كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 4)

لِتَلْبِيسِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا أَرَادَ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ أَنَّهُ يُعَاقَبُ حَلَفَ أَوْ نَكَلَ.

(ص) وَلَا يُنَوَّى فِي الْعَدَدِ إنْ أَنْكَرَ قَصْدَ الطَّلَاقِ بَعْدَ قَوْلِهِ أَنْتِ بَائِنٌ أَوْ بَرِيَّةٌ أَوْ خَلِيَّةٌ أَوْ بَتَّةٌ جَوَابًا لِقَوْلِهَا أَوَدُّ لَوْ فَرَّجَ اللَّهُ لِي مِنْ صُحْبَتِك (ش) مَوْضُوعُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا قَالَتْ لِزَوْجِهَا أَوَدُّ لَوْ فَرَّجَ اللَّهُ لِي مِنْ صُحْبَتِك فَقَالَ لَهَا جَوَابًا لِذَلِكَ أَنْتِ بَائِنٌ أَوْ أَنْتِ خَلِيَّةٌ أَوْ أَنْتِ بَرِيَّةٌ أَوْ قَالَ لَهَا - جَوَابَ قَوْلِهَا -: أَنَا بَائِنٌ مِنْك أَوْ أَنَا بَرِيءٌ مِنْك أَوْ خَلِيٌّ أَوْ أَنَا بَاتٌّ مِنْك وَقَالَ لَمْ أُرِدْ بِذَلِكَ الطَّلَاقَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ فِي كُلِّ لَفْظٍ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ وَلَا تُقْبَلُ نِيَّتُهُ فِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ وَانْظُرْ التَّفْصِيلَ فِي مَفْهُومِ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ " إنْ أَنْكَرَ قَصْدَ الطَّلَاقِ " فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ.

(ص) وَإِنْ قَصَدَهُ بِ " اسْقِنِي " الْمَاءَ أَوْ بِكُلِّ كَلَامٍ لَزِمَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: اسْقِنِي الْمَاءَ أَوْ اُدْخُلِي أَوْ اُخْرُجِي أَوْ كُلِي أَوْ اشْرَبِي أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ مِنْ أَلْفَاظِهِ وَلَا مِنْ أَلْفَاظِ صَرِيحِ الظِّهَارِ وَقَصَدَ بِذَلِكَ الطَّلَاقَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ مِنْ الْكِنَايَاتِ الْخَفِيَّةِ فَيَلْزَمُهُ مَا نَوَاهُ مِنْ طَلْقَةٍ فَأَكْثَرَ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقًا فَلَا وَأَمَّا لَوْ فَعَلَ فِعْلًا كَضَرْبِهَا وَنَحْوِهِ وَقَالَ أَرَدْت بِهِ الطَّلَاقَ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَقَوْلُنَا وَلَا مِنْ أَلْفَاظِ صَرِيحِ الظِّهَارِ احْتِرَازًا مِنْ صَرِيحِ الظِّهَارِ فَإِنَّهُ لَا يَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ وَلَوْ قَصَدَهُ عَلَى مَا يَأْتِي فِي بَابِهِ مِنْ قَوْلِهِ وَصَرِيحُهُ بِظَهْرٍ مُؤَبَّدٌ وَلَا يَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ، وَهَلْ يُؤَاخَذُ بِالطَّلَاقِ مَعَهُ إذَا نَوَاهُ مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ؟ تَأْوِيلَانِ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ " اسْقِنِي الْمَاءَ " مِنْ الْكِنَايَاتِ الْخَفِيَّةِ صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْكِنَايَةَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي لَازِمِ مَعْنَاهُ وَاسْقِنِي الْمَاءَ لَيْسَ مَدْلُولُهُ الطَّلَاقَ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الطَّلَاقِ بِالنِّيَّةِ وَاللَّفْظِ لَا مِنْ بَابِ النِّيَّةِ الْمُجَرَّدَةِ عَنْ اللَّفْظِ لِأَنَّهَا لَا يَلْزَمُ بِهَا طَلَاقٌ.

