كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 4)

فِي قَوْلِهِ " فَوَّضَهُ " الْبَارِزُ لِلطَّلَاقِ، وَغَيْرُهُ لِلزَّوْجِ أَيْ فَوَّضَ الزَّوْجُ إيقَاعَ الطَّلَاقِ وَ " تَوْكِيلًا " يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ بِالتَّوْكِيلِ أَيْ بِسَبَبِ التَّوْكِيلِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ أَيْ فَوَّضَ التَّوْكِيلَ لَهَا فَيَكُونُ تَمْيِيزًا مُحَوَّلًا عَنْ الْمَفْعُولِ كَقَوْلِهِمْ غَرَسْت الْأَرْضَ شَجَرًا إلَّا أَنَّ هَذَا النَّوْعَ مِنْ التَّمْيِيزِ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَهُمْ فَالْأَوْلَى أَنَّهُ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ.
(ص) إلَّا لِتَعَلُّقِ حَقٍّ (ش) أَيْ زَائِدٍ عَلَى التَّوْكِيلِ كَمَا إذَا شَرَطَ لَهَا مَثَلًا إذَا تَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَأَمْرُهَا أَوْ أَمْرُ الدَّاخِلَةِ بِيَدِهَا فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْزِلَهَا لِأَنَّ الْحَقَّ - وَهُوَ رَفْعُ الضَّرَرِ عَنْهَا - تَعَلَّقَ لَهَا وَمَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ أَنَّ لَهُ عَزْلَهَا حَيْثُ وَكَّلَهَا مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَهَلْ لَهُ عَزْلُ وَكِيلِهِ قَوْلَانِ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِوَكِيلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَكِيلُهُ عَلَى التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ (ص) لَا تَخْيِيرًا أَوْ تَمْلِيكًا (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى " تَوْكِيلًا " وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ فَلَهُ الْعَزْلُ أَيْ فَلَهُ الْعَزْلُ لَا فِي التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ وَلِهَذَا كَانَ فِي الْعِبَارَةِ قَلَقٌ وَصِيغَةُ التَّخْيِيرِ: اخْتَارِينِي أَوْ اخْتَارِي نَفْسَك وَرَوَى مُحَمَّدٌ أَوْ طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا أَوْ اخْتَارِي أَمْرَكِ وَالتَّمْلِيكُ مُبَاحٌ كَمَا يَأْتِي دُونَ التَّخْيِيرِ وَصِيغَةُ التَّمْلِيكِ كُلُّ لَفْظٍ دَلَّ عَلَى جَعْلِ الطَّلَاقِ بِيَدِهَا أَوْ بِيَدِ غَيْرِهَا دُونَ تَخْيِيرٍ كَقَوْلِهِ أَمْرُكِ بِيَدِكِ وَطَلِّقِي نَفْسَكِ وَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْتِ وَطَلَاقُكِ بِيَدِكِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا مَلَّكْتُكِ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ وَلَّيْتُكِ أَمْرَكِ (ص) وَحِيلَ بَيْنَهُمَا حَتَّى تُجِيبَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا مَلَّكَ زَوْجَتَهُ أَوْ خَيَّرَهَا طَلَاقَهَا فَإِنَّهَا لَا تُمْهَلُ بَلْ يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَتَّى تُجِيبَ بِمَا يَقْتَضِي رَدًّا أَوْ أَخْذًا لِمَا يَأْتِي بِخِلَافِ الْمُوَكَّلَةِ فَإِنَّ الْأَمْرَ بِيَدِهِ لَمْ يُخْرِجْهُ عَنْهُ إلَيْهَا فَلَهُ عَزْلُهَا وَالتَّمَكُّنُ مِنْهَا وَيَنْبَغِي إذَا تَعَلَّقَ بِالتَّوْكِيلِ حَقٌّ أَنْ يَصِيرَ حُكْمُهُ حُكْمَ التَّمْلِيكِ وَالتَّخْيِيرِ.
