كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 4)

فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ قَالَ إنْ كَانَ أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ مَنْ ذُكِرَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَهَذَا فِي غَيْرِ مَنْ ثَبَتَ فِيهِمْ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ كَالْعَشَرَةِ وَكُلِّ مَنْ أُخْبِرَ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَنْ شَهِدَ لَهُ الْإِجْمَاعُ بِعَدَالَتِهِ وَصَلَاحِهِ كَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا حِنْثَ عَلَى مَنْ حَلَفَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَتَوَقَّفَ فِيهِ مَالِكٌ وَرَجَّحَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا حِنْثَ عَلَى مَنْ حَلَفَ عَلَى صِحَّةِ جَمِيعِ مَا فِي الْمُوَطَّأِ وَيَحْنَثُ فِي غَيْرِهِ وَلَا فَرْقَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْحِنْثِ بَيْنَ حَلِفِهِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَوْ لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ رُشْدٍ الْحِنْثَ فِي الْأَوَّلِ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ النَّارَ وَعَدَمَهُ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يُخَلَّدُ فِيهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ حُمِلَ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فَيَحْنَثُ فِيهِمَا وَالْأَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ " إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ " مَحْمُولٌ عَلَى الْأَوَّلِ فَيَحْنَثُ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ الْجَنَّةَ عَلَى الثَّانِي فَلَا يَحْنَثُ انْتَهَى.

(ص) أَوْ إنْ كُنْتِ حَامِلًا أَوْ إنْ لَمْ تَكُونِي (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَإِنْ كَانَ فِي بَطْنِك غُلَامٌ أَيْ مِنْ الْفُرُوعِ الَّتِي لَا تُعْلَمُ حَالًا وَتُعْلَمُ مَآلًا وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُنَجَّزُ الطَّلَاقُ عَلَى مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ كُنْت حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ إنْ لَمْ تَكُونِي حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ هَذَا إنْ مَسَّهَا فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ وَأَنْزَلَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ قَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ كَانَ فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّ فِيهِ أَوْ مَسَّ فِيهِ وَلَمْ يُنْزِلْ كَانَ مَحْمَلُهَا عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ الْحَمْلِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَحُمِلَتْ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْهُ فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّ فِيهِ وَاخْتَارَهُ مَعَ الْعَزْلِ (ش) أَيْ وَحُمِلَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ الْحَمْلِ فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّهَا فِيهِ أَوْ مَسَّهَا فِيهِ وَلَمْ يُنْزِلْ فَإِذَا قَالَ لَهَا: أَنْتَ طَالِقٌ إنْ كُنْتِ حَامِلًا لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ قَالَ: إنْ لَمْ تَكُونِي حَامِلًا طَلَقَتْ ابْنُ عَرَفَةَ فِي هَذَا: عَلَى الْمَشْهُورِ - أَنَّ الْحَامِلَ تَحِيضُ - نَظَرًا لِلَّخْمِيِّ وَكَذَلِكَ أَرَى أَنْ تُحْمَلَ عَلَى الْبَرَاءَةِ أَيْضًا إنْ كَانَ يُنْزِلُ وَيَعْزِلُ لِأَنَّ الْحَمْلَ عَلَى ذَلِكَ نَادِرٌ فَلَا تَطْلُقُ فِي إنْ كُنْتِ حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَتَطْلُقُ فِي إنْ لَمْ تَكُونِي حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ لَكِنَّ مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُ.

(ص) أَوْ لَمْ يُمْكِنْ اطِّلَاعُنَا عَلَيْهِ كَإِنْ شَاءَ اللَّهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الصِّيغَتَيْنِ لِأَنَّ الْمَشِيئَةَ لَا تَنْفَعُ فِي غَيْرِ اللَّهِ (ص) أَوْ الْمَلَائِكَةُ أَوْ الْجِنُّ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يُنَجَّرُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إذَا عَلَّقَ عَلَى مَشِيئَةٍ مُغَيَّبَةٍ عَنَّا كَإِنْ شَاءَتْ الْمَلَائِكَةُ أَوْ الْجِنُّ لِلْجَهْلِ لَنَا بِذَلِكَ فَالْعِصْمَةُ مَشْكُوكٌ فِيهَا (ص) أَوْ صَرَفَ الْمَشِيئَةَ عَلَى مُعَلَّقٍ عَلَيْهِ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إذَا وُجِدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ إذَا صَرَفَ الْمَشِيئَةَ لِلْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْتُ أَنَا الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ إنْ دَخَلَ فُلَانٌ الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَإِذَا وُجِدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَهُوَ الدُّخُولُ مِنْ الْمَحْلُوفِ عَلَى عَدَمِ دُخُولِهِ نُجِّزَ عَلَيْهِ وَلَا يُفِيدُهُ صَرْفُ الْمَشِيئَةِ عَلَى دُخُولِ الدَّارِ وَهُوَ الْفِعْلُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ.

