كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 4)

بِهَا وَيُنَوَّى فِي غَيْرِهَا.

(ص) وَهَلْ تَحْرُمُ بِوَجْهِي مِنْ وَجْهِكِ حَرَامٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: وَجْهِي مِنْ وَجْهِك حَرَامٌ فَهَلْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلَا يُنَوَّى فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَإِنْ جَاءَ مُسْتَفْتِيًا عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا، وَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ وَقِيلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَدْ حَكَى ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى اللُّزُومِ.

(ص) أَوْ عَلَى وَجْهِك حَرَامٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: عَلَى وَجْهِك حَرَامٌ بِتَخْفِيفِ " عَلَى " فَهَلْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ أَوْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا عِنْدَ اللَّخْمِيِّ عَلَى نَقْلِ التَّوْضِيحِ وَأَمَّا لَوْ قَالَ: عَلَيَّ وَجْهُك حَرَامٌ بِتَشْدِيدِ " عَلَيَّ " فَإِنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ مُطْلَقُ جُزْءٍ فَيُكَمَّلُ عَلَيْهِ وَيُنَوَّى فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا.

(ص) أَوْ مَا أَعِيشُ فِيهِ حَرَامٌ أَوْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: مَا أَعِيشُ فِيهِ حَرَامٌ فَهَلْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ أَوْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ لَيْسَتْ مِنْ الْعَيْشِ فَلَمْ تَدْخُلْ فِي ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهَا فَيَلْزَمَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقِيلَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَدْخَلَهَا فِي يَمِينِهِ.

(ص) كَقَوْلِهِ لَهَا يَا حَرَامُ أَوْ الْحَلَالُ حَرَامٌ أَوْ حَرَامٌ عَلَيَّ أَوْ جَمِيعُ مَا أَمْلِكُ حَرَامٌ وَلَمْ يُرِدْ إدْخَالَهَا (ش) هَذِهِ الْفُرُوعُ الْأَرْبَعَةُ مُشَبَّهَةٌ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي فَقَطْ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ أَوْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ لَفْظًا مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ الْحَلَالُ حَرَامٌ وَلَمْ يَقُلْ " عَلَيَّ " لَا مُقَدَّمَةً وَلَا مُؤَخَّرَةً وَإِلَّا فَتَكُونُ مَسْأَلَةَ الْمُحَاشَاةِ فَتَدْخُلُ الزَّوْجَةُ إلَّا أَنْ يُحَاشِيَهَا وَكَذَلِكَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا قَالَ لَهَا حَرَامٌ عَلَيَّ وَلَمْ يَقُلْ أَنْتِ أَوْ حَرَامٌ عَلَيَّ مَا أُكَلِّمُ زَيْدًا مَثَلًا، وَمِثْلُهُ عَلَيَّ حَرَامٌ وَأَمَّا عَلَيَّ الْحَرَامُ وَحَنِثَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَيُنَوَّى فِي غَيْرِهَا وَكَذَلِكَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا قَالَ: جَمِيعُ مَا أَمْلِكُ حَرَامٌ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إدْخَالَ الزَّوْجَةِ بِأَنْ نَوَى إخْرَاجَهَا أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فِي الْإِدْخَالِ وَعَدَمِهِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْمُحَاشَاةِ وَهِيَ الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْإِخْرَاجِ أَوَّلًا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْفَرْعَيْنِ أَنَّ الزَّوْجَةَ لَمَّا لَمْ تَكُنْ مَمْلُوكَةً لَمْ تَدْخُلْ إلَّا بِإِدْخَالِهَا فِي جَمِيعِ مَا أَمْلِكُ بِخِلَافِ " الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ " فَإِنَّهُ شَامِلٌ لَهَا فَاحْتِيجَ إلَى إخْرَاجِهَا مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ فَقَوْلُهُ وَلَمْ يُرِدْ إدْخَالَهَا خَاصٌّ بِقَوْلِهِ أَوْ جَمِيعُ مَا أَمْلِكُ حَرَامٌ، وَقَوْلُهُ (قَوْلَانِ) رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ مِنْ الْفُرُوعِ الثَّلَاثَةِ.

(ص) وَإِنْ قَالَ سَائِبَةٌ مِنِّي أَوْ عَتِيقَةٌ أَوْ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَكِ حَلَالٌ وَلَا حَرَامٌ حُلِّفَ عَلَى نَفْيِهِ فَإِنْ نَكَلَ نُوِّيَ فِي عَدَدِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ الَّتِي دَخَلَ بِهَا أَوْ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَحَدَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ وَقَالَ لَمْ أُرِدْ بِذَلِكَ الطَّلَاقَ فَإِنَّهُ يُحَلَّفُ أَنَّهُ مَا أَرَادَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ فَإِنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ عَلَيْهِ وَلَكِنْ يُنَوَّى فِي عَدَدِهِ أَيْ فِيمَا أَرَادَ وَيُقْبَلُ مِنْهُ لِأَنَّ نُكُولَهُ أَثْبَتَ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَرَادَ الطَّلَاقَ وَأَنَّهُ كَاذِبٌ فِي قَوْلِهِ لَمْ أُرِدْ طَلَاقًا فَكَأَنَّهُ قَالَ أَرَدْت الطَّلَاقَ فَلِذَلِكَ نُوِّيَ فِي عَدَدِهِ وَبِهَذَا يُرَدُّ قَوْلُ الْبِسَاطِيِّ كَيْفَ يُقْبَلُ مِنْهُ أَنَّهُ أَرَادَ كَذَا مِنْ الْعَدَدِ وَهُوَ مُنْكِرٌ أَصْلَ الطَّلَاقِ وَلَيْسَ لَنَا فِي هَذَا إلَّا مَحْضُ التَّقْلِيدِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَدَّعِ نِيَّةً بِشَيْءٍ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَقَوْلُهُ (وَعُوقِبَ) رَاجِعٌ لِهَذَا الْقِسْمِ وَلِلسَّابِقِ فِي قَوْلِهِ وَنُوِّيَ فِيهِ وَفِي عَدَدِهِ فِي اذْهَبِي إلَخْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَيُنَوَّى فِي غَيْرِهَا) أَيْ فَيَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَلَكِنَّ ظَاهِرَ مَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا وَهُوَ مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي شَرْحِ شب.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُنَوَّى فِي الْمَدْخُولِ بِهَا) وَأَمَّا غَيْرُهَا فَيُنَوَّى (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَاءَ مُسْتَفْتِيًا عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ رُشْدٍ الْقَائِلِ يُنَوَّى فِي الْعَدَدِ إذَا جَاءَ مُسْتَفْتِيًا وَفِي عب مَا يُفِيدُ اعْتِمَادَهُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ حَكَى ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى اللُّزُومِ) وَلِذَلِكَ كَانَ هُوَ الْقَوْلَ الرَّاجِحَ وَلِذَا قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ كَانَ اللَّائِقُ بِالْمُصَنِّفِ أَنْ يَجْزِمَ بِمَا حَكَى ابْنُ رُشْدٍ عَلَيْهِ الِاتِّفَاقَ لِأَنَّ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى شُذُوذِ مُقَابِلِهِ.

(قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ عَلَى وَجْهِكِ حَرَامٌ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ اللَّفْظَ فَقَطْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ قَالَ لَهَا وَجْهِي عَلَى وَجْهِكِ حَرَامٌ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ عَلَى وَجْهِكِ حَرَامٌ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ وَجْهِكِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ " عَلَى وَجْهِكِ " مُتَعَلِّقٌ بِحَرَامٌ الَّذِي هُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْهُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ مَا أَعِيشُ فِيهِ حَرَامٌ) الْقَوْلَانِ فِي هَذِهِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ (قَوْلُهُ: فَهَلْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ) وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ بَلْ اعْتَرَضَ الْمُصَنِّفَ ابْنُ غَازِيٍّ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا قَوْلَانِ وَإِنَّمَا فِيهَا لُزُومُ الطَّلَاقِ وَفِي شَرْحِ عب وَيَنْبَغِي أَنْ يَفْصِلَ فِي النِّيَّةِ كَالَّتِي قَبْلَهَا فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ) وَإِنْ أَدْخَلَهَا فِي يَمِينِهِ هَذَا بَعِيدٌ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا عَلَيَّ الْحَرَامُ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ عَلَيَّ حَرَامٌ وَعَلَيَّ الْحَرَامُ أَنَّ " عَلَيَّ الْحَرَامُ " اُسْتُعْمِلَ فِي الْعُرْفِ فِي حَلِّ الْعِصْمَةِ بِخِلَافِ " عَلَيَّ حَرَامٌ " فَمَنْ قَاسَ " عَلَيَّ الْحَرَامُ " عَلَى " عَلَيَّ حَرَامٌ " فَقَدْ أَخْطَأَ فِي الْقِيَاسِ لِوُجُودِ الْفَارِقِ وَخَالَفَ الْمَنْصُوصَ فِي كَلَامِهِمْ فِي " عَلَيَّ الْحَرَامُ " أَفَادَهُ عج.

(قَوْلُهُ: حُلِّفَ عَلَى نَفْيِهِ) مَحَلُّهُ فِي سَائِبَةٍ حَيْثُ لَا بِسَاطَ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِهِ كَقَوْلِهِ لَهَا عِنْدَ خُرُوجِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ يَا سَائِبَةُ فَهَلْ يُحَلَّفُ أَيْضًا أَوْ يُصَدَّقُ بِغَيْرِ يَمِينٍ
(قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ) اُنْظُرْ كَيْفَ لَزِمَتْ الثَّلَاثُ بِلَفْظٍ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ حَيْثُ لَمْ يَنْوِ عَدَدًا مَعَ أَنَّهُ إذَا قَالَ: زَوْجَتُهُ طَالِقٌ أَوْ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لَا يَفْعَلُ كَذَا وَفَعَلَهُ يَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ حَتَّى يَنْوِيَ أَكْثَرَ مِنْهَا مَعَ أَنَّهُ طَلَاقٌ صَرِيحٌ، وَسَائِبَةٌ وَحُرَّةٌ وَمُعْتَقَةٌ كِنَايَاتٌ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ هُنَا لَمَّا نَكَلَ اُتُّهِمَ عَلَى أَنَّهُ نَوَى الثَّلَاثَ بِخِلَافِ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ مَا يُوجِبُ تُهْمَتَهُ كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ مِنْ مَشَايِخِ مَشَايِخِنَا
(قَوْلُهُ: وَعُوقِبَ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ حُلِّفَ لَا عَلَى قَوْلِهِ نُوِّيَ فِي عَدَدِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ عَطْفَهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا يُفِيدُ أَنَّهُ يُعَاقَبُ فِيمَا إذَا حَلَفَ أَيْضًا وَأَمَّا إذَا عُطِفَ عَلَى نُوِّيَ فَلَا يُفِيدُ أَنَّهُ يُعَاقَبُ فِيمَا إذَا حَلَفَ (قَوْلُهُ: وَلِلسَّابِقِ فِي قَوْلِهِ وَنُوِّيَ فِيهِ وَفِي عَدَدِهِ فِي اذْهَبِي إلَخْ) أَيْ إذَا قَصَدَ بِهِ الطَّلَاقَ فَفِيهِ تَلْبِيسٌ مِنْ حَيْثُ الْوَاحِدَةُ أَوْ أَكْثَرُ

الصفحة 47