(ص) وَوُقِفَتْ - وَإِنْ قَالَ إلَى سَنَةٍ - مَتَى عَلِمَ فَتَقْضِي وَإِلَّا أَسْقَطَهُ الْحَاكِمُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَمْرُكِ بِيَدِكِ إلَى سَنَةٍ وُقِفَتْ مَتَى عُلِمَ ذَلِكَ وَلَا تُتْرَكُ تَحْتَهُ وَأَمْرُهَا بِيَدِهَا حَتَّى تُوقَفَ فَتَقْضِيَ بِرَدٍّ أَوْ طَلَاقٍ إلَّا أَنْ يَطَأَ وَهِيَ طَائِعَةٌ فَيَزُولَ مَا بِيَدِهَا وَلَا قَضَاءَ لَهَا بَعْدَ الْأَجَلِ عَمَلًا بِاللَّفْظِ فَإِنْ أَوْقَفَهَا الْحَاكِمُ وَأَمَرَهَا بِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ أَوْ رَدِّ مَا بِيَدِهَا مِنْ التَّمْلِيكِ فَلَمْ تَفْعَلْ فَإِنَّهُ يُسْقِطُ مَا بِيَدِهَا وَلَا يُمْهِلُهَا وَإِنْ رَضِيَ الزَّوْجُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّ فِيهِ التَّمَادِيَ عَلَى عِصْمَةٍ مَشْكُوكٍ فِيهَا، وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ " وَإِنْ قَالَ إلَى سَنَةٍ " وَاوُ الْحَالِ وَ " إنْ " وَصْلِيَّةٌ لَا وَاوُ النِّكَايَةِ وَإِلَّا تَكَرَّرَ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ مَعَ قَوْلِهِ وَحِيلَ بَيْنَهُمَا حَتَّى تُجِيبَ وَبِعِبَارَةٍ: لَا شَكَّ أَنَّ مُفَادَ قَوْلِهِ وَحِيلَ بَيْنَهُمَا غَيْرُ مُفَادِ قَوْلِهِ وَوُقِفَتْ إلَخْ إذْ مُفَادُ الْأَوَّلِ مَنْعُ الزَّوْجِ مِنْهَا وَمَنْعُهَا مِنْهُ، وَمُفَادُ الثَّانِي طَلَبُهَا بِأَنْ تَقْضِيَ بِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ أَوْ رَدِّ مَا بِيَدِهَا وَبِهَذَا اتَّضَحَ جَعْلُ الْوَاوِ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ قَالَ إلَخْ لِلْمُبَالَغَةِ خِلَافًا لِمَنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَقْتَضِي أَنَّ الْخَافِضَ الْمَنْزُوعَ " عَلَى " (قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُ) أَيْ وَهُوَ الْمُسْتَتِرُ فِي " فَوَّضَ " (قَوْلُهُ: أَيْ فَوَّضَ الزَّوْجُ) أَيْ الْمُكَلَّفُ وَلَوْ سَكِرَ حَرَامًا وَهَلْ إلَّا أَنْ يُمَيِّزَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَ " تَوْكِيلًا " يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ إلَخْ) يَقْتَضِي أَنَّ الْخَافِضَ " فِي " فَيُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: أَيْ بِسَبَبِ التَّوْكِيلِ) فِيهِ أَنَّ التَّوْكِيلَ تَفْوِيضٌ فَيَكُونُ الشَّيْءُ سَبَبًا فِي نَفْسِهِ فَلَوْ جَعَلَ الْبَاءَ لِلتَّصْوِيرِ وَلَمْ يَجْعَلْهَا لِلسَّبَبِيَّةِ لَكَانَ أَحْسَنَ وَيَصِحُّ أَنْ يُجْعَلَ قَوْلُهُ " تَوْكِيلًا " مَفْعُولًا مُطْلَقًا أَيْ تَفْوِيضَ تَوْكِيلٍ (قَوْلُهُ: أَيْ فَوَّضَ التَّوْكِيلَ إلَخْ) لَا يَظْهَرُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَوِّضْ التَّوْكِيلَ إنَّمَا فَوَّضَ الطَّلَاقَ عَلَى سَبِيلِ التَّوْكِيلِ فَالتَّوْكِيلُ تَفْوِيضٌ خَاصٌّ (قَوْلُهُ: إنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا) أَيْ قَالَتْ لَهُ مَثَلًا: إنِّي أَخَافُ أَنْ تُضَارِرَنِي بِتَزَوُّجِكَ عَلَيَّ فَقَالَ لَهَا: إنْ تَزَوَّجْتُ عَلَيْكِ فَأَمْرُكِ بِيَدِكِ أَوْ أَمْرُ الدَّاخِلَةِ بِيَدِكِ وَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَزِيدَ فَيَقُولَ: فَأَمْرُهَا أَوْ أَمْرُ الدَّاخِلَةِ بِيَدِهَا تَوْكِيلًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ وَكَّلَهَا عَلَى الطَّلَاقِ ابْتِدَاءً ثُمَّ قَالَ بَعْدُ: أَمْرُ الدَّاخِلَةِ بِيَدِكِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ: وَكِيلُهُ عَلَى التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ) أَيْ لَا وَكِيلُهُ فِي الطَّلَاقِ أَيْ وَكَّلَهُ عَلَى أَنْ يُخَيِّرَهَا أَوْ يُمَلِّكَهَا إلَّا أَنَّهُ سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ يُخَطِّئُ الْمُصَنِّفَ وَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ: لَا تَخْيِيرًا أَوْ تَمْلِيكًا) وَالِاسْتِثْنَاءُ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ لَغْوٌ فِي الثَّلَاثَةِ وَالْهَزْلُ لَيْسَ جِدًّا اُنْظُرْ عب (قَوْلُهُ: وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ فَلَهُ الْعَزْلُ) وَذَلِكَ لِأَنَّ عَطْفَهُ عَلَى " تَوْكِيلًا " لَا يُفِيدُ ذَلِكَ وَفِي تَسْمِيَةِ ذَلِكَ مُخْرَجًا تَسَامُحٌ لِأَنَّ الْإِخْرَاجَ فَرْعُ الْإِدْخَالِ، وَالْمُزِيلُ لِلْقَلَقِ أَنْ يَقُولَ إنَّ " تَخْيِيرًا " وَ " تَمْلِيكًا " مَعْمُولٌ لِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ لَا إنْ فَوَّضَهُ تَخْيِيرًا أَوْ تَمْلِيكًا فَلَيْسَ لَهُ الْعَزْلُ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا) أَيْ وَلِكَوْنِهِ مَعْطُوفًا عَلَى " تَوْكِيلًا " وَفِي الْحَقِيقَةِ مُخْرَجٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: دُونَ التَّخْيِيرِ) أَيْ فَلَيْسَ بِمُبَاحٍ قَطْعًا سَيَأْتِي الْخِلَافُ بِالْكَرَاهَةِ وَالْجَوَازِ (قَوْلُهُ: أَمْرُكِ بِيَدِكِ) صِيغَةٌ وَكَذَا طَلِّقِي نَفْسَكِ وَكَذَا وَأَنْتِ طَالِقٌ وَكَذَا وَطَلَاقُكِ بِيَدِكِ وَقَوْلُهُ: وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إلَخْ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ خُصُوصُ هَذِهِ اللَّفْظَةِ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَفِي الْعُتْبِيَّةِ إلَخْ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالْغَيْرِ غَيْرًا مَخْصُوصًا وَإِلَّا دَخَلَ فِيهِ الْعُتْبِيَّةُ، وَقَوْلُهُ: دُونَ تَخْيِيرٍ أَيْ بِلَفْظِهِ أَوْ بِلَفْظِ ثَلَاثًا (قَوْلُهُ: لِمَا يَأْتِي) أَيْ مِنْ كَوْنِهَا تُطَلِّقُ نَفْسَهَا ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُوَكَّلَةُ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَقَوْلُهُ: فَإِنَّ إلَخْ لِلتَّعْلِيلِ.
(تَنْبِيهٌ) :: لَا نَفَقَةَ لِلْمَرْأَةِ زَمَنَ الْحَيْلُولَةِ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ قِبَلِهَا وَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُمَا يَتَوَارَثَانِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَصِيرَ حُكْمُهُ إلَخْ) أَيْ فَيُحَالُ بَيْنَهُمَا حَتَّى تُجِيبَ وَقَوْلُهُ: وَالتَّمَكُّنُ مِنْهَا أَيْ مِنْ وَطْئِهَا وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ وَطْءَ الْمُوَكَّلَةِ عَزْلٌ لَهَا وَلَوْ مُكْرَهَةً وَلَوْ أَرَادَ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا مَعَ بَقَاءِ تَوْكِيلِهَا هَلْ يُعْمَلُ بِذَلِكَ أَوْ اسْتِمْتَاعُهُ بِهَا عَزْلٌ لَهَا وَهُوَ الظَّاهِرُ؟ (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَمْرُكِ بِيَدِكِ إلَى سَنَةٍ إلَخْ) أَيْ أَوْ خَيَّرْتُكِ (قَوْلُهُ: إلَى سَنَةٍ) أَوْ إلَى زَمَنٍ يَبْلُغُهُ عُمُرُهُمَا ظَاهِرًا (قَوْلُهُ: مَتَى عَلِمَ) أَيْ مَتَى عَلِمَ السُّلْطَانُ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ بِأَنَّهُ خَيَّرَهَا إلَى سَنَةٍ (قَوْلُهُ: وَاوُ الْحَالِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَيْلُولَةِ الْإِيقَافُ وَسَيَأْتِي رَدُّهُ فِي الْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: وَ " إنْ " وَصْلِيَّةٌ) أَيْ زَائِدَةٌ (قَوْلُهُ: لَا وَاوُ النِّكَايَةِ) أَيْ الْإِغَاظَةِ.

الصفحة 70