(ص) بِخِلَافِ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي فِي الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَقَطْ (ش) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى أَمْرٍ نَحْوُ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ أَوْ إنْ لَمْ أَدْخُلْهَا أَوْ تَدْخُلِيهَا إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي، فَيُفِيدُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا صَرَفَ الْإِرَادَةَ إلَى الْفِعْلِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَقَطْ وَهُوَ الدُّخُولُ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْأَمْرَ مَوْقُوفًا عَلَى إرَادَتِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَإِنْ شَاءَ جَعَلَ دُخُولَ الدَّارِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQيُوَافِقُهَا فِي الْمَعْنَى هِيَ الَّتِي يَأْتِي فِيهَا تَقْيِيدُ التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ: ابْنِ سَلَامٍ) بِتَخْفِيفِ اللَّامِ (قَوْلُهُ: مَنْ شَهِدَ لَهُ الْإِجْمَاعُ إلَخْ) أَيْ وَالْإِجْمَاعُ مَعْصُومٌ (قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ حَلَفَ أَنَّهُ) أَيْ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ (قَوْلُهُ: وَتَوَقَّفَ فِيهِ مَالِكٌ) أَيْ فِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَقَالَ: رَجُلٌ صَالِحٌ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَيَحْنَثُ فِي غَيْرِهِ) قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لَهُ بَلْ كَذَلِكَ كُتُبُ الصَّحِيحِ كَالْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ أَيْ لَوْ حَلَفَ أَنَّ مَا فِيهَا صَحِيحٌ إلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ الْعُلَمَاءُ وَحَكَمُوا بِضَعْفِهِ وَالْمُرَادُ بِالصَّحِيحِ مَا كَانَ صَحِيحًا فِي الظَّاهِرِ وَإِنْ لَمْ يُقْطَعْ بِصِحَّتِهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَأَمَّا مَا فِي الْمُوَطَّأِ فَكُلُّهُ صَحِيحٌ لِأَنَّ مَالِكًا لَمْ يَجْعَلْ فِيهَا إلَّا مَا هُوَ صَحِيحٌ عِنْدَهُ وَلَا عِبْرَةَ بِتَضْعِيفِ غَيْرِهِ لَوْ ضَعَّفَ (قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْحِنْثِ) أَيْ بِخِلَافِ ابْنِ وَهْبٍ يَقُولُ بِعَدَمِ الْحِنْثِ مُوَافِقًا لِلَّيْثِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن: 46] (قَوْلُهُ: وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ رُشْدٍ إلَخْ) بَعِيدٌ وَالْأَظْهَرُ إبْقَاءُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى إطْلَاقِهِ (قَوْلُهُ: فَيَحْنَثُ فِيهِمَا) أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ الْمُتَعَلِّقَتَيْنِ بِالْأُولَى وَهُمَا إذَا أَرَادَ أَنْ لَا يَدْخُلَ النَّارَ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ إلَخْ) هَذَا كَلَامُ الشَّيْخِ سَالِمٍ وَقَوْلُهُ: انْتَهَى أَيْ كَلَامُ الشَّيْخِ سَالِمٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَسَبَهُ لَهُ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: أَنَّ قَوْلَهُ) أَيْ الْحَالِفِ.

(قَوْلُهُ: فِي هَذَا نَظَرٌ) أَيْ فِي عَدَمِ الْحِنْثِ فِيمَا إذَا كَانَ فِي طُهْرٍ وَلَمْ يَمَسَّ فِيهِ أَوْ مَسَّ وَلَمْ يُنْزِلْ نَظَرٌ إذَا ذَهَبْنَا لِلْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ الْحَامِلَ تَحِيضُ أَيْ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ حَامِلًا وَلَوْ حَاضَتْ وَطَهُرَتْ وَلَمْ يَمَسَّ فِيهِ أَوْ مَسَّ وَلَمْ يُنْزِلْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَاءَ يَسْبِقُ) فِيهِ أَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ يَقُولُ بِهَا اللَّخْمِيُّ لِأَنَّ السَّبْقَ نَادِرٌ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ اللَّخْمِيِّ لِأَنَّ الْحَمْلَ نَادِرٌ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ الْمَاءَ يَسْبِقُ كَثِيرًا وَالْعِبْرَةُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ الْمَظِنَّةُ وَهِيَ الْمُعْتَبَرَةُ وَإِنْ نَدَرَ الْحَمْلُ وَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: أَوْ صَرَفَ الْمَشِيئَةَ) أَيْ لِلَّهِ أَوْ الْمَلَائِكَةِ أَوْ الْجِنِّ فَأَلْ لِلْعَهْدِ الذِّكْرِيِّ وَقَوْلُهُ: عَلَى مُعَلَّقٍ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ صَرَفَ لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى حَمَلَ وَنَصَّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ إذْ التَّنْجِيزُ فِيمَا إذَا صَرَفَهَا لِلْمُعَلَّقِ وَهُوَ الطَّلَاقُ أَوْلَى لِعَدَمِ إفَادَتِهِ فِي غَيْرِ اللَّهِ كَمَا قَدَّمَ وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ يَصْرِفُهَا لِشَيْءٍ إذَا وُجِدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ فِيهِمَا.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي إلَخْ) أَيْ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي أَنْ لَا أَجْعَلَهُ سَبَبًا فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَكَأَنَّهُ مَا عَقَدَهُ تت أَوْ إلَّا أَنْ أَشَاءَ أَوْ إلَّا أَنْ أَرَى خَيْرًا مِنْهُ أَوْ إلَّا أَنْ يُغَيِّرَ اللَّهُ مَا فِي خَاطِرِي فَلَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ بَلْ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَلَا عِبْرَةَ بِإِرَادَتِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ شَاءَ جَعَلَ دُخُولَ إلَخْ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ هَذَا حُكْمٌ مُسْتَأْنَفٌ وَأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إذَا نَوَى جَعْلَهُ سَبَبًا وَلَا يَظْهَرُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ وَلَوْ أَرَادَ جَعْلَهُ سَبَبًا وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ تَصْوِيرًا لِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْأَمْرَ

الصفحة 57