كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 4)

وَذَكَرَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي مَسْأَلَةِ الْفِعْلَيْنِ أَنَّهُ يُحَلَّفُ عَلَى كَذِبِ مَا شَهِدَا بِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي الْفَتْوَى وَأَنَّهُ إنْ نَكَلَ حُبِسَ وَإِنْ طَالَ وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوعِ إلَيْهِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ فِيمَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوعِ عَنْهُ فَيَلْزَمُهُ حَيْثُ نَكَلَ طَلْقَتَانِ كَمَا ذَكَرَهُ ح.

(ص) وَإِنْ شَهِدَا بِطَلَاقِ وَاحِدَةٍ وَنَسِيَاهَا لَمْ تُقْبَلْ وَحُلِّفَ مَا طَلَّقَ وَاحِدَةً (ش) يَعْنِي لَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ أَنَّهُ طَلَّقَ وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً مِنْ نِسَائِهِ ثُمَّ نَسِيَا اسْمَهَا وَالزَّوْجُ يُكَذِّبُهُمَا فِي ذَلِكَ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ لَا تُقْبَلُ حِينَئِذٍ عَلَى الْمَشْهُورِ لِعَدَمِ تَعْيِينِ الْمَشْهُودِ بِطَلَاقِهِمَا لَكِنَّهُ يَلْزَمُ الزَّوْجَ الْيَمِينُ أَنَّهُ مَا طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْ نِسَائِهِ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ وَإِنْ طَالَ دُيِّنَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا لَزِمَ الزَّوْجَ الْيَمِينُ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ أَوْجَبَتْ التُّهْمَةَ وَإِنْ بَطَلَتْ الشَّهَادَةُ.

(ص) وَإِنْ شَهِدَ ثَلَاثَةٌ بِيَمِينٍ وَنَكَلَ فَالثَّلَاثُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا شَهِدَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةٌ كُلٌّ بِيَمِينٍ كَمَا إذَا شَهِدَ عَلَيْهِ وَاحِدٌ أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا وَأَنَّهُ كَلَّمَهُ وَشَهِدَ عَلَيْهِ آخَرُ أَنَّهُ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَرْكَبُ الدَّابَّةَ وَأَنَّهُ رَكِبَهَا وَشَهِدَ ثَالِثٌ أَنَّهُ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ دَارَ زَيْدٍ وَأَنَّهُ دَخَلَهَا فَإِنَّهُ يُحَلَّفُ لِرَدِّ شَهَادَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ عِنْدَ رَبِيعَةَ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ مَالِكٍ يَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ لِاجْتِمَاعِ اثْنَيْنِ عَلَيْهَا وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَمُطَرِّفٍ وَعَبْدِ الْمَلِكِ فَإِنْ نَكَلَ طَلَقَتْ عَلَيْهِ ثَلَاثًا عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ فِي التَّطْلِيقِ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ وَهُوَ الْمَرْجُوعُ عَنْهُ وَالْمَرْجُوعُ إلَيْهِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إذَا نَكَلَ يُحْبَسُ حَتَّى يَحْلِفَ وَإِنْ طَالَ دُيِّنَ.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى أَرْكَانِ الطَّلَاقِ وَكَانَ مِنْهَا الْأَهْلُ وَهُوَ الزَّوْجُ أَصَالَةً شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى نَائِبِهِ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ تَوْكِيلٌ وَرِسَالَةٌ وَتَمْلِيكٌ وَتَخْيِيرٌ فَقَالَ: (فَصْلٌ: فِي ذِكْرِ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ وَأَحْكَامِهَا) وَقَدْ عَرَّفَ ابْنُ عَرَفَةَ كُلًّا مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ اُنْظُرْهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ (ص) إنْ فَوَّضَهُ لَهَا تَوْكِيلًا فَلَهُ الْعَزْلُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا فَوَّضَ الطَّلَاقَ إلَى زَوْجَتِهِ عَلَى سَبِيلِ التَّوْكِيلِ فَلَهُ أَنْ يَعْزِلَهَا قَبْلَ إيقَاعِهِ كَمَا لِكُلِّ مُوَكِّلٍ ذَلِكَ، وَالضَّمِيرُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِشُرْبِهَا فَيُحَدُّ، الْحَاصِلُ أَنَّ شَارِحَنَا ذَكَرَ فِي مَسْأَلَةِ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ عَدَمَ الْيَمِينِ وَذَكَرَ عَنْ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي الْفِعْلَيْنِ الْيَمِينَ.

(قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) مُقَابِلُهُ اللَّخْمِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ أَرَى أَنْ يُحَالَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يُقِرَّ أَوْ تَقْطَعَ الْبَيِّنَةُ بِالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ.
(تَنْبِيهٌ) : هَذَا حُكْمُ إنْكَارِهِ وَأَمَّا لَوْ صَدَّقَهُمَا وَادَّعَى النِّسْيَانَ أَيْضًا لَطَلَقْنَ كُلُّهُنَّ وَإِنْ عَيَّنَهَا لَصُدِّقَ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُحَلَّفُ لِرَدِّ شَهَادَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ) أَيْ يُحَلَّفُ يَمِينًا وَاحِدَةً عَلَى تَكْذِيبِ الْجَمِيعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَدْرُ فِي شَرْحِهِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ رَبِيعَةَ) بَلْ وَعِنْدَ غَيْرِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَلَا بِفِعْلَيْنِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْحُكْمَ فِي التَّعَالِيقِ الْمُخْتَلِفَةِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَيُحَلَّفُ فَإِنْ نَكَلَ فَيَتَّفِقُ رَبِيعَةُ مَعَ مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ الْمَرْجُوعِ عَنْهُ إنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَيُحَلَّفُ فِي الْمَرْجُوعِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّهُ) أَيْ عِنْدَهُ أَيْ مَالِكٍ يُحْبَسُ فَإِنْ طَالَ دُيِّنَ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُهُ - وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ مَالِكٍ " يَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ لِاجْتِمَاعِ اثْنَيْنِ عَلَيْهَا " - لَا يَظْهَرُ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي التَّعَالِيقِ الْمُتَّحِدَةِ وَفِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ تَعْلِيقٌ وَشَهِدَ ثَلَاثَةٌ كُلُّ وَاحِدٍ بِطَلْقَةٍ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُمَا اخْتِلَافٌ عِنْدَ الْقَابِسِيِّ فِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ لِاجْتِمَاعِ اثْنَيْنِ عَلَيْهَا وَيُحَلَّفُ لِرَدِّ شَهَادَةِ الثَّالِثِ فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ طَلْقَةٌ ثَانِيَةٌ وَعَلَيْهِ فَهُمَا مُتَّفِقَانِ لَكِنْ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ الْمَرْجُوعِ عَنْهُ فِيمَا إذَا نَكَلَ هَذَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْحَطَّابِ وَغَيْرِهِ وَلَمْ أَرَ فِي كَلَامِهِمْ مَا يُفِيدُ أَنَّ لِرَبِيعَةَ قَوْلًا فِيمَا إذَا نَكَلَ أَنْ يُحْبَسَ فَإِنْ طَالَ دُيِّنَ كَمَا هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ وَأَمَّا عِنْدَ غَيْرِ الْقَابِسِيِّ فَالْخِلَافُ بَيْنَ رَبِيعَةَ وَمَالِكٍ جَارٍ فِيهِمَا وَهُوَ أَنَّ رَبِيعَةَ يَقُولُ إنْ حَلَفَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِيهِمَا وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ وَأَمَّا مَالِكٌ فَيَقُولُ يَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ لِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ وَيُحَلَّفُ لِرَدِّ شَهَادَةِ الثَّالِثِ فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ ثَانِيَةٌ عَلَى قَوْلِهِ الْمَرْجُوعِ عَنْهُ وَأَمَّا عَلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ وَإِنْ طَالَ دُيِّنَ فَالْخِلَافُ بَيْنَ رَبِيعَةَ وَمَالِكٍ فِيهِمَا فِي حَالَتَيْ الْحَلِفِ وَالنُّكُولِ وَعَلَى هَذَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ شَهِدَ ثَلَاثَةٌ فَهُوَ إنَّمَا يَجْرِي فِي التَّعَالِيقِ الْمُخْتَلِفَةِ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ الْمَرْجُوعِ عَنْهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ مِنْ أَنَّهُ إذَا نَكَلَ لَزِمَهُ الثَّلَاثَةُ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوعِ إلَيْهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَإِنَّهُ إذَا نَكَلَ سُجِنَ فَإِنْ طَالَ دُيِّنَ.

