كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 4)

قَوْلِهِ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ وَطِئْتُكِ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَإِنَّهُ لَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ وَبِعِبَارَةٍ: تَشْبِيهٌ فِي أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْهَا، وَيُدْخِلُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءَ فَإِنْ قِيلَ مَا فَائِدَةُ ضَرْبِ الْأَجَلِ مَعَ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهَا فَالْجَوَابُ أَنَّ فَائِدَتَهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَرْضَى بِالْمُقَامِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ كَمَا قِيلَ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ.

(ص) لَا كَافِرٍ وَإِنْ أَسْلَمَ إلَّا أَنْ يَتَحَاكَمُوا إلَيْنَا (ش) لَا كَافِرٍ بِالرَّفْعِ وَالْجَرِّ إذْ هُوَ عَطْفٌ عَلَى " مُسْلِمٍ " وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِمَفْهُومِهِ لِأَجْلِ مَا فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ وَالْمَعْنَى أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الْإِيلَاءِ أَنْ يَصْدُرَ مِنْ زَوْجٍ مُسْلِمٍ فَلَا يَصِحُّ مِنْ زَوْجٍ كَافِرٍ وَلَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْحَلِفِ إلَّا أَنْ يَتَرَافَعُوا إلَيْنَا فَإِنَّا نَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ فَنَنْظُرُ هَلْ يَمِينُهُمْ تَسْتَلْزِمُ مَنْعَ الْوَطْءِ فَيَلْزَمَهُ الْإِيلَاءُ أَمْ لَا فَلَا يَلْزَمَهُ وَلَمَّا كَانَتْ الزَّوْجَةُ هِيَ الْمُطَالِبَةَ عَبَّرَ الْمُؤَلِّفُ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ (ص) وَلَا لَأَهْجُرَنَّهَا أَوْ لَا كَلَّمْتُهَا (ش) أَيْ وَلَا يَلْزَمُهُ إيلَاءٌ فِي حَلِفِهِ بِمَا ذُكِرَ زَادَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَمَسُّهَا اللَّخْمِيُّ لَكِنَّهُ مِنْ الضَّرَرِ الَّذِي لَهَا الْقِيَامُ بِهِ وَيُطَلَّقُ عَلَيْهِ بِلَا أَجَلٍ فَيَجِبُ أَنْ يُقَيِّدَ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ بِذَلِكَ كَمَا قَيَّدَهَا بِهِ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَمَّا إنْ وَقَفَ عَنْ مَسِّهَا فَهُوَ مُولٍ (ص) أَوْ لَا وَطِئْتُهَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَطَأُ زَوْجَتَهُ لَيْلًا أَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَطَؤُهَا نَهَارًا فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَعُمَّ بِيَمِينِهِ الْأَزْمِنَةَ (ص) وَاجْتَهَدَ وَطَلَّقَ فِي لَأَعْزِلَنَّ أَوْ لَا أَبِيتَنَّ أَوْ تَرَكَ الْوَطْءَ ضَرَرًا وَإِنْ غَائِبًا أَوْ سَرْمَدَ الْعِبَادَةَ بِلَا أَجَلٍ عَلَى الْأَصَحِّ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَيَعْزِلَنَّ عَنْ زَوْجَتِهِ زَمَانًا يَحْصُلُ مِنْهُ ضَرَرُ الزَّوْجَةِ أَوْ حَلَفَ لَا يَبِيتُ عِنْدَهَا أَوْ تَرَكَ وَطْأَهَا ضَرَرًا أَوْ أَدَامَ الْعِبَادَةَ أَنَّهُ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ بِلَا ضَرْبِ أَجَلِ الْإِيلَاءِ وَسَوَاءٌ كَانَ التَّارِكُ لِلْوَطْءِ ضَرَرًا حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQهُنَا وَطْئًا لِأَنَّ الرَّجْعَةَ بَابُ تَمَتُّعٍ فَلِذَا جُعِلَ بِالنَّزْعِ مُتَمَتِّعًا وَأَمَّا فِي الصَّوْمِ فَلِأَنَّهُ لَمَّا