كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 4)

يُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ مَعَ الْأَجْنَبِيَّةِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَرَى وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا لِغَيْرِ لَذَّةٍ اتِّفَاقًا إذْ لِلْأَجْنَبِيِّ ذَلِكَ وَلَهُ السُّكْنَى مَعَهَا فِي دَارٍ جَامِعَةٍ لَهَا وَلِلنَّاسِ وَلَوْ أَعْزَبَ وَقَوْلُهُ كَالزَّوْجَةِ أَيْ الَّتِي لَا خَلَلَ وَلَا ثَلْمَ فِي عِصْمَتِهَا فَلَمْ يَلْزَمْ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ وَمِنْ أَحْكَامِ الرَّجْعِيَّةِ أَنَّهُ يَصِحُّ مِنْهَا الْإِيلَاءُ وَالظِّهَارُ وَاللِّعَانُ وَالطَّلَاقُ وَأَنَّ مُطَلِّقَهَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَنْ يَحْرُمُ جَمْعُهُ مَعَهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ.

(ص) وَصُدِّقَتْ فِي انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْقُرْءِ وَالْوَضْعِ بِلَا يَمِينٍ مَا أَمْكَنَ وَسُئِلَ النِّسَاءُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ وَلَوْ أَمَةً إذَا رَاجَعَهَا زَوْجُهَا فَقَالَتْ عَقِبَ ذَلِكَ عِدَّتِي قَدْ انْقَضَتْ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ أَوْ بِوَضْعِ الْحَمْلِ فَإِنَّهَا مُصَدَّقَةٌ فِي ذَلِكَ وَلَوْ خَالَفَهَا الزَّوْجُ إذَا كَانَ هُنَاكَ زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ بِمَا ادَّعَتْ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا وَإِنْ خَالَفَتْ عَادَتَهَا لِأَنَّ النِّسَاءَ مَأْمُونَاتٌ عَلَى فُرُوجِهِنَّ وَإِذَا ادَّعَتْ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا فِي مُدَّةٍ تَنْقَضِي فِيهَا نَادِرًا كَالشَّهْرِ وَنَحْوِهِ أَوْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ فَإِنَّ النِّسَاءَ يُسْأَلْنَ عَنْ ذَلِكَ فَإِنْ شَهِدْنَ لَهَا بِذَلِكَ أَيْ شَهِدْنَ أَنَّ النِّسَاءَ يَحِضْنَ لِمِثْلِ هَذَا فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ فَلَيْسَ قَوْلُهُ وَسُئِلَ النِّسَاءُ مُرْتَبِطًا بِقَوْلِهِ مَا أَمْكَنَ لِأَنَّهَا إذَا ادَّعَتْ فِي زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الِانْقِضَاءُ صُدِّقَتْ وَلَا حَاجَةَ إلَى سُؤَالِ النِّسَاءِ بَلْ هُوَ مُقْتَضَبٌ رَاجِعٌ لِمَا إذَا ادَّعَتْ مَا لَا يُمْكِنُ فِيهِ الِانْقِضَاءُ إلَّا نَادِرًا أَوْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّ ادِّعَاءَهَا فِي مُدَّةٍ لَا تَنْقَضِي فِيهَا بِحَالٍ لَا تُصَدَّقُ فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ.
(ص) وَلَا يُفِيدُ تَكْذِيبُهَا نَفْسَهَا، وَلَا أَنَّهَا رَأَتْ أَوَّلَ الدَّمِ وَانْقَطَعَ، وَلَا رُؤْيَةُ النِّسَاءِ لَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا قَالَتْ أَوَّلًا قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي فِيمَا يُمْكِنُ مِنْ أَقْرَاءٍ أَوْ وَضْعِ حَمْلٍ وَقُلْتُمْ هِيَ مُصَدَّقَةٌ فِي ذَلِكَ وَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ فَقَوْلُهَا بَعْدَ ذَلِكَ كُنْتُ كَاذِبَةً وَإِنَّ عِدَّتِي لَمْ تَنْقَضِ فَإِنَّهُ يُعَدُّ ذَلِكَ مِنْهَا نَدَمًا وَلَا يَحِلُّ لِمُطَلِّقِهَا رَجْعَتُهَا إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ لِأَنَّهَا دَاعِيَةٌ لِنِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَصَدَاقٍ وَشُهُودٍ وَكَذَلِكَ لَا يُفِيدُهَا بَعْدَ قَوْلِهَا " دَخَلْتُ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ ": إنِّي رَأَيْتُ أَوَّلَ الدَّمِ وَانْقَطَعَ وَكُنْتُ أَظُنُّ دَوَامَهُ الدَّوَامَ الْمُعْتَبَرَ فِي الْعِدَّةِ وَهُوَ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ وَقَدْ بَانَتْ بِقَوْلِهَا الْأَوَّلِ وَتَبِعَ الْمُؤَلِّفُ فِي هَذَا ابْنَ الْحَاجِبِ.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمَذْهَبُ كُلُّهُ عَلَى قَبُولِ قَوْلِهَا إنَّهَا رَأَتْ أَوَّلَ الدَّمِ وَانْقَطَعَ وَكَذَلِكَ لَا يُفِيدُهَا بَعْدَ قَوْلِهَا " حِضْتُ ثَالِثَةً " رُؤْيَةُ النِّسَاءِ لَهَا فَصَدَّقْنَهَا وَقُلْنَ لَيْسَ بِهَا أَثَرُ حَيْضٍ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِنَّ وَبَانَتْ حِينَ قَالَتْ ذَلِكَ إنْ كَانَ فِي مِقْدَارٍ تَحِيضُ لَهُ النِّسَاءُ وَظَاهِرُهُ كَابْنِ الْحَاجِبِ عُمُومُ ذَلِكَ فِي الْقُرْءِ وَالْوَضْعِ بِأَنْ تَقُولَ وَضَعْتُ ثُمَّ تَقُولَ كَذَبْتُ وَرَأَيْنَهَا فَلَمْ يَجِدْنَ أَثَرَ وَضْعٍ وَقَالَ فِي تَوْضِيحِهِ الظَّاهِرُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا اهـ.
(ص) وَلَوْ مَاتَ زَوْجُهَا بَعْدَ كَسَنَةٍ فَقَالَتْ لَمْ أَحِضْ إلَّا وَاحِدَةً فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُرْضِعٍ وَلَا مَرِيضَةٍ لَمْ تُصَدَّقْ إلَّا إنْ كَانَتْ تُظْهِرُهُ وَحُلِّفَتْ فِي كَالسِّتَّةِ لَا فِي كَالْأَرْبَعَةِ وَعَشْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ سَنَةٍ وَنَحْوِهَا مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ فَقَالَتْ زَوْجَتُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَالْوَضْعِ) سَوَاءٌ كَانَ الْوَضْعُ سَقْطًا أَوْ لَا (قَوْلُهُ: مَا أَمْكَنَ) أَيْ مُدَّةَ دَوَامِ إمْكَانِ تَصْدِيقِهَا أَيْ غَالِبًا أَوْ مُسَاوِيًا، وَقَوْلُهُ: وَسُئِلَ النِّسَاءُ وَهَلْ يُحَلَّفْنَ مَعَ تَصْدِيقِهِنَّ أَوْ لَا قَوْلَانِ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ كَمَا هُوَ مُفَادُ بَعْضِهِمْ
(قَوْلُهُ: كَالشَّهْرِ وَنَحْوِهِ) فَإِنْ قُلْتَ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ حَيْضُهَا ثَلَاثًا فِي شَهْرٍ حَتَّى يُسْأَلَ النِّسَاءَ مَعَ أَنَّ أَقَلَّ الطُّهْرِ نِصْفُ شَهْرٍ قُلْتُ يُتَصَوَّرُ بِأَنْ يُطَلِّقَهَا أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرٍ قَبْلَ طُلُوعِ فَجْرِهِ وَهِيَ طَاهِرَةٌ فَتَحِيضُ وَيَنْقَطِعُ عَنْهَا قَبْلَ الْفَجْرِ أَيْضًا فَتَمْكُثُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا طَاهِرًا ثُمَّ يَأْتِيهَا فِي اللَّيْلَةِ السَّادِسَةَ عَشَرَ وَيَنْقَطِعُ عَنْهَا قَبْلَ الْفَجْرِ وَيَسْتَمِرُّ كَذَلِكَ ثُمَّ يَأْتِيهَا الْحَيْضُ عَقِبَ غُرُوبِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الطُّهْرِ بِالْأَيَّامِ فَلَا يَضُرُّ إتْيَانُ الْحَيْضِ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ الشَّهْرِ وَانْقِطَاعُهُ قَبْلَ فَجْرِهَا وَكَذَا فِي سَادِسَةَ عَشَرَ لَيْلَةً مِنْهُ، وَانْقِطَاعُهُ قَبْلَ فَجْرِهَا هَذَا عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ أَقَلَّ الطُّهْرِ نِصْفُ شَهْرٍ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ مِنْ أَنَّ أَقَلَّ الطُّهْرِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ أَوْ ثَمَانِيَةٌ فَتَصَوُّرُهُ ظَاهِرٌ وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ مَا هُنَا مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ.
