كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 4)

بِالْوَاوِ بِخِلَافِ الْعَطْفِ بِالْفَاءِ فَكَعَدَمِ الْعَطْفِ (ص) وَصُدِّقَ فِي نَفْيِهِ إنْ دَلَّ بِسَاطٌ عَلَى الْعَدِّ (ش) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ كَ " اعْتَدِّي " أَيْ وَصُدِّقَ بِيَمِينٍ فِي دَعْوَى نَفْيِ إرَادَةِ الطَّلَاقِ بَعْدَ قَوْلِهِ اعْتَدِّي إذَا دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى ذَلِكَ كَمَا إذَا كَانَ جَوَابًا لِعَدَدِ دَرَاهِمَ أَوْ غَيْرِهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

(ص) أَوْ كَانَتْ مُوثَقَةً وَقَالَتْ: أَطْلِقْنِي وَإِنْ لَمْ تَسْأَلْهُ فَتَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فِي جَوَابِ قَوْلِهَا لَهُ - وَهِيَ مُوثَقَةٌ بِقَيْدٍ وَنَحْوِهِ - أَطْلِقْنِي، وَقَالَ: إنَّمَا أَرَدْتُ مِنْ ذَلِكَ الْوِثَاقِ وَلَمْ أُرِدْ بِهِ الطَّلَاقَ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي نَفْيِ إرَادَتِهِ، فَإِنْ لَمْ تَسْأَلْهُ فَفِي تَنْوِيَتِهِ وَعَدَمِهَا إذَا حَضَرَتْهُ الْبَيِّنَةُ تَأْوِيلَانِ وَأَمَّا فِي الْفُتْيَا فَيُصَدَّقُ قَوْلًا وَاحِدًا وَقَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ.

(ص) وَالثَّلَاثُ فِي بَتَّةٍ (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْقِسْمِ الثَّانِي وَالْمَعْنَى أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَحَدَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الْخَمْسَةِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ لِأَنَّ الْبَتَّ هُوَ الْقَطْعُ فَكَأَنَّ الزَّوْجَ قَطَعَ الْعِصْمَةَ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ وَلَمْ يَبْقَ بِيَدِهِ مِنْهَا شَيْءٌ وَلَا يُنَوَّى بَنَى بِهَا أَوْ لَمْ يَبْنِ وَمِنْ هُنَا إلَى قَوْلِهِ وَنُوِّيَ فِيهِ وَفِي عَدَدِهِ كِنَايَاتٌ ظَاهِرَةٌ (ص) وَحَبْلُكِ عَلَى غَارِبِكِ أَوْ وَاحِدَةً بَائِنَةً (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: حَبْلُكِ عَلَى غَارِبِك أَيْ كَتِفُك فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَلَا يُنَوَّى فِيمَا دُونَهَا بَنَى بِهَا أَوْ لَا فَهِيَ مِثْلُ الْبَتَّةِ فِي عَدَمِ التَّنْوِيَةِ فَإِنَّ الْحَبْلَ كِنَايَةٌ عَنْ الْعِصْمَةِ الَّتِي بِيَدِ الزَّوْجِ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ بَعْدَ الْبِنَاءِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً بَائِنَةً وَهِيَ مِثْلُ الْبَتَّةِ فِي لُزُومِ الثَّلَاثِ وَلَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ تَرَكَ كَوْنَ ذَلِكَ بَعْدَ الْبِنَاءِ لِوُضُوحِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ بِغَيْرِ عِوَضٍ بَعْدَ الدُّخُولِ إنَّمَا هِيَ بِالثَّلَاثِ أَمَّا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ قَارَنَتْ عِوَضًا فَوَاحِدَةٌ وَبِعِبَارَةٍ: وَإِنَّمَا لَزِمَتْ الثَّلَاثُ لِأَنَّهُمْ قَطَعُوا النَّظَرَ عَنْ قَوْلِهِ وَاحِدَةً وَنَظَرُوا إلَى قَوْلِهِ بَائِنَةً احْتِيَاطًا لِلْفُرُوجِ أَوْ وَاحِدَةً صِفَةٌ لِمَرَّةٍ أَوْ دَفْعَةٍ لَا لِطَلْقَةٍ.

(ص) أَوْ نَوَاهَا بِ " خَلَّيْتُ " سَبِيلَكِ أَوْ اُدْخُلِي (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ الْمَدْخُولِ بِهَا خَلَّيْت سَبِيلَك أَوْ قَالَ لَهَا اُدْخُلِي الدَّارَ أَوْ الْحَقِي بِأَهْلِك أَوْ اسْتَتِرِي أَوْ اُخْرُجِي وَنَوَى بِكُلِّ لَفْظٍ مِنْ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ الْوَاحِدَةَ الْبَائِنَةَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ وَلَا يُنَوَّى وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا تَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَكْثَرَ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَوْ وَاحِدَةً بَائِنَةً وَلَوْ نَوَى الْوَاحِدَةَ الْبَائِنَةَ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَنَحْوَهُ مِنْ أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ الصَّرِيحَةِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ كَمَا إذَا نَوَاهَا بِ خَلَّيْت سَبِيلَك بَلْ أَوْلَى لِأَنَّهُ إذَا لَزِمَتْ الثَّلَاثُ مَعَ كِنَايَتِهِ فَأَوْلَى مَعَ صَرِيحِهِ.

