كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 4)

فِي لُزُومِ الطَّلَاقِ أَيْ فَكَمَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهِيَ مَا إذَا قَالَ لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ: إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ كَذَلِكَ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ إذَا قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ الْجِنْسِ الْفُلَانِيِّ وَذَلِكَ الْجِنْسُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا أَبْقَى قَلِيلٌ كَقَوْلِهِ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ السُّودَانِ أَوْ مِنْ الرُّومِ أَوْ مِنْ مِصْرَ طَالِقٌ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ إذَا قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا إلَى سَنَةٍ - أَوْ إلَى أَجَلٍ يَعِيشُ لِمِثْلِهِ - طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْحَالِفِ شَبَابًا وَكُهُولَةً وَشُيُوخَةً ابْنُ شَعْبَانَ، وَيُعَمَّرُ فِي هَذَا بِالتِّسْعِينَ عَامًا وَيَلْزَمُهُ إذَا كَانَ الْأَجَلُ حَيَاةَ فُلَانٍ لِاحْتِمَالِ مَوْتِ فُلَانٍ قَبْلَهُ وَقِيلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ قَبْلَ فُلَانٍ.

(ص) لَا فِيمَنْ تَحْتَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ مِنْ الْجِنْسِ الْفُلَانِيِّ أَوْ الْبَلْدَةِ الْفُلَانِيَّةِ وَلَهُ زَوْجَةٌ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ أَوْ الْبَلْدَةِ تَحْتَهُ قَبْلَ الْحَلِفِ فَإِنَّهَا لَا تَدْخُلُ وَبِعِبَارَةٍ أَيْ إنَّمَا تَنْصَرِفُ الْيَمِينُ فَيَلْحَقُ الطَّلَاقُ فِيمَنْ يَتَجَدَّدُ نِكَاحُهَا لَا فِيمَنْ سَبَقَ نِكَاحُهَا وَهِيَ حَالَ الْيَمِينِ تَحْتَهُ (لَا إذَا) أَبَانَهَا وَ (تَزَوَّجَهَا) فَتَصِيرُ مَشْمُولَةً بِالْيَمِينِ وَتَطْلُقُ كَغَيْرِهَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ فِي بَابِ الْيَمِينِ " وَبِدَوَامِ رُكُوبِهِ وَلُبْسِهِ فِي: لَا أَرْكَبُ وَأَلْبَسُ حَيْثُ جَعَلُوا الدَّوَامَ كَالِابْتِدَاءِ " أَنَّ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءِ لَا يَرَى التَّعْلِيقَ وَلِأَنَّ التَّزْوِيجَ حَقِيقَتُهُ إنْشَاءُ عَقْدٍ جَدِيدٍ فَلَمْ يَدْخُلْ مَنْ تَحْتَهُ فِي قَوْلِهِ " أَتَزَوَّجُهَا "، بِخِلَافِ أَرْكَبُ وَأَلْبَسُ فَإِنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ ادَّعَى أَنَّ نِيَّتَهُ أَنْ لَا يُنْشِئَ رُكُوبًا وَلَا لُبْسًا عُمِلَ بِنِيَّتِهِ أَيْضًا (ص) وَلَهُ نِكَاحُهَا (ش) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى تَزْوِيجِهَا بِلَفْظٍ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ أَيْ يَجُوزُ لِلشَّخْصِ إذَا قَالَ: إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَتَطْلُقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا، وَفَائِدَةُ جَوَازِ تَزْوِيجِهَا مَعَ أَنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَقْصُودُهُ وَهُوَ الْوَطْءُ - وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ مَا لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَقْصُودُهُ لَا يُشْرَعُ - تَظْهَرُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَهِيَ حِلِّيَّتُهَا لَهُ وَتَبْقَى مَعَهُ عَلَى طَلْقَتَيْنِ وَلِذَا لَوْ كَانَ الطَّلَاقُ مُعَلَّقًا بِلَفْظٍ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ فَإِنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ زَوَاجُهَا حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ.