(ص) لَا إنْ قَصَدَ التَّلَفُّظَ بِالطَّلَاقِ فَلَفَظَ بِهَذَا غَلَطًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَصَدَ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ فَسَبَقَ لِسَانُهُ بِلَفْظٍ لَا يَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ بِأَنْ قَالَ اسْقِنِي الْمَاءَ أَوْ اُدْخُلِي أَوْ اُخْرُجِي فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُوقِعْ الطَّلَاقَ بِنِيَّتِهِ وَإِنَّمَا أَرَادَ إيقَاعَهُ بِلَفْظِهِ فَوَقَعَ فِي الْخَارِجِ غَيْرُ هَذَا اللَّفْظِ فَلَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ بِنِيَّةٍ وَلَا بِلَفْظٍ أَرَادَهُ بِهِ.

(ص) أَرَادَ أَنْ يُنَجِّزَ الثَّلَاثَ فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَسَكَتَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا فَقَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ وَسَكَتَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَتَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهَا الثَّلَاثَ فَتَلْزَمَهُ.

(ص) وَسُفِّهَ قَائِلُ: يَا أُمِّي وَيَا أُخْتِي (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: يَا أُمِّي أَوْ قَالَ لَهَا: يَا أُخْتِي أَوْ: يَا عَمَّتِي وَنَحْوَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُسَفَّهُ أَيْ يُعَدُّ هَذَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَانْظُرْ التَّفْصِيلَ إلَخْ) وَنَصُّ ك: وَأَمَّا إنْ لَمْ يُنْكِرْ قَصْدَ الطَّلَاقِ بَلْ قَالَ قَصَدْته وَقَصَدْت وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ عَلَى مَا مَرَّ فَلَا يُنَوَّى فِي بَتَّةٍ مُطْلَقًا وَيُنَوَّى فِي غَيْرِهَا إذَا لَمْ يَبْنِ قَالَهُ س زَادَ الْأُجْهُورِيُّ فِي شَرْحِهِ وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَيْضًا بِطُرَّةِ الشَّارِحِ لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ بِصِيغَةِ يَنْبَغِي وَكَلَامُ الْمَوَّاقِ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ التَّعْبِيرَ بِ " يَنْبَغِي " قُصُورٌ انْتَهَى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَوَابًا مَعَ إنْكَارِهِ قَصْدَ الطَّلَاقِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ تَقَدَّمَ كَلَامٌ يَدُلُّ عَلَى مَا قَالَهُ وَإِلَّا لَزِمَهُ الثَّلَاثُ وَهُوَ جَارٍ عَلَى الْقَاعِدَةِ أَنَّ الْكِنَايَةَ الظَّاهِرِيَّةَ يَلْزَمُ بِهَا الثَّلَاثُ إذَا قَصَدَ بِهَا الطَّلَاقَ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا وَأَمَّا إذَا قَصَدَ عَدَمَ الطَّلَاقِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إنْكَارِهِ الطَّلَاقَ قَصْدُهُ عَدَمَ الطَّلَاقِ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَوَابًا مَعَ عَدَمِ إنْكَارِهِ قَصْدَ الطَّلَاقِ فَكَمَفْهُومِ الشَّرْطِ فَإِذَا قَالَ قَصَدْته وَقَصَدْت وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ فَلَا يُنَوَّى فِي الْمَدْخُولِ بِهَا مُطْلَقًا وَيُنَوَّى فِي غَيْرِهَا إلَّا فِي بَتَّةٍ.