(ص) وَالثَّلَاثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فِي كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ، وَوَهَبْتُكِ وَرَدَدْتُكِ لِأَهْلِكِ (ش) هَذَا هُوَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَحَدَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ إلَّا أَنْ يَقُولَ نَوَيْت أَقَلَّ مِنْ الثَّلَاثِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا نَوَى وَيُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَحُلِّفَ عِنْدَ إرَادَةِ النِّكَاحِ فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَأَمَّا زَوْجَتُهُ الَّتِي دَخَلَ بِهَا إذَا قَالَ لَهَا أَحَدَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ نَوَى أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ وَقَدْ لَزِمَتْهُ الثَّلَاثُ.

(ص) أَوْ أَنْتِ أَوْ مَا أَنْقَلِبُ إلَيْهِ مِنْ أَهْلٍ حَرَامٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَنْتِ حَرَامٌ سَوَاءٌ قَالَ عَلَيَّ أَوْ لَمْ يَقُلْ أَوْ قَالَ لَهَا مَا أَنْقَلِبُ إلَيْهِ مِنْ أَهْلٍ حَرَامٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعَطْفِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إذَا جُعِلَتْ بِمَعْنَى الْوَاوِ فَتَكُونُ خَرَجَتْ عَنْ التَّرْتِيبِ وَعَنْ التَّرَاخِي وَأَمَّا إذَا جَعَلْنَاهَا مِثْلَ الْفَاءِ فَتَكُونُ قَدْ خَرَجَتْ عَنْ التَّرَاخِي فَقَطْ وَالتَّرْتِيبُ ثَابِتٌ وَلَا شَكَّ أَنَّ خُرُوجَهَا عَنْ مَعْنًى وَاحِدٍ أَقْرَبُ مِنْ خُرُوجِهَا عَنْ الْمَعْنَيَيْنِ فَإِلْحَاقُ ثُمَّ بِالْفَاءِ أَقْرَبُ فَيَلْزَمُهُ طَلْقَتَانِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ.

(قَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ مُوثَقَةً) عَطْفٌ عَلَى دَلَّ بِسَاطٌ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَفْرَادِ الْبِسَاطِ مَعَ أَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِهِ، فَالْمَخْلَصُ أَنْ يَكُونَ عَطْفًا عَلَى الْعَدِّ مَعَ حَذْفٍ فِي الْعِبَارَةِ وَالتَّقْدِيرُ إنْ دَلَّ بِسَاطٌ إمَّا عَلَى الْعَدِّ أَوْ عَلَى الْإِطْلَاقِ مِنْ وَثَاقٍ بِأَنْ كَانَتْ مُوثَقَةً (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي جَوَابٍ) أَيْ سَتَطْلُقِي وَإِلَّا كَانَ كَذِبًا فَيَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تَسْأَلْهُ) أَيْ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهَا مُوثَقَةٌ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُوثَقَةِ فَيَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَلَا يُصَدَّقُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ اللُّزُومَ فِي الصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِسَاطٌ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ إرَادَتِهِ فَإِنْ كَانَ قُبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ فَمَا هُنَا فِي الصَّرِيحِ وَمَا يَأْتِي فِي الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ وَيُحَلَّفُ فِيهَا فِي الْقَضَاءِ، وَالنِّيَّةُ لَا تَنْفَعُ وَذَلِكَ لِأَنَّ نِيَّةَ صَرْفِهِ مُنَافِيَةٌ لِمَوْضُوعِهِ وَالْبِسَاطُ سَبَبٌ حَامِلٌ عَلَى مُجَرَّدِ النُّطْقِ بِمَا يُنَاسِبُهُ (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) أَيْ فِي تَصْدِيقِهِ وَالْحَلِفِ وَعَدَمِهِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْبَتَّ هُوَ الْقَطْعُ) فَكَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً قَاطِعَةً أَوْ مَقْطُوعًا بِهَا (قَوْلُهُ: أَيْ كَتِفُك) هُوَ فِي الْأَصْلِ كَتِفُ الدَّابَّةِ أَوْ مَا انْحَدَرَ مِنْ أَسْفَلِ صَنَمِ الْبَعِيرِ فَالْحَبْلُ كِنَايَةٌ عَنْ الْعِصْمَةِ الَّتِي بِيَدِ الزَّوْجِ أَيْ عِبَارَةٌ عَنْ الْعِصْمَةِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ وَكَوْنُهَا عَلَى كَتِفِهَا كِنَايَةٌ عَنْ مِلْكِهَا بِالطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ كَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يُقَيِّدَ ذَلِكَ بِمَا بَعْدَ الْبِنَاءِ وَحِينَئِذٍ فَالْوَاجِبُ أَنْ يَقُولَ لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ الَّتِي لَا تَكُونُ إلَّا بِالثَّلَاثِ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَفِيهِ أَنَّ الْبَيْنُونَةَ بَعْدَ الْبِنَاءِ قَدْ تَكُونُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ ثُمَّ إنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْبَيْنُونَةَ بِغَيْرِ عِوَضٍ بَعْدَ الدُّخُولِ قَدْ تَكُونُ بِغَيْرِ الثَّلَاثِ كَمَا إذَا كَانَتْ بِلَفْظِ الْخُلْعِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ) كَمَا إذَا نَوَاهَا بِ " خَلَّيْت " سَبِيلَك أَيْ وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا فِيمَا هُوَ الظَّاهِرُ خِلَافًا لِمَا فِي عب مِنْ أَنَّهُ عَامٌّ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا.

(قَوْلُهُ: وَالثَّلَاثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ إلَخْ) وَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِهَا الطَّلَاقَ لِأَنَّهَا مِنْ الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ (قَوْلُهُ: وَوَهَبْتُك) أَيْ نَفْسَك أَوْ طَلَاقَك أَوْ لِأَبِيك أَوْ قَالَ لِأَهْلِهَا: وَهَبْتُهَا لَكُمْ.

الصفحة 44