(ص) وَنِكَاحُ الْإِمَاءِ فِي كُلِّ حُرَّةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ: كُلُّ حُرَّةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يُبَاحُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِالْإِمَاءِ لِأَنَّهُ صَارَ بِسَبَبِ ذَلِكَ كَعَادِمِ الطَّوْلِ وَإِنْ كَانَ مَلِيئًا وَلَا بُدَّ أَنْ يَخْشَى الْعَنَتَ هَذَا مَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّسَرِّي وَإِلَّا وَجَبَ فَإِنْ عَتَقَتْ بَعْدَ تَزْوِيجِهَا فَمُقْتَضَى قَوْلِهِمْ إنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ فِي مَسْأَلَةِ لَا فِيمَنْ تَحْتَهُ أَنَّهُ لَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ.

(ص) وَلَزِمَ فِي الْمِصْرِيَّةِ فِيمَنْ أَبُوهَا كَذَلِكَ وَالطَّارِئَةِ إنْ تَخَلَّقَتْ بِخُلُقِهِنَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ مِصْرِيَّةً فَإِنَّهُ يَحْنَثُ فِي الْمِصْرِيَّةِ الْأَبَوَيْنِ وَلَزِمَ أَيْضًا فِيمَنْ أَبُوهَا كَذَلِكَ وَأُمُّهَا شَامِيَّةٌ مَثَلًا وَالْأُمُّ تَبَعٌ لِلْأَبِ وَفِي الطَّارِئَةِ الْمُتَخَلِّقَةِ بِخُلُقِ نِسَاءِ الْمِصْرِ فِي طِبَاعِهِنَّ وَسِيرَتِهِنَّ.

(ص) وَفِي مِصْرَ يَلْزَمُ فِي عَمَلِهَا إنْ نَوَى وَإِلَّا فَلِمَحَلِّ لُزُومِ الْجُمُعَةِ (ش) يَعْنِي إذَا حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَتَزَوَّجُ فِي مِصْرَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ إذَا تَزَوَّجَ بِمِصْرَ وَفِي عَمَلِهَا إنْ نَوَاهُ وَالْمُرَادُ بِعَمَلِهَا إقْلِيمُهَا وَسَوَاءٌ تَزَوَّجَ بِمِصْرِيَّةٍ أَوْ بِغَيْرِ مِصْرِيَّةٍ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ عَمَلَهَا بَلْ نَوَى الْبَلَدَ خَاصَّةً أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَإِنَّ الْيَمِينَ تَلْزَمُهُ فِيمَنْ عَلَى مَسَافَةٍ يَلْزَمُ الْإِتْيَانُ مِنْهَا إلَى صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ مِنْ الْمَنَارِ لِأَنَّهُ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَلْزَمُ مِنْهُ الْجُمُعَةُ كَمَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَحَيْثُ أُطْلِقَتْ مِصْرُ تَنْصَرِفُ لِلْقَاهِرَةِ لِلْعُرْفِ وَالْأُمُورُ الْعُرْفِيَّةُ تَتَغَيَّرُ بِتَغَيُّرِ الْعُرْفِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَرِدُ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَأَنْ أَبْقَى كَثِيرًا أَيْ مِنْ نِسَاءٍ وَزَمَنٍ بِأَنَّ قَوْلَهُ " أَوْ زَمَنٍ " لَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لِأَجَلٍ يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ ظَاهِرًا فَلَمْ يَبْقَ هُنَاكَ زَمَنٌ لَا كَثِيرٌ وَلَا قَلِيلٌ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ: يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ ظَاهِرًا أَيْ وَبَقِيَ مُدَّةٌ يُمْكِنُهُ فِيهَا الْعَقْدُ وَالْوَطْءُ فَالزَّمَنُ الْكَثِيرُ مَا يُمْكِنُ فِيهِ الْعَقْدُ وَالْوَطْءُ وَلَا يُشْتَرَطُ الْأَوْلَادُ وَفِي شَرْحِ شب.
وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَتَكَرَّرُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ دَائِمًا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْأَدَاةُ أَدَاةَ تَكْرَارٍ (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا أَبْقَى قَلِيلٌ) الْأَحْسَنُ أَنْ يُفَسِّرَ الْكَثِيرَ بِالْكَثِيرِ فِي نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا بِالنِّسْبَةِ لِمَا لَمْ يُبْقِهِ فَمَنْ أَبْقَى الْفُسْطَاطَ أَوْ الْمَدِينَةَ الْمُنَوَّرَةَ لَزِمَهُ طَلَاقُ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا مِنْ غَيْرِ مَا ذَكَرَ لِأَنَّهُ أَبْقَى كَثِيرًا فِي نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: بِالتِّسْعِينَ) بِتَقْدِيمِ التَّاءِ عَلَى السِّينِ الْمُعْتَمَدُ مَا سَيَأْتِي فِي الْمُصَنِّفِ مِنْ قَوْلِهِ: وَهُوَ سَبْعُونَ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ التَّزْوِيجَ) أَيْ بِخِلَافِ الرُّكُوبِ وَاللُّبْسِ فَلَيْسَ فِيهِ تَعْلِيقٌ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ إنْشَاءَ رُكُوبٍ وَلُبْسٍ بَلْ اتَّصَفَ بِذَلِكَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ تَحَكُّمٌ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ) أَيْ مِنْ الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ الْمُشَارِ لَهُمَا بِقَوْلِهِ لِأَنَّ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ نِكَاحُهَا) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ جِنْسًا وَلَا بَلَدًا وَلَا زَمَنًا يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ ظَاهِرًا.

(قَوْلُهُ: فَمُقْتَضَى قَوْلِهِمْ إنَّ الدَّوَامَ) أَيْ دَوَامَ التَّزْوِيجِ بِالْحُرَّةِ الَّتِي عَتَقَتْ لَيْسَ كَابْتِدَاءِ التَّزْوِيجِ بِالْحُرَّةِ فَلَا تَطْلُقُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَمَّا إنْ قُلْنَا إنَّ دَوَامَ التَّزْوِيجِ بِالْحُرَّةِ كَابْتِدَائِهِ فَتَطْلُقُ عَلَيْهِ.

(وَقَوْلُهُ: وَلَزِمَ فِي الْمِصْرِيَّةِ) بِأَنْ قَالَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لَا يَتَزَوَّجُ مِصْرِيَّةً كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ وَكَذَا إذَا قَالَ: كُلُّ مِصْرِيَّةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ (قَوْلُهُ: إنْ تَخَلَّقَتْ بِخُلُقِهِنَّ) أَيْ الْأَخْلَاقِ الَّتِي تَحْمِلُ الزَّوْجَ عَلَى تَجَنُّبِ الْمِصْرِيَّاتِ وَمِثْلُ التَّخَلُّقِ بِخُلُقِهِنَّ مَا إذَا طَالَ مُقَامُهَا وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَنْ طَالَ مُكْثُهَا لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَامِلَ عَلَى حَلِفِهِ التَّخَلُّقُ بِالْأَخْلَاقِ الرَّدِيئَةِ وَقَدْ فُقِدَتْ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَالْأُمُّ تَبَعٌ لِلْأَبِ) فَمَنْ تَزَوَّجَ مَنْ أُمُّهَا مِصْرِيَّةٌ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَسِيرَتِهِنَّ) أَيْ طَرِيقَتِهِنَّ عَطْفُ تَفْسِيرٍ.

(قَوْلُهُ: إقْلِيمُهَا) سَيَأْتِي رَدُّهُ وَإِقْلِيمُهَا مِنْ إسْكَنْدَرِيَّةَ إلَى أُسْوَانَ وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَنْوِ وَاحِدًا مِمَّا ذُكِرَ بِعَيْنِهِ فَإِنْ نَوَى وَاحِدًا بِعَيْنِهِ عُمِلَ بِهِ وَكَذَا لَوْ جَرَى عُرْفُ الْحَالِفِ بِإِطْلَاقِ مِصْرَ عَلَى خُصُوصِ الْبَلَدِ الْمُعَيَّنَةِ كَمَا عِنْدَ رِيفِ مِصْرَ (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ أُطْلِقَ مِصْرُ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يُؤَخِّرَ ذَلِكَ وَيَقُولَ وَلَكِنَّ الْعُرْفَ جَرَى

الصفحة 38