كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 4)

الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الْخَلَاصِ بِمَا لَا يُجْحِفُ بِمَالِهِ وَالْغَائِبَ الْغَيْبَةَ الْبَعِيدَةَ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُمْ مِنْ كُلِّ ذِي عُذْرٍ مِنْهُ أَوْ مِنْهَا كَالْحَائِضِ إذَا حَلَّ أَجَلُ الْإِيلَاءِ وَهُمْ بِتِلْكَ الصِّفَةِ فَإِنَّ الْفَيْئَةَ فِي حَقِّهِمْ بِمَا يَنْحَلُّ الْإِيلَاءُ بِهِ مِنْ عِتْقِ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ حَلَفَ بِعِتْقِهِ أَوْ بِتَعْجِيلِ حِنْثٍ أَوْ بِتَكْفِيرِ مَا يُكَفَّرُ قَبْلَ الْحِنْثِ كَالْحَلِفِ بِاَللَّهِ أَوْ طَلَاقٍ بَائِنٍ فِي غَيْرِ الْمُولَى مِنْهَا أَوْ فِيهَا وَلَا تَكُونُ الْفَيْئَةُ فِي حَقِّ هَؤُلَاءِ بِالْوَطْءِ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِمْ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ.

(ص) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ يَمِينُهُ مِمَّا تُكَفَّرُ قَبْلَهُ كَطَلَاقٍ - فِيهِ رَجْعَةٌ فِيهَا أَوْ فِي غَيْرِهَا -، وَصَوْمٍ - لَمْ يَأْتِ -، وَعِتْقِ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَالْوَعْدُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُولِيَ إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ مِمَّا لَا يُمْكِنُ تَكْفِيرُهَا قَبْلَ الْحِنْثِ كَقَوْلِهِ إنْ وَطِئْتُكِ فَزَوْجَتُهُ فُلَانَةُ طَالِقٌ أَوْ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ فَعَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ أَوْ فَعَلَيَّ صَدَقَةٌ مُعَيَّنَةٌ أَوْ عَلَيَّ مَشْيٌ أَوْ عَلَيَّ صِيَامُ أَيَّامٍ لَمْ يَأْتِ زَمَنُهَا فَإِنَّ مَا ذُكِرَ لَا يُمْكِنُ تَكْفِيرُ شَيْءٍ مِنْهُ قَبْلَ الْحِنْثِ لِأَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا طَلْقَةً رَجْعِيَّةً فَالْيَمِينُ مُنْعَقِدَةٌ عَلَيْهِ لَمْ تَنْحَلَّ فَإِذَا وَطِئَهَا وَقَعَ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ ثَانِيَةٌ فَلَا فَائِدَةَ فِي تَعْجِيلِ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْحِنْثِ وَكَذَلِكَ إنْ طَلَّقَ ضَرَّتَهَا وَكَذَلِكَ إنْ أَعْتَقَ عَبْدًا فَإِنَّهُ إذَا وَطِئَهَا لَزِمَهُ عِتْقُ عَبْدٍ آخَرَ وَكَذَلِكَ لَوْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ عِنْدَ الْحِنْثِ أَنْ يَتَصَدَّقَ أَيْضًا لِأَنَّ الْيَمِينَ مُنْعَقِدَةٌ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فَالْفَيْئَةُ فِي ذَلِكَ تَكُونُ بِالْوَعْدِ بِالْوَطْءِ إذَا زَالَ الْمَانِعُ لَا بِالْوَطْءِ لِتَعَذُّرِهِ بِالْمَرَضِ وَالسِّجْنِ وَلَا بِالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالصَّوْمِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ إذْ لَوْ فَعَلَهُ أَعَادَهُ مَرَّةً أُخْرَى فَلَا فَائِدَةَ فِي فِعْلِهِ كَمَا مَرَّ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ فِيهِ رَجْعَةٌ أَنَّهُ إنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ رَجْعَةٌ بِأَنْ كَانَ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَالِغًا الْغَايَةَ فَإِنَّ الْإِيلَاءَ يَنْحَلُّ عَنْهُ بِهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَصَوْمٍ لَمْ يَأْتِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ فَعَلَيَّ صَوْمُ شَهْرٍ لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا أَتَى لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ أَيْ وَالْحُكْمُ فِي الْأَوَّلِ لَا يَصُومُ حَتَّى يَطَأَ وَفِي الثَّانِي إذَا انْقَضَى قَبْلَ وَطْئِهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ فَاتَ (ص) وَبَعَثَ لِلْغَائِبِ وَإِنْ بِشَهْرَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا ضَرَبَ لِلشَّخْصِ الْحَالِفِ أَجَلَ الْإِيلَاءِ ثُمَّ انْقَضَى فَوُجِدَ حِينَئِذٍ غَائِبًا غَيْبَةً بَعِيدَةً مَسَافَتُهَا شَهْرَانِ فَإِنَّهُ يَبْعَثُ إلَيْهِ لِيَعْلَمَ مَا عِنْدَهُ فَإِنْ كَانَتْ غَيْبَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ طَلَّقَ عَلَيْهِ لَكِنْ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَجَلِ رَجَاءَ أَنْ يَقْدَمَ فِي الْأَجَلِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ بَعَثَ أَنَّهُ مَعْلُومُ الْمَوْضِعِ وَإِلَّا فَهُوَ مَفْقُودٌ فَيُطَلِّقُ عَلَيْهِ لِغَيْرِ الْإِيلَاءِ لِعَدَمِ نَفَقَةٍ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّ الْإِيلَاءَ مَعَ الْفَقْدِ سَاقِطٌ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ تَرْفَعْهُ لِلْحَاكِمِ لِتَمْنَعَهُ مِنْ السَّفَرِ حَيْثُ أَرَادَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ وَإِلَّا فَإِنَّهُ يَمْنَعُهُ مِنْ السَّفَرِ فَإِنْ أَبَى أَخْبَرَهُ أَنَّهُ يُطَلِّقُ عَلَيْهِ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ فَفَائِدَةُ إخْبَارِ الْحَاكِمِ أَنَّهُ لَا يَبْعَثُ لَهُ إذَا جَاءَ الْأَجَلُ وَطَلَبَتْ الْفَيْئَةَ.