أَدْرَكَهُ الْفَجْرُ صَارَ فَارًّا لِانْقِطَاعِ شَهْوَتِهِ فَلَمْ يَعُدُّوا النَّزْعَ وَطْئًا (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ) أَيْ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ وَفِيهِ أَنَّ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ لَا تَصِحُّ إلَّا بَعْدَ الْعَزْمِ فَأَوْلَى لَا تَصِحُّ قَبْلَ لُزُومِ الظِّهَارِ، وَالظِّهَارُ لَمْ يَلْزَمْ وَلَعَلَّ فِي الْعِبَارَةِ سَقْطًا وَالتَّقْدِيرُ فَإِنْ تَجَرَّأَ أَوْ وَطِئَ سَقَطَ إيلَاؤُهُ وَلَزِمَهُ الظِّهَارُ وَلَمْ يَقْرَبْهَا حَتَّى يُكَفِّرَ (قَوْلُهُ: تَشْبِيهٌ فِي أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْهَا وَيُضْرَبُ إلَخْ) فَإِنْ تَجَرَّأَ وَوَطِئَ سَقَطَ إيلَاؤُهُ وَلَزِمَهُ الظِّهَارُ وَلَمْ يَقْرَبْهَا حَتَّى يُكَفِّرَ فَإِنْ لَمْ يَطَأْ لَمْ تَطْلُبْهُ بِالْفَيْئَةِ وَهِيَ مِنْ الْمُظَاهِرِ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ إنَّمَا تُجْزِئُ إذَا وَقَعَتْ بَعْدَ الْعَوْدِ وَهُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ أَوْ مَعَ الْإِمْسَاكِ وَإِنَّمَا يَكُونُ هَذَا بَعْدَ انْعِقَادِ الظِّهَارِ وَهُوَ لَمْ يَنْعَقِدْ قَبْلَ الْوَطْءِ فَلَيْسَ لَهَا مُطَالَبَةٌ بِشَيْءٍ لَا يُجْزِئُ وَإِنَّمَا لَهَا الطَّلَبُ بِالطَّلَاقِ أَوْ تَبْقَى مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ مَا ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْهَا وَانْظُرْ لَوْ كَانَ لَهُ عَبْدٌ حَاضِرٌ وَقَالَ: أَنَا أَطَأُ وَأُعْتِقُهُ عَنْ ظِهَارِي إذَا أَوْلَجْتُ هَلْ يُتَّفَقُ عَلَى تَمْكِينِهِ مِنْ الْوَطْءِ حِينَئِذٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَمْ لَا انْتَهَى.

(قَوْلُهُ: إذْ هُوَ عَطْفٌ عَلَى مُسْلِمٍ) وَ " مُسْلِمٍ " مَجْرُورٌ لَفْظًا مَرْفُوعٌ مَحَلًّا لِأَنَّهُ فَاعِلُ " يَمِينُ " لِأَنَّهُ بِمَعْنَى حَلِفٍ أَيْ أَنْ يَحْلِفَ مُسْلِمٌ ثُمَّ إنَّهُ يَرِدُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ يَمِينٍ بِمَعْنَى حَلِفٍ أَنْ يُعْطَى حُكْمَهُ فِي الْمَصْدَرِيَّةِ (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ) أَيْ بَيْنَ التَّحَاكُمِ وَغَيْرِهِ وَفِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ إلَّا مَفْهُومَ الشَّرْطِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: هَلْ يَمِينُهُمْ تَسْتَلْزِمُ مَنْعَ الْوَطْءِ) أَيْ أَوْ صَرِيحَةٌ فِي مَنْعِ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَتْ الزَّوْجَةُ هِيَ الْمُطَالِبَةَ) الْحَصْرُ لَيْسَ مُرَادًا وَلَوْ قَالَ وَلَمَّا كَانَتْ الزَّوْجَةُ تُطَالِبُهُ وَهُوَ قَدْ حَلَفَ عَبَّرَ بِالْجَمْعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ: لَأَهْجُرَنَّهَا) هُوَ عَدَمُ الْكَلَامِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَمَسُّهَا) وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ يَمَسُّهَا كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِيَمِينِهِ غَيْرَ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: كَمَا قَيَّدَهَا بِهِ اللَّخْمِيُّ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ أَوَّلًا زَادَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الزِّيَادَةَ مِنْ أَصْلِ الْمُدَوَّنَةِ لَا أَنَّ الْمُقَيِّدَ اللَّخْمِيُّ كَمَا هُوَ مُفَادُ كَلَامِهِ بَعْدُ وَشَارِحُنَا تَابَعَ فِي ذَلِكَ الْكَلَامِ بَهْرَامَ، وَكَلَامُ الشَّيْخِ سَالِمٍ وَعِبَارَةُ عج تُخَالِفُ ذَلِكَ فَإِنَّ مُفَادَهَا أَنَّ الْقَيْدَ لِلْمُدَوَّنَةِ وَأَنَّهُ فِي الثَّانِيَةِ وَاللَّخْمِيَّ أَجْرَاهُ فِي الْأُولَى أَيْضًا وَكَوْنُنَا نَقُولُ زَادَ فِي الْمُدَوَّنَةِ - أَيْ فِيمَا كُتِبَ عَلَيْهَا لِأَجْلِ بَقِيَّةِ الْعِبَارَةِ - بَعِيدٌ مِنْ اللَّفْظِ مُبَايِنٌ لِمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ عج (قَوْلُهُ: وَاجْتُهِدَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَوْ الْفَاعِلِ أَيْ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ لَا أَبِيتَنَّ) فَيُطَلَّقُ عَلَيْهِ بِلَا أَجَلٍ لِمَا عَلَيْهَا مِنْ الْوَحْشَةِ وَمُخَالَفَةِ الْعَادَةِ مِنْ كَوْنِ غَيْرِهَا مِنْ صَوَاحِبَاتِهَا يَأْوِي إلَيْهِنَّ أَزْوَاجُهُنَّ هَكَذَا قَالُوا فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا اجْتِهَادٌ بَلْ يُجْزَمُ بِهَذَا الْحُكْمِ ابْتِدَاءً وَالظَّاهِرُ إمْكَانُ الِاجْتِهَادِ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ النِّسْوَةِ لَهُ الْقُوَّةُ عَلَى الْبَيَاتِ وَحْدَهَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ الصَّوَابُ لَا أَبِيتُ مُجَرَّدًا عَنْ التَّوْكِيدِ لِأَنَّهُ جَوَابُ قَسَمٍ مَنْفِيٍّ، وَجَوَابُ الْقَسَمِ إذَا كَانَ فِعْلًا مُضَارِعًا مَنْفِيًّا لَا يُؤَكَّدُ وَرُدَّ بِقَوْلِ التَّسْهِيلِ فِي بَابِ الْقَسَمِ: وَقَدْ يُؤَكَّدُ الْمَنْفِيُّ بِلَا كَقَوْلِهِ
تَاللَّهِ لَا يُحْمَدَنَّ الْمَرْءُ مُجْتَنِبًا ... فِعْلَ الْكِرَامِ وَلَوْ فَاقَ الْوَرَى حَسَبًا
وَالْأَكْثَرُ لَا يُؤَكَّدُ نَحْوُ {لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ} [النحل: 38] أَفَادَهُ مُحَشِّي تت.
(قَوْلُهُ: الْمَشْهُورُ إلَخْ) هُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِالْأَصَحِّ فَقَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ كَمَا فِي بَهْرَامَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِلَا أَجَلٍ الْمَنْفِيُّ أَجَلُ الْإِيلَاءِ فَقَطْ فَلَا يُنَافِي اجْتِهَادَهُ فِي ضَرْبِ قَدْرِهِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ هَذَا فِي حَقِّ الْحَاضِرِ وَأَمَّا الْغَائِبُ فَالسَّنَتَانِ وَالثَّلَاثُ لَيْسَتْ بِطُولٍ عِنْدَ الْغِرْيَانِيِّ وَابْنِ عَرَفَةَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةٍ وَعِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ السَّنَةُ فَأَكْثَرُ طُولٌ (قَوْلُهُ: ضَرَرًا) حَلُّ شَارِحِنَا يُفِيدُ أَنَّهُ عِلَّةٌ لِتَرْكِ الْوَطْءِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ لِطَلَّقَ الْمُتَقَدِّمِ أَيْ اجْتَهَدَ وَطَلَّقَ عَلَى مَنْ تَرَكَ وَطْءَ زَوْجَتِهِ وَيُطَلِّقُ عَلَيْهِ لِأَجْلِ ضَرَرِهَا بِذَلِكَ التَّرْكِ لَا لِتَرَكَ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ إلَّا إذَا كَانَ تَرْكُهُ لِأَجْلِ ضَرَرِهَا فَإِنْ كَانَ تَرْكُهُ لِغَيْرِهِ لَمْ تَطْلُقْ عَلَيْهِ وَلَوْ تَضَرَّرَتْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَجْتَهِدُ وَيُطَلِّقُ عَلَيْهِ لِأَجْلِ ضَرَرِهَا كَمَنْ أَرَادَ اسْتِحْدَادًا فَتَرَامَتْ بِهِ الْمُوسَى حَتَّى قَطَعَتْ ذَكَرَهُ كَمَا فِي تَوْضِيحِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا الْإِيهَامَ يَدْفَعُهُ قَوْلُهُ:

الصفحة 93