كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 4)

بِسَاطٌ يَدُلُّ عَلَى التَّعْلِيقِ مَعَ فَقْدِ النِّيَّةِ وَمِثْلُ قَوْلِهِ عِنْدَ خِطْبَتِهَا مَا إذَا قَالَ ذَلِكَ حِينَ قِيلَ لَهُ تَزَوَّجْ فُلَانَةَ فَقَوْلُهُ " مَا " أَيْ عِصْمَةٌ وَذَكَّرَ الضَّمِيرَ فِي " مَلَكَ " نَظَرًا لِلَفْظِ " مَا " وَلَوْ رَاعَى مَعْنَاهَا لَقَالَ " مُلِكَتْ ".
(ص) وَتَطْلُقُ عَقِبَهُ (ش) عَقِبَهُ مِنْ غَيْرِ يَاءٍ عَلَى اللُّغَةِ الْفَصِيحَةِ أَيْ عَقِبَ النِّكَاحِ فِي الْأُولَى وَدُخُولِ الدَّارِ فِي الثَّانِيَةِ، وَقَوْلُهُ (وَعَلَيْهِ النِّصْفُ) مُفَرَّعٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ يَعْنِي أَنَّ لِلزَّوْجَةِ الْمُعَلَّقِ طَلَاقُهَا عَلَى تَزْوِيجِهَا أَوْ عَلَى دُخُولِ الدَّارِ وَنَوَى بَعْدَ نِكَاحِهَا النِّصْفَ مِنْ صَدَاقِهَا لَكِنْ فِي الثَّانِيَةِ إنْ دَخَلَتْ قَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا وَإِلَّا فَيَجِبُ لَهَا جَمِيعُهُ.
(ص) إلَّا بَعْدَ ثَلَاثٍ عَلَى الْأَصْوَبِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَتَى بِصِيغَةٍ تَقْتَضِي التَّكْرَارَ كَقَوْلِهِ كُلَّمَا تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَتَكَرَّرُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ كُلَّمَا تَزَوَّجَهَا وَعَلَيْهِ النِّصْفُ كُلَّمَا عَقَدَ إلَّا أَنْ يَتَكَرَّرَ نِكَاحُهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ يَتَزَوَّجَهَا رَابِعَةً قَبْلَ أَنْ تَتَزَوَّجَ زَوْجًا فَلَا يَلْزَمُهُ لَهَا صَدَاقٌ عَلَى الْأَصْوَبِ عِنْدَ التُّونُسِيِّ وَعَبْدِ الْحَمِيدِ لِأَنَّ النِّكَاحَ فَاسِدٌ أَمَّا لَوْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ بَعْدَ ثَلَاثٍ فَيَلْزَمُهُ النِّصْفُ حِينَئِذٍ اتِّفَاقًا وَبِعِبَارَةٍ: إلَّا بَعْدَ ثَلَاثٍ أَيْ وَقَبْلَ زَوْجٍ فَلَا شَيْءَ لَهَا وَأَمَّا بَعْدَ زَوْجٍ فَيَعُودُ الْحِنْثُ وَالنِّصْفُ إلَّا أَنْ تَتِمَّ الْعِصْمَةُ وَهَكَذَا لِأَنَّ الْعِصْمَةَ لَمْ تَكُنْ مَمْلُوكَةً حِينَ الْيَمِينِ وَإِنَّمَا حَلَفَ عَلَى كُلِّ عِصْمَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ بِخِلَافِ لَوْ كَانَ مُتَزَوِّجًا فَحَلَفَ بِأَدَاةِ التَّكْرَارِ فَيَخْتَصُّ بِالْعِصْمَةِ الَّتِي هِيَ مَمْلُوكَةٌ فَقَطْ وَقَوْلُهُ وَعَلَيْهِ النِّصْفُ أَيْ إنْ كَانَ مُسَمًّى وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
(ص) وَلَوْ دَخَلَ فَالْمُسَمَّى (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَ بِهَذِهِ الْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ الَّتِي عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى تَزْوِيجِهَا وَدَخَلَ بِهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْمُسَمَّى إنْ كَانَ وَإِلَّا فَصَدَاقُ الْمِثْلِ وَرَدَّ بِقَوْلِهِ (فَقَطْ) قَوْلَ مَنْ قَالَ يَلْزَمُهُ لَهَا صَدَاقٌ وَنِصْفُ صَدَاقٍ وَبِعِبَارَةٍ: فَالْمُسَمَّى أَيْ فَعَلَيْهِ الْمُسَمَّى وَسَوَاءٌ دَخَلَ بَعْدَ الثَّلَاثِ وَقَدْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ زَوْجٍ لِأَنَّهُ مِنْ الْفَاسِدِ الَّذِي يُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ أَوْ دَخَلَ قَبْلَ الثَّلَاثِ وَهُوَ ظَاهِرٌ كَدُخُولِهِ بَعْدَ الثَّلَاثِ وَقَدْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ.