(قَوْلُهُ: أَوْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ) بِأَنْ لَمْ تُعْلَمْ الْمُدَّةُ لَكِنْ إذَا لَمْ تُعْلَمْ الْمُدَّةُ كَيْفَ تَعْلَمُ النِّسْوَةُ الطَّرِيقَ فَالْأَوْلَى إسْقَاطُ ذَلِكَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ لَنَا حَالَتَيْنِ حَالَةَ إمْكَانٍ وَحَالَةَ وُقُوعٍ فَأَمَّا حَالَةُ الْإِمْكَانِ فَهِيَ مَعْلُومَةٌ لَنَا بِتَأَتِّيهَا فِي الشَّهْرِ وَأَمَّا حَالَةُ الْوُقُوعِ فَتُعْلَمُ مِنْ النِّسَاءِ عِنْدَ سُؤَالِهِنَّ فَأَيْنَ الْإِشْكَالُ الَّذِي يُرْجَعُ عِنْدَهُ لِسُؤَالِ النِّسَاءِ لِتَحَقُّقِ الْأَمْرِ الْوَاقِعِيِّ.
(قَوْلُهُ: وَلَا رُؤْيَةُ النِّسَاءِ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا أَنَّ هَذِهِ صَرَّحَتْ بِتَكْذِيبِ نَفْسِهَا وَلَمْ تَسْنِدْ لِمَا تَعَذَّرَ بِهِ بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا وَلَوْ ذَكَرَ هَذِهِ عَقِبَ قَوْلِهِ وَلَا يُفِيدُ تَكْذِيبُهَا نَفْسَهَا بِقَوْلِهِ وَإِنْ رَأَتْهَا النِّسَاءُ كَانَ أَحْسَنَ لِأَنَّ هَذِهِ كَالتَّتِمَّةِ لَهَا (قَوْلُهُ: وَالْمَذْهَبُ كُلُّهُ) أَيْ فَلَهَا النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَكَذَا الرَّجْعَةُ.
وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ: لَا تَثْبُتُ الرَّجْعَةُ وَيُحْمَلُ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى مَا عَدَاهُ (أَقُولُ) وَهُوَ بَعِيدٌ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: بَعْدَ كَسَنَةٍ) مُخَالِفٌ لِلنَّقْلِ وَالصَّوَابُ بَعْدَ سَنَةٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُرْضِعٍ وَلَا مَرِيضَةٍ) وَأَمَّا الْمُرْضِعُ وَالْمَرِيضَةُ فَيُصَدَّقَانِ بِلَا يَمِينٍ مُدَّةَ الرَّضَاعِ وَالْمَرَضِ وَتُصَدَّقُ الْمُرْضِعُ وَالْمَرِيضَةُ مَرَضًا شَأْنُهُ مَنْعُ الْحَيْضِ فِي عَدَمِ انْقِضَائِهَا بَعْدَ الْفِطَامِ بِالْفِعْلِ وَلَوْ تَأَخَّرَ عَنْ مُدَّتِهِ الشَّرْعِيَّةِ وَبَعْدَ الْمَرَضِ بِيَمِينٍ أَيْ قَبْلَ الْعَامِ وَلَا تُصَدَّقُ بَعْدَ عَامٍ وَلَوْ حَلَفَتْ حَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ عَدَمُ الِانْقِضَاءِ وَإِلَّا صُدِّقَا بِيَمِينٍ.
(قَوْلُهُ: إلَّا إنْ كَانَتْ تُظْهِرُهُ) فَتُصَدَّقُ بِيَمِينٍ وَلَوْ فِي أَكْثَرَ مِنْ عَامَيْنِ (قَوْلُهُ: وَحُلِّفَتْ فِي كَالسِّتَّةِ) أَيْ إلَى تَمَامِ الْعَامِ (قَوْلُهُ: وَعَشْرٍ) أَيْ لَيَالٍ عَشْرٍ الْأَوْلَى حَذْفُهَا لِأَنَّهُ مِمَّا دَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بَيْنَ أَنْ تُخَالِفَ عَادَتَهَا أَمْ لَا وَقَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ مَحَلُّ عَدَمِ تَصْدِيقِهَا بَعْدَ السَّنَةِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِظْهَارِ مَا لَمْ تُوَافِقْ عَادَتَهَا وَهُوَ مَعْقُولُ الْمَعْنَى.

الصفحة 86