كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 4)

فَقَدْ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِقَوْمٍ غَابُوا بِخُرَاسَانَ إمَّا أَنْ يَقْدَمُوا أَوْ يُرَحِّلُوا نِسَاءَهُمْ إلَيْهِمْ أَوْ يُطَلِّقُوا أَصْبَغُ فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقُوا طُلِّقَ عَلَيْهِمْ إلَّا أَنْ تَرْضَى بِذَلِكَ فَقَوْلُهُ وَاجْتَهَدَ وَطَلَّقَ مُسْتَأْنَفٌ وَمَعْطُوفٌ عَلَيْهِ وَمَعْنَى الِاجْتِهَادِ فِي الطَّلَاقِ عَلَيْهِ فَوْرًا أَوْ بَعْدَ التَّلَوُّمِ بِلَا أَجَلِ إيلَاءٍ فَإِنْ عَلِمَ لَدَدَهُ وَإِضْرَارَهُ طَلَّقَ عَلَيْهِ فَوْرًا وَإِلَّا أَمْهَلَهُ بِاجْتِهَادِهِ فَلَعَلَّهُ يَتْرُكُ مَا هُوَ عَلَيْهِ، وَمِنْ تَرْكِ الْوَطْءِ ضَرَرًا قَطْعُ الذَّكَرِ ضَرَرًا لِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ تَرْكَ الْوَطْءِ وَالْمُرَادُ بِقَطْعِهِ ضَرَرًا أَنْ يَتَعَمَّدَ قَطْعَهُ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَمَنْ شَرِبَ دَوَاءً لِقَطْعِ لَذَّةِ النِّسَاءِ كَانَ لَهَا الْفِرَاقُ وَكَذَلِكَ إنْ شَرِبَهُ لِعِلَاجِ عِلَّةٍ وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّهُ يُذْهِبُ ذَلِكَ أَوْ شَاكٌّ.

(ص) وَلَا إنْ لَمْ يَلْزَمْهُ بِيَمِينِهِ حُكْمٌ كَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ وَطِئْتُكِ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا بِذَلِكَ لِأَنَّهُ عَمَّمَ فِي يَمِينِهِ فَهِيَ يَمِينُ حَرَجٍ وَمَشَقَّةٍ لَا يَلْزَمُهُ بِهَا حُكْمٌ (ص) أَوْ خَصَّ بَلَدًا قَبْلَ مِلْكِهِ مِنْهَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ وَطِئْتُكِ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ مِنْ الْبَلَدِ الْفُلَانِيَّةِ حُرٌّ أَوْ كُلُّ مَالٍ أَمْلِكُهُ مِنْهَا صَدَقَةٌ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ بِذَلِكَ مُولِيًا فَإِنْ مَلَكَ مِنْ تِلْكَ الْبَلَدِ عَبْدًا أَوْ مَالًا فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا إلَّا أَنْ يَكُونَ وَطِئَهَا قَبْلَ ذَلِكَ فَيَعْتِقَ، وَلَا يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ عَلَى مَمْلُوكٍ مِنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ.
(ص) أَوْ لَا وَطِئْتُكِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ إلَّا مَرَّتَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ إلَّا مَرَّتَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَتْرُكُ وَطْأَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ يَطَؤُهَا ثُمَّ يَتْرُكُ أَرْبَعَةً ثُمَّ يَطَأُ فَلَا يَبْقَى مِنْ السَّنَةِ إلَّا أَرْبَعَةٌ وَهِيَ دُونَ أَجَلِ الْإِيلَاءِ (ص) أَوْ مَرَّةً حَتَّى يَطَأَ وَتَبْقَى الْمُدَّةُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا يَطَأُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا لِأَنَّهُ لَيْسَ مَمْنُوعًا مِنْ الْوَطْءِ بِيَمِينٍ فَيُطَالَبُ بِالْوَطْءِ فَإِنْ وَطِئَ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ الْمَرَّتَيْنِ فِي الْأُولَى أَوْ الْمَرَّةَ فِي الثَّانِيَةِ نُظِرَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لِلْحُرِّ وَأَكْثَرَ مِنْ شَهْرَيْنِ لِلْعَبْدِ فَهُوَ مُولٍ وَإِنْ بَقِيَ أَقَلُّ فَلَا وَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ طُلِّقَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُضَارًّا.
(ص) وَلَا إنْ حَلَفَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ إنْ وَطِئْتُكِ فَعَلَيَّ صَوْمُ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحُرَّ إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَطَأَ زَوْجَتَهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَمِثْلُهُ الْعَبْدُ إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَطَأَ زَوْجَتَهُ شَهْرَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا بِذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ حَتَّى يَزِيدَا عَلَى ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَا إيلَاءَ عَلَى مَنْ الْتَزَمَ صَوْمَ زَمَنٍ مُعَيَّنٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُنْتَهَاهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَأَقَلُّ نَحْوُ إنْ وَطِئْتُكِ فَعَلَيَّ صَوْمُ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ أَوْ هَذَا الشَّهْرِ أَوْ الشَّهْرَيْنِ أَوْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُنْتَهَاهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ سَمَّى شَهْرًا يَأْتِي بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ كَقَوْلِهِ وَهُوَ فِي رَمَضَانَ إنْ وَطِئْتُكِ فَعَلَيَّ صَوْمُ صَفَرٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا وَكَأَنَّهُ قَالَ لَا أَطَؤُكِ حَتَّى يَنْسَلِخَ صَفَرٌ فَإِنْ عَيَّنَ شَهْرًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخِرِهِ أَرْبَعَةٌ فَأَقَلُّ كَقَوْلِ هَذَا فَعَلَيَّ صَوْمُ الْمُحَرَّمِ أَوْ مَا قَبْلَهُ فَلَا إيلَاءَ عَلَيْهِ وَأَمَّا إنْ حَلَفَ بِصَوْمٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ زَمَنَهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا بِذَلِكَ وَلَوْ كَانَ صَوْمَ يَوْمٍ، نَحْوُ إنْ وَطِئْتُكِ فَعَلَيَّ صَوْمُ يَوْمٍ ثُمَّ أَجَابَ سَائِلًا سَأَلَهُ فَهَلْ عَلَيْهِ صَوْمُ مَا عَيَّنَهُ مِنْ الشُّهُورِ الْأَرْبَعَةِ فَأَقَلَّ الْمُعَيَّنَةِ بِقَوْلِهِ (نَعَمْ إنْ وَطِئَ) فِي أَثْنَائِهَا (صَامَ بَقِيَّتَهَا) أَوْ قَبْلَ مَجِيءِ الشَّهْرِ الْمُعَيَّنِ صَامَهُ إذَا جَاءَ وَإِنْ لَمْ يَطَأْ حَتَّى مَضَتْ الْأَشْهُرُ الْمُعَيَّنَةُ أَوْ الشَّهْرُ الْمُعَيَّنُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَفْهُومُ التَّعَيُّنِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُعَيِّنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ سَرْمَدَ إلَخْ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ الضَّرَرُ عِلَّةً لِلتَّرْكِ قَضِيَّةُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَذَا أَفَادَهُ عب وَيَرُدُّهُ مَا قَالَهُ اللَّقَانِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ قَوْلُهُ: أَوْ تَرَكَ الْوَطْءَ ضَرَرًا أَيْ لَا بِكَاعْتِرَاضٍ مَا لَمْ يَكُنْ مِنْ سَبَبِهِ كَشُرْبِهِ مَا يُبْطِلُ شَهْوَتَهُ فَإِنَّ لَهَا أَنْ تَطْلُقَ بِذَلِكَ وَمَا قَالَهُ ابْنُ فُجْلَةَ فَإِنَّهُ قَالَ أَمَّا لَوْ تَرَكَهُ غَيْرَ مُضَارٍّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ إنْ ظَهَرَ وَجْهُهُ وَإِلَّا لَمْ يُصَدَّقْ قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا انْتَهَى وَالْحَقُّ مَا أَفَادَهُ شَارِحُنَا وَغَيْرُهُ كَمَا يُفِيدُهُ التَّوْضِيحُ وَمَا ذَكَرَهُ عب لَا يُفِيدُهُ التَّوْضِيحُ كَمَا يُعْلَمُ بِالْمُرَاجَعَةِ وَالْحُكْمُ يُؤْخَذُ صَرِيحًا مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا بِكَاعْتِرَاضٍ بَقِيَ شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ فَقَدْ كَتَبَ عُمَرُ إلَخْ لَا يُفِيدُ الْمُدَّعَى مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ تَرْكُ الْوَطْءِ ضَرَرًا وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ أَنَّ غَيْبَتَهُمْ تِلْكَ الْمُدَّةَ وَالْإِرْسَالَ لَهُمْ مَعَ عَدَمِ الْقُدُومِ وَالتَّرْحِيلِ وَالطَّلَاقِ نُزِّلَتْ مَنْزِلَةَ تَرْكِ الْوَطْءِ ضَرَرًا وَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فَقَدْ كَتَبَ عُمَرُ إلَخْ) طَلَاقُ امْرَأَةِ الْغَائِبِ عَلَيْهِ الْمَعْلُومُ مَوْضِعُهُ لَيْسَ بِمُجَرَّدِ شَهْوَتِهَا الْجِمَاعَ بَلْ حَتَّى تَطُولَ غَيْبَتُهُ جِدًّا أَيْ سَنَةً فَأَكْثَرَ عَلَى مَا لِأَبِي الْحَسَنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ عَلَى مَا لِلْغِرْيَانِيِّ وَابْنِ عَرَفَةَ فَيُكْتَبُ لَهُ إنْ كَانَتْ تَبْلُغُهُ الْمُكَاتَبَةُ إمَّا قَدِمَ أَوْ تُرَحَّلُ امْرَأَتُهُ إلَيْهِ أَوْ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُطَلَّقَ عَلَى أَحَدٍ قَبْلَ الْكَتْبِ إلَيْهِ فَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ الْقُدُومِ وَالتَّطْلِيقِ تَلَوَّمَ الْحَاكِمُ لَهُ بِحَسَبِ اجْتِهَادِهِ ثُمَّ إنْ شَاءَ طَلَّقَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وَاعْتَدَّتْ فَإِنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الْمُكَاتَبَةُ طَلَّقَ عَلَيْهِ لِضَرَرِهَا بِتَرْكِ الْوَطْءِ وَهِيَ مُصَدَّقَةٌ فِي هَذِهِ وَفِي بُلُوغِ الْمُكَاتَبَةِ إلَيْهِ وَفِي دَعْوَاهَا التَّضَرُّرَ بِتَرْكِ الْوَطْءِ وَفِي خَوْفِ الزِّنَا لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهَا وَهَذَا كُلُّهُ إذَا دَامَتْ نَفَقَتُهَا وَإِلَّا طَلَّقَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ وَسَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَتَعَمَّدَ قَطْعَهُ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ ضَرَرَ الْمَرْأَةِ.

(قَوْلُهُ: قَبْلَ مِلْكِهِ مِنْهَا) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَبْلَ مِلْكِهِ مِنْهَا وَمَفْهُومُ بَعْدَ مِلْكِهِ فَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ وَطْءٌ بَعْدَ الْيَمِينِ قَبْلَ الْمِلْكِ ضُرِبَ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ وَإِنْ تَقَدَّمَ لَهُ وَطْءٌ عَتَقَ عَلَيْهِ كُلُّ مَنْ يَمْلِكُهُ وَأَمَّا مَا كَانَ مَالِكًا لَهُ حَالَ التَّعْلِيقِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِيهِ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَتْرُكُ وَطْأَهَا إلَخْ) لَا حَاجَةَ لِاعْتِبَارِ ذَلِكَ حَيْثُ رَجَعْنَا حَتَّى يَطَأَ وَتَبْقَى الْمُدَّةُ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَالْمُنَاسِبُ وَإِنْ لَمْ يَطَأْ (قَوْلُهُ: الْمُعَيَّنَةِ) صِفَةٌ لِلْأَرْبَعَةِ وَلَا يُسْتَغْنَى عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ صَامَ مَا عَيَّنَهُ لِاحْتِمَالِ التَّبْعِيضِ فِي قَوْلِهِ فِي الشُّهُورِ الْأَرْبَعَةِ

الصفحة 94