كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 4)

هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَظَاهِرُ صَنِيعِ الْمُؤَلِّفِ وَعَطْفِهِ عَلَى قَوْلِهِ " لَا إنْ عَمَّ النِّسَاءَ " عَدَمُ لُزُومِ الْيَمِينَيْنِ مَعًا وَحَكَاهُ جَمَاعَةٌ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ لَكِنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ كِنَانَةَ وَسَحْنُونٍ وَغَيْرِهِمْ مَا قَرَّرْنَاهُ بِهِ كَمَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ أَيْضًا وَقِيلَ يَلْزَمُ فِيهِمَا نَظَرًا لِلتَّخْصِيصِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَانْظُرْ هَلْ لُزُومُ الْيَمِينِ فِي الثَّيِّبَاتِ عِنْدَ تَقْدِيمِهِنَّ وَلَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى وَطْءِ الْأَبْكَارِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ مَعَ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا عَمَّ النِّسَاءَ لِأَنَّ نِسَاءَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ غَيْرُ الْأَبْكَارِ وَقَدْ حَلَفَ عَلَيْهِنَّ أَوْ لَا تَأَمَّلْ.

(ص) أَوْ خَشِيَ فِي الْمُؤَجَّلِ الْعَنَتَ وَتَعَذَّرَ التَّسَرِّي (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا إلَى أَجَلِ كَذَا فَهِيَ طَالِقٌ وَعَيَّنَ أَجَلًا يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ فِي ظَاهِرِ الْحَالِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ إلَّا إذَا خَشِيَ الْعَنَتَ أَيْ الزِّنَا وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ التَّسَرِّي فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَأَمَّا لَوْ أَجَّلَ بِأَجَلٍ لَا يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ ظَاهِرًا فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَخْشَ الْعَنَتَ فَأَلْ فِي الْمُؤَجَّلِ لِلْعَهْدِ أَيْ الَّذِي تَنْعَقِدُ فِيهِ الْيَمِينُ بِأَنْ يَبْلُغَهُ عُمُرُهُ ظَاهِرًا.

(ص) أَوْ آخِرُ امْرَأَةٍ (ش) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا قَالَ آخِرُ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ اهـ لِأَنَّ الْآخِرَ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِالْمَوْتِ وَلَا يُطَلَّقُ عَلَى مَيِّتٍ فَهُوَ كَمَنْ حَرَّمَ جَمِيعَ النِّسَاءِ إذْ لَا يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ عَلَى امْرَأَةٍ أَبَدًا لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ الَّتِي يَتَزَوَّجُهَا آخِرَ امْرَأَةٍ لَهُ فَكُلَّمَا تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ فُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَصُوِّبَ وُقُوفُهُ عَنْ الْأُولَى حَتَّى يَنْكِحَ ثَانِيَةً ثُمَّ كَذَلِكَ (ش) لِقَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَسَحْنُونٍ وَنَحْنُ نَرَى أَنْ يُوقَفَ عَنْ وَطْءِ الْأُولَى حَتَّى يَنْكِحَ ثَانِيَةً فَتَحِلَّ لَهُ الْأُولَى وَيُوقَفَ عَنْ الثَّانِيَةِ حَتَّى يَنْكِحَ ثَالِثَةً وَهَكَذَا وَلَمَّا كَانَ فِي الَّتِي يُوقَفُ عَنْهَا تَعْذِيبٌ رَفَعَهُ بِقَوْلِهِ (وَهُوَ فِي الْمَوْقُوفَةِ كَالْمُولِي) أَيْ فِي الْمَوْقُوفِ هُوَ عَنْهَا كَالْمُولِي فَإِنْ رَفَعَتْهُ فَالْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ رَفَعَتْهُ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَيْسَتْ بِصَرِيحَةٍ فِي تَرْكِ الْوَطْءِ فَإِذَا انْقَضَى الْأَجَلُ وَلَمْ تَرْضَ بِالْمُقَامِ مَعَهُ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ طُلِّقَ عَلَيْهِ فَإِنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَمَاتَتْ أُوقِفَ مِيرَاثُهُ مِنْهَا حَتَّى يَتَزَوَّجَ ثَانِيَةً فَيَأْخُذَهُ أَوْ يَمُوتَ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ فَيُرَدَّ إلَى وَرَثَتِهَا وَإِذَا مَاتَ الْمُتَزَوِّجُ عَمَّنْ وُقِفَ عَنْهَا فَإِنَّهَا لَا تَرِثُهُ وَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ لِتَبَيُّنِ أَنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ لِأَنَّهَا آخِرُ امْرَأَةٍ لَهُ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ قَوْلَ سَحْنُونَ وَابْنِ الْمَوَّازِ وَرَجَّحَهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ اللُّزُومِ لَكِنْ قَالَ إلَّا الْمَرْأَةَ الْأُولَى فَلَا أُوَافِقُ سَحْنُونًا عَلَى إيقَافِهِ عَنْهَا بَلْ الصَّوَابُ أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهَا لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ: آخِرُ امْرَأَةٍ عَلِمْنَا أَنَّهُ جَعَلَ لِنِكَاحِهِ أَوَّلًا لَمْ يُرِدْهُ بِيَمِينِهِ وَآخِرًا عَلَّقَ بِهِ يَمِينَهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَاخْتَارَهُ إلَّا الْأُولَى) أَيْ وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ قَوْلَ سَحْنُونَ إلَّا الْمَرْأَةَ الْأُولَى فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِيهَا وَلَوْ قَالَ: أَوَّلُ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ وَآخِرُ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ فِي أَوَّلِ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا وَيَجْرِي فِي آخِرِ امْرَأَةٍ الْقَوْلَانِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَوْلُ سَحْنُونَ وَابْنِ الْمَوَّازِ وَلَا يَجْرِي فِيهَا اخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ.