(ص) كَوَاطِئٍ بَعْدَ حِنْثِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ (ش) مُشَبَّهٌ فِي أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْمُسَمَّى وَلَوْ وَطِئَ مِرَارًا لِاسْتِنَادِهِ إلَى الْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يُنْظَرُ لِكَوْنِهَا عَالِمَةً أَمْ لَا وَلَا لِكَوْنِهَا طَائِعَةً أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِزِنًا مَحْضٍ وَالشُّبْهَةُ فِي وَطْئِهِ مُتَّحِدَةٌ وَلَوْ عَلِمَ تَعَدَّدَ عَلَيْهِ الصَّدَاقُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ الْحَانِثُ فِيهِ رَجْعِيًّا فَلَا صَدَاقَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا أَمْ لَا وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ تَعَدَّدَ عَلَيْهِ الصَّدَاقُ مَحَلُّهُ حَيْثُ كَانَتْ غَيْرَ عَالِمَةٍ أَوْ مُكْرَهَةٍ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهَا ثُمَّ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَيْ لَمْ يَعْلَمْ الْحُكْمَ وَهُوَ حُرْمَةُ الْوَطْءِ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ رَاجِعٌ لِلْمُشَبَّهِ وَالْمُشَبَّهِ بِهِ.

. (ص) كَأَنْ أَبْقَى كَثِيرًا بِذِكْرِ جِنْسٍ أَوْ بَلَدٍ أَوْ زَمَانٍ يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ ظَاهِرًا (ش) التَّشْبِيهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّصَرُّفِ فِي الشَّيْءِ بِكُلِّ وَجْهٍ جَائِزٍ، وَالتَّصَرُّفُ يَكُونُ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِهِمَا، وَالزَّوْجُ لَا يَتَصَرَّفُ فِي الزَّوْجَةِ بِذَلِكَ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا تَصَرُّفٌ خَاصٌّ مِثْلُ الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ أَوْ التَّعْلِيقِ أَوْ التَّخْيِيرِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَمِثْلُ قَوْلِهِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى قُصُورٍ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ الْمُصَنِّفُ شَامِلًا لِهَذِهِ الصُّورَةِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَتَطْلُقُ عَقِبَهُ إلَخْ) مَعْلُومٌ مِنْ صِحَّةِ التَّعْلِيقِ فَذَكَرَهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ يُحْتَاجُ لِكَوْنِهِ مُخْتَلَفًا فِيهِ وَقَوْلُهُ: عَقِبَهُ اُنْظُرْهُ مَعَ أَنَّ الْمُعَلَّقَ وَالْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ يَقَعَانِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِالْعَقِبِ الْمُقَارَنَةَ فِي الزَّمَنِ الْوَاحِدِ إلَّا أَنَّهُ يَرِدُ أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِ الزَّوْجِيَّةِ فَيُجَابُ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُمَا يَقَعَانِ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ أَيْ قَدْ يَقَعَانِ فَلَيْسَ كُلِّيًّا.
(قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصْوَبِ) مُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ يَلْزَمُهُ النِّصْفُ بَعْدَ ثَلَاثٍ وَلَوْ قَبْلَ زَوْجٍ (قَوْلُهُ: بِصِيغَةٍ تَقْتَضِي التَّكْرَارَ) وَكَذَا إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِالْوَصْفِ كَإِنْ تَزَوَّجْت فِي قَبِيلَةِ كَذَا أَوْ بَلَدِ كَذَا أَوْ إلَى أَجَلِ كَذَا فَهِيَ طَالِقٌ فَلَا يَخْتَصُّ بِالْعِصْمَةِ الْأُولَى بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ أَوْ إنْ دَخَلَتْ الدَّارَ فَهِيَ طَالِقٌ وَنَوَى بَعْدَ نِكَاحِهَا فَتَطْلُقُ عَقِبَهُ وَانْحَلَّتْ عَنْهُ يَمِينُهُ لِأَنَّ حِنْثَ الْيَمِينِ يُسْقِطُهَا.