[فَصْلٌ فِي التوكيل فِي الطَّلَاق]
(قَوْلُهُ: تَوْكِيلٌ) أَيْ ذُو تَوْكِيلٍ (قَوْلُهُ: وَقَدْ عَرَّفَ إلَخْ) عِبَارَةُ ك وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى أَرْكَانِ الطَّلَاقِ وَكَانَ مِنْهَا الْأَهْلُ وَهُوَ الزَّوْجُ أَصَالَةً شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى نَائِبِهِ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ النِّيَابَةُ فِيهِ تَوْكِيلٌ وَرِسَالَةٌ وَتَمْلِيكٌ وَتَخْيِيرُ التَّوْكِيلِ جَعْلُ إنْشَائِهِ بِيَدِ الْغَيْرِ بَاقِيًا مَنَعَ الزَّوْجَ مِنْهُ فَلَهُ الْعَزْلُ قَبْلَهُ اتِّفَاقًا وَالضَّمِيرُ الْمُضَافُ إلَى الْإِنْشَاءِ يَعُودُ عَلَى الطَّلَاقِ لِدَلَالَةِ السِّيَاقِ وَالْجِنْسِ وَهُوَ جَعْلٌ مُنَاسِبٌ لِلْمَحْدُودِ وَذَلِكَ يَعُمُّ التَّمْلِيكَ وَالتَّخْيِيرَ، وَقَوْلُهُ " بَاقِيًا مَنَعَ الزَّوْجَ " مِنْهُ يُخْرِجُهُمَا لِأَنَّ لَهُ الْعَزْلَ فِي التَّوْكِيلِ وَأَخْرَجَ الرِّسَالَةَ بِقَوْلِهِ " جَعْلُ " لِأَنَّ الرَّسُولَ لَمْ يُجْعَلْ لَهُ الْإِنْشَاءُ وَهُوَ جَلِيٌّ وَالرِّسَالَةُ جَعْلُ إعْلَامِ الزَّوْجَةِ ثُبُوتَهُ لِغَيْرِهِ إنْ كَانَ اثْنَيْنِ كَفَى أَحَدُهُمَا فَخَرَجَ بِقَوْلِهِ " جَعْلُ إعْلَامِ " الْوَكَالَةُ وَالتَّمْلِيكُ وَالتَّخْيِيرُ وَقَوْلُهُ " ثُبُوتَهُ " أَيْ ثُبُوتَ الطَّلَاقِ أَيْ حُصُولَهُ مِنْ الزَّوْجِ ثُمَّ قَالَ وَالتَّمْلِيكُ جَعْلُ إنْشَائِهِ حَقًّا لِغَيْرِهِ رَاجِحًا فِي الثَّلَاثِ يُخَصُّ بِمَا دُونَهَا بِنِيَّةِ أَحَدِهِمَا فَقَوْلُهُ جَعْلُ إنْشَائِهِ يَدْخُلُ فِيهِ التَّوْكِيلُ فَأَخْرَجَهُ بِقَوْلِهِ حَقًّا لِغَيْرِهِ ثُمَّ أَخْرَجَ التَّخْيِيرَ بِقَوْلِهِ رَاجِحًا فِي الثَّلَاثِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ يُخَصُّ بِمَا دُونَهَا إلَخْ إلَى أَنَّ لَهُ مُنَاكَرَتَهَا فِيمَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ بِخِلَافِ التَّخْيِيرِ فَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ فِي التَّمْلِيكِ وَإِلَّا فَلَا مُنَاكَرَةَ لَهُ وَالضَّمِيرُ فِي دُونَهَا يَعُودُ عَلَى الثَّلَاثِ وَضَمِيرُ " أَحَدُهُمَا " يَعُودُ عَلَى الزَّوْجَيْنِ ثُمَّ قَالَ وَالتَّخْيِيرُ جَعْلُ الزَّوْجِ إنْشَاءَ الطَّلَاقِ ثَلَاثًا حُكْمًا أَوْ نَصًّا عَلَيْهَا حَقًّا لِغَيْرِهِ فَقَوْلُهُ " حُكْمًا أَوْ نَصًّا " أَخْرَجَ بِهِ التَّمْلِيكَ، وَالْحُكْمُ كَقَوْلِهِ خَيَّرْتُكِ وَمَا شَابَهَهُ وَالنَّصُّ مَلَّكْتُكِ ثَلَاثًا قَالَ بَعْضٌ وَفِي جَعْلِ الرِّسَالَةِ دَاخِلَةً فِي النِّيَابَةِ فِي الطَّلَاقِ نَظَرٌ إنَّمَا هُوَ نِيَابَةٌ فِي التَّبْلِيغِ لَا فِي الْإِيقَاعِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ " النِّيَابَةِ " مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْهَا فِي الْإِيقَاعِ وَالتَّبْلِيغِ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ: عَلَى سَبِيلِ التَّوْكِيلِ) هَذَا

الصفحة 69