِي حِفْظُ الْمَالِ فَقَطْ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا نَوْعٌ مَخْصُوصٌ الَّذِي هُوَ حِفْظُ الْمَالِ فَقَطْ وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الْوَاوُ لِلْحَالِ وَلَوْ قَالَ وَالْمُرَادُ أَيُّ نَوْعٍ وُجِدَ كَفَى لَصَحَّ الْمَعْنَى ثُمَّ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ الرُّشْدَ يَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ وَالْمُرَادُ نَوْعٌ مِنْهُ وَهُوَ حِفْظُ الْمَالِ فَقَطْ يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُمْ الرُّشْدُ حِفْظُ الْمَالِ مَعَ الْبُلُوغِ أَيْ بِحَسَبِ الْأَغْلَبِ وَمُرَادُ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَوْ عُرِفَ لَحُمِلَ الرُّشْدُ عَلَى الْفَرْدِ الْكَامِلِ وَهُوَ حِفْظُ الْمَالِ مَعَ الْبُلُوغِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ الصَّغِيرَ قَدْ يَكُونُ مَعَهُ حِفْظٌ) أَيْ لِلْمَالِ وَقَوْلُهُ يَحْضُنُ أَيْ أَنَّ الذَّكَرَ الْبَالِغَ يَحْضُنُ الْمَحْضُونَ الصَّغِيرَ مَعَ حَضَانَتِهِ لِلصَّغِيرِ ذِي الْحِفْظِ فَيَكُونُ الْأَعْلَى وَالْمُتَوَسِّطُ مُشْتَرَكَيْنِ فِي حَضَانَةِ الْأَسْفَلِ فَحَضَانَةُ الْكَبِيرِ مِنْ حَيْثُ الْحِفْظُ لِلذَّاتِ وَالصَّغِيرُ مِنْ حَيْثُ حِفْظُ الْمَالِ.
(قَوْلُهُ وَبِهَذَا إلَخْ) أَيْ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ نَوْعٌ مِنْ الرُّشْدِ.
(تَنْبِيهٌ) : شَمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْأُنْثَى فَيُشْتَرَطُ فِيهَا الرُّشْدُ فَلَا حَضَانَةَ لِسَفِيهَةٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّ السَّفِيهَ إذَا كَانَ لَهُ وَلِيٌّ فَإِنَّهُ يَحْضُنُ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ فَلَا حَضَانَةَ لَهُ

. (قَوْلُهُ وَضَمَّتْ إنْ خِيفَ) أَيْ الضَّمُّ وَقْتَ الْخَوْفِ عَلَيْهِ لَا قَبْلَهُ وَالْجَمْعُ لَيْسَ شَرْطًا بَلْ يَكْفِي أَنْ يَضُمَّ لِمُسْلِمَةٍ وَاحِدَةٍ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ مَجُوسِيَّةً) مُبَالَغَةٌ فِي اسْتِحْقَاقِ الْحَضَانَةِ لَا فِي الضَّمِّ إذْ لَا تَأْتِي الْمُبَالَغَةُ ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا لِلْأُمِّ الْحَضَانَةُ وَإِنْ كَانَتْ مَجُوسِيَّةً.
(قَوْلُهُ مِنْ الْحَضَانَةِ) بَيَانٌ لِمَا مِنْ تَقْدِيمِ الْبَيَانِ عَلَى الْمُبَيَّنِ بِفَتْحِ الْيَاءِ.
(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَبْلُغَ الْجَارِيَةُ) أَيْ تَبْلُغَ حَدَّ الْوَطْءِ.
(قَوْلُهُ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ اُعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ وَضُمَّتْ بِأَنَّ الْأَوْلَى وَضُمَّ؛ الْحَاضِنُ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فَأَجَابَ تت بِأَنَّهُ إنَّمَا أَنَّثَ الضَّمِيرَ تَبَعًا لِلْمُدَوَّنَةِ وَحَاصِلُ جَوَابِ شَارِحِنَا أَنَّهُ إنَّمَا أَنَّثَ الضَّمِيرَ بِالنَّظَرِ لَأَنْ يُرَادَ الْحَاضِنَةَ أَصَالَةً أَوْ عُرُوضًا وَهِيَ النَّائِبَةُ عَنْ الذِّكْرِ كَأَنْ يَكُونَ الْحَاضِنُ جِدًّا وَعِنْدَهُ أُنْثَى إلَخْ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا أَنَّثَ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ سَقَطَ الِاعْتِرَاضُ الْمُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا أَنَّثَ الضَّمِيرَ إلَخْ

. (قَوْلُهُ وَلِلذَّكَرِ إلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ وَشُرِطَ لِلْحَاضِنِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى الْعَقْلُ وَشَرْطُهُ لِلذَّكَرِ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا إذَا كَانَ الْحَاضِنُ ذَكَرًا مَنْ يَحْضُنُ أَيْ وُجُودُ مَنْ يَحْضُنُ عِنْدَهُ.
(قَوْلُهُ مَنْ يَحْضُنُ) أَيْ يَصْلُحُ لِلْحَضَانَةِ وَقَوْلُهُ مِنْ سُرِّيَّةٍ إلَخْ أَيْ مُسْتَوْفِيَةٍ لِلشُّرُوطِ

الصفحة 212