(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ النِّصْفُ كُلَّمَا عَقَدَ) فَإِنْ قِيلَ هَلْ يَسَعُ أَحَدًا أَنْ يَقُولَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِلُزُومِ النِّصْفِ مَعَ أَنَّهُ نِكَاحٌ فَاسِدٌ يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ قُلْت نَعَمْ يَسَعُهُ ذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا النِّكَاحَ غَيْرُ فَاسِدٍ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ إنَّ التَّعْلِيقَ غَيْرُ لَازِمٍ فَالْقَائِلُ بِوُجُوبِ النِّصْفِ لَاحَظَ هَذَا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ لَوْ كَانَ مُتَزَوِّجًا فَحَلَفَ بِأَدَاةِ التَّكْرَارِ) كَمَا إذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْك طَالِقٌ فَتُخْتَصُّ بِالْعِصْمَةِ الْأُولَى عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَهِيَ مَحْلُوفٌ لَهَا.
(قَوْلُهُ: قَوْلَ مَنْ قَالَ يَلْزَمُهُ لَهَا صَدَاقٌ وَنِصْفُ) وَجْهُهُ أَنَّ النِّصْفَ لَزِمَ بِالْعَقْدِ مَعَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَقِبَهُ وَأَمَّا الصَّدَاقُ بِتَمَامِهِ فَبِالدُّخُولِ وَوَجْهُ مَذْهَبِنَا مَعَ ظُهُورِ تَعْلِيلِ الْحَنَفِيِّ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الدُّخُولُ مِنْ ثَمَرَاتِ الْعَقْدِ الْمُعَلَّقِ طَلَاقُهَا عَلَيْهِ كَانَ عَلَيْهِ صَدَاقٌ وَاحِدٌ بِالْبِنَاءِ وَنِصْفُهُ بِالْعَقْدِ إذْ لَوْ لَمْ يُلَاحَظْ أَنَّ الْبِنَاءَ مِنْ ثَمَرَاتِ الْعَقْدِ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنْ طَلَقَتْ عَقِبَهُ لَكَانَ وَطْؤُهُ لَهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِنَادٍ لِعَقْدٍ زِنًا (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ الْمُسَمَّى) أَيْ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَصَدَاقُ الْمِثْلِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ الْفَاسِدِ الَّذِي إلَخْ) أَيْ وَالْفَاسِدِ الَّذِي يُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ أَيْ وَكَانَ لِعَقْدِهِ فِيهِ الْمُسَمَّى (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ لِأَنَّهُ لَيْسَ فَاسِدًا فَثُبُوتُ الصَّدَاقِ فِيهِ ظَاهِرٌ الَّذِي هُوَ الْمُسَمَّى وَقَوْلُهُ: كَدُخُولِهِ أَيْ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ: كَوَاطِئِ إلَخْ) صُورَتُهَا أَنَّهَا زَوْجَةٌ فِي الْعِصْمَةِ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى أَمْرٍ كَدُخُولِ الدَّارِ مَثَلًا فَحَنِثَ وَوَطِئَ بَعْدَ حِنْثِهِ وَكَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ أَوْ الْمُعَلَّقُ طَلَاقُهَا أَجْنَبِيَّةٌ عَلَى دُخُولِ دَارٍ وَنَوَى بَعْدَ نِكَاحِهَا فَوَطِئَ فِي الصُّورَتَيْنِ.
(قَوْلُهُ: وَالشُّبْهَةُ فِي وَطْئِهِ مُتَّحِدَةٌ) لِأَنَّهُ يَطَؤُهَا مُعْتَقِدًا أَنَّهَا زَوْجَةٌ.

(قَوْلُهُ: كَأَنْ أَبْقَى كَثِيرًا) بِتَعْلِيقٍ وَبِدُونِهِ وَقَوْلُهُ: لَا فِيمَنْ تَحْتَهُ ظَاهِرٌ أَيْ أَبْقَى شَيْئًا كَثِيرًا مِنْ نِسَاءٍ أَوْ زَمَنٍ وَبِهَذَا يَتَّضِحُ قَوْلُهُ: أَوْ زَمَانٍ مَعَ قَوْلِهِ كَثِيرًا وَإِنْ لَمْ يَقُلْ كَثِيرًا لَزِمَ أَنْ يُفَسِّرَ كَثِيرًا بِمَا لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَهُ.
(قَوْلُهُ: ظَاهِرًا) أَيْ غَالِبًا ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ بَقَائِهِ مُدَّةً بَعْدَمَا يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ ظَاهِرًا يَتَزَوَّجُ فِيهَا وَيَحْصُلُ لَهُ فِيهَا النَّفْعُ بِالتَّزَوُّجِ

الصفحة 37