(قَوْلُهُ: اسْقِنِي الْمَاءَ) خِطَابًا لَهَا بِصِيغَةِ الْمُذَكَّرِ لَحْنًا أَوْ عَلَى إرَادَةِ الشَّخْصِ أَوْ اسْتِهْزَاءً بِهَا أَوْ تَعْظِيمًا لَهَا وَأَوْلَى أَمْرُهَا بِقَوْلِهِ اسْقِينِي الْمَاءَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ) مَا لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِاسْتِعْمَالِهِ فِي الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ وَلَوْ قَصَدَهُ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي غَيْرِ بَابِ الطَّلَاقِ لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ وَلَوْ نَوَاهُ إلَّا مَا نَصُّوا عَلَيْهِ كَحُرَّةٍ وَانْظُرْ لِمَ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْكِنَايَةِ الْخَفِيَّةِ (قَوْلُهُ: مَعَهُ) أَيْ الظِّهَارِ وَقَوْلُهُ: إذَا نَوَاهُ أَيْ نَوَى الطَّلَاقَ وَقَوْلُهُ: مَعَ الْبَيِّنَةِ أَيْ عِنْدَ الطَّلَاقِ أَيْ فَالظِّهَارُ يُؤَاخَذُ بِهِ اتِّفَاقًا وَهَلْ يُؤَاخَذُ بِالطَّلَاقِ الَّذِي نَوَاهُ تَأْوِيلَانِ رَاجِعْ بَابَ الظِّهَارِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ مَدْلُولُهُ الطَّلَاقَ) أَيْ مَدْلُولُهُ الِالْتِزَامِيُّ أَيْ فَالطَّلَاقُ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا لِمَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ وَهُوَ طَلَبُ السَّقْيِ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْكِنَايَةِ اللُّغَوِيَّةِ هِيَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي مَعْنًى غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ اللَّفْظُ فَلَيْسَتْ حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا وَلَا كِنَايَةً قَالَ عج وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَإِنْ قَصَدَهُ بِكُلِّ صَوْتٍ كَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ لِشُمُولِهِ مَا إذَا قَصَدَهُ بِصَوْتٍ سَاذَجٍ أَيْ خَالٍ مِنْ الْحُرُوفِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا قَصَدَهُ بِالصَّوْتِ الْخَارِجِ مِنْ الْأَنْفِ لَزِمَهُ وَأَمَّا إنْ قَصَدَهُ بِالصَّوْتِ الْحَاصِلِ مِنْ الْهَوَاءِ الْمُنْضَغِطِ بَيْنَ قَارِعٍ وَمَقْرُوعٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَقَصْدِهِ بِالْفِعْلِ وَالْفِعْلُ لَا يَحْصُلُ بِهِ الطَّلَاقُ وَلَوْ قَصَدَهُ بِهِ وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ اُعْتِيدَ اسْتِعْمَالُهُ لِلطَّلَاقِ وَإِلَّا لَزِمَ وَمَا لَمْ يَنْضَمَّ إلَيْهِ مِنْ الْقَرَائِنِ مَا يَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ الطَّلَاقِ بِهِ عَلَى مَا يَذْكُرُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَزِمَ بِالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يُوقِعْ الطَّلَاقَ بِنِيَّتِهِ) أَيْ نِيَّةِ اسْقِنِي أَيْ لَمْ يُوقِعْ الطَّلَاقَ بِ " اسْقِنِي " الْمُصَاحِبِ لِنِيَّتِهِ أَيْ لِنِيَّةِ حُصُولِ الطَّلَاقِ بِهِ وَهَكَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِالضَّمِيرِ (قَوْلُهُ: بِلَفْظِهِ) أَيْ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ بِنِيَّةٍ) نُسْخَتُهُ مُحْتَمِلَةٌ لِوُجُودِ ضَمِيرٍ وَعَدَمِهِ وَالْمُتَبَادَرُ مِنْهَا عَدَمُهُ إلَّا أَنَّ الْمَعْنَى عَلَيْهِ أَيْ فَلَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ بِنِيَّةِ اسْقِنِي وَلَا بِلَفْظٍ أَرَادَ الطَّلَاقَ بِهِ وَهُوَ أَنْتِ طَالِقٌ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ) أَيْ لَا فِي الْفَتْوَى وَلَا فِي الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهَا الثَّلَاثَ) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ، وَعَكَسَ الْمُصَنِّفُ: يُنَوَّى فِي الْفَتْوَى عِنْدَ سَحْنُونَ وَقَالَ مَالِكٌ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ

الصفحة 48