(ص) وَإِنْ قَالَ: إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ مِنْ الْمَدِينَةِ فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ مِنْ غَيْرِهَا نُجِّزَ طَلَاقُهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا قَالَ: إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَالَّتِي أَتَزَوَّجُهَا مِنْ غَيْرِهَا طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ نُجِّزَ طَلَاقُ الْغَيْرِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَسَوَاءٌ تَزَوَّجَ مِنْ غَيْرِ الْمَدِينَةِ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْهَا أَوْ بَعْدَ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا حَمْلِيَّةٌ لِأَنَّهُ فِي قُوَّةِ قَوْلِنَا كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ غَيْرِ الْمَدِينَةِ فَهِيَ طَالِقٌ وَهُوَ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ الْجَوَاهِرِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَكَلَامُ اللَّخْمِيِّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQحَالِ النَّظَرِ.

(قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ صَنِيعِ الْمُصَنِّفِ وَعَطْفِهِ) أَيْ عَطْفِ جُمَلٍ لَا عَطْفِ مُفْرَدَاتٍ لِأَنَّ الْأَبْكَارَ اسْمٌ جَامِدٌ وَلَا يُعْطَفُ عَلَيْهِ الْفِعْلُ وَالتَّقْدِيرُ لَا إنْ ذَكَرَ الْأَبْكَارَ بَعْدَ كُلِّ ثَيِّبٍ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُعَادِلُ " هَلْ " الْأُولَى فَتَكُونَ الْوَاوُ سَاكِنَةً وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُعَادِلُ " هَلْ " مَحْذُوفًا وَيُقْرَأَ أَوَّلًا بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ، وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ (قَوْلُهُ: تَأَمَّلْ) أَيْ تَأَمَّلْ هَلْ يُعَوَّلُ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ هَذَا أَوْ يُقَالُ كَلَامُهُمْ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا كَانَ يَقْدِرُ وَهُوَ الظَّاهِرُ بَلْ جَعَلَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ هُوَ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ.

(قَوْلُهُ: أَوْ آخِرُ امْرَأَةٍ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: فَهُوَ كَمَنْ حَرَّمَ جَمِيعَ النِّسَاءِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَجْعَلَهُ تَعْلِيلًا ثَانِيًا (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَسْتَقِرُّ إلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ لِأَنَّهُ لَوْ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ لَمْ يَسْتَقِرَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: وَصُوِّبَ لِقَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ) أَيْ وَالْمُصَوِّبُ ابْنُ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيُّ وَظَاهِرُهُ وُقُوفُهُ حَتَّى يَتَزَوَّجَ وَلَوْ قَالَ أَنَا لَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَنَحْنُ نَرَى إلَخْ) هَذَا كَلَامُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَيُوَافِقُهُ سَحْنُونَ فِي قَوْلِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ فِي الْمَوْقُوفَةِ) جَرَى عَلَى طَرِيقَةِ الْكُوفِيِّينَ فِي عَدَمِ إبْرَازِ الضَّمِيرِ لِأَنَّ اللَّبْسَ هُنَا مَأْمُونٌ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الَّذِي يُوقَفُ إنَّمَا هُوَ الزَّوْجُ وَالْأَصْلُ الْمَوْقُوفُ هُوَ عَنْهَا فَحَذَفَ الْجَارَّ وَهُوَ عَنْ فَانْفَصَلَ الضَّمِيرُ وَاسْتَتَرَ فِي اسْمِ الْمَفْعُولِ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ وَالْأَوْلَى تَأْخِيرُ قَوْلِهِ وَهُوَ إلَخْ عَمَّا لِلَّخْمِيِّ لِأَنَّهُ رَاجِعٌ لِلصُّورَتَيْنِ مَعًا (قَوْلُهُ: مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ) أَيْ وَالْحُكْمِ (قَوْلُهُ: فَيَأْخُذَهُ) وَيُكَمَّلَ لَهَا الصَّدَاقُ (قَوْلُهُ: فَيُرَدّ إلَى وَرَثَتِهَا) وَلَا يُكَمَّلَ لَهَا الصَّدَاقُ، وَيُلْغَزُ بِهَا مِنْ وَجْهَيْنِ فَيُقَالُ مَاتَتْ امْرَأَةٌ وَوُقِفَ مِيرَاثُهَا وَلَيْسَ فِي وَرَثَتِهَا حَمْلٌ وَلَا خُنْثَى مُشْكِلٌ وَيُقَالُ: مَاتَتْ امْرَأَةٌ فِي عِصْمَةِ رَجُلٍ وَلَا يَرِثُهَا إلَّا أَنْ يَتَزَوَّجَ غَيْرَهَا (قَوْلُهُ: وَإِذَا مَاتَ الْمُتَزَوِّجُ إلَخْ) وَيُلْغَزُ بِهَا فَيُقَالُ شَخْصٌ مَاتَ عَنْ حُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ فِي نِكَاحٍ بِصَدَاقٍ مُسَمًّى وَأَخَذَتْ نِصْفَهُ وَلَا مِيرَاثَ لَهَا وَلَا عِدَّةَ.

(قَوْلُهُ: نُجِّزَ طَلَاقُهَا) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَتُجْعَلُ حَمْلِيَّةً وَإِنْ اقْتَرَنَتْ بِأَنْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فِي قُوَّةِ قَوْلِنَا إلَخْ) فَإِنْ قُلْت مَا وَجْهُ ذَلِكَ قُلْت لِأَنَّ الْمَعْنَى إنْ انْتَفَى تَزْوِيجِي مِنْ الْمَدِينَةِ فَهِيَ طَالِقٌ فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ ثَبَتَ

الصفحة 40