(ص) وَلَهَا الْعَوْدُ إنْ رَضِيَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُولَى مِنْهَا إذَا حَلَّ أَجَلُ الْإِيلَاءِ فَرَضِيَتْ بِالْمُقَامِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ وَأَسْقَطَتْ حَقَّهَا مِنْ الْفَيْئَةِ ثُمَّ إنَّهَا رَجَعَتْ عَنْ ذَلِكَ الرِّضَا وَطَلَبَتْ الْفِرَاقَ فَلَهَا أَنْ تُوقِفَهُ مِنْ غَيْرِ ضَرْبِ أَجَلٍ فَإِمَّا أَفَاءَ وَإِلَّا طَلَّقَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا صَبْرَ لِلنِّسَاءِ عَلَيْهِ لِشِدَّةِ الضَّرَرِ وَدَوَامِهِ فَكَأَنَّهَا أَسْقَطَتْ مَا لَمْ تَعْلَمْ قَدْرَهُ وَمَرَّ نَظِيرُ هَذَا فِي امْرَأَةِ الْمُعْتَرِضِ عِنْدَ قَوْلِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْخَلَاصِ بِمَا لَا يُجْحِفُ فَفَيْئَةُ كُلٍّ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ (قَوْلُهُ: وَالْغَائِبَ الْغَيْبَةَ الْبَعِيدَةَ) وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ لَا يُنَافِيهِ لِأَنَّهُ إذَا بُعِثَ لَهُ يَفِيءُ بِمَا يَنْحَلُّ بِهِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَكُنْ يَمِينُهُ مِمَّا تُكَفَّرُ) أَيْ لَا يَنْفَعُ فِيهَا التَّكْفِيرُ أَوْ لَا يُمْكِنُ تَكْفِيرُهَا قَبْلَ الْحِنْثِ (قَوْلُهُ: كَطَلَاقٍ فِيهِ رَجْعَةٌ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ إنْ وَطِئْتُ عَمْرَةَ فَزَيْنَبُ طَالِقٌ فَطَلَّقَ عَمْرَةَ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً وَهِيَ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ فِيهَا أَوْ طَلَّقَ زَيْنَبَ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً وَهِيَ الْمُشَارُ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ أَوْ فِي غَيْرِهَا وَهَذَا أَحْسَنُ مِمَّا قَالَهُ شب وَنَصُّهُ فِيهَا نَحْوُ إنْ وَطِئْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ غَيْرَهَا كَأَنْ يَقُولَ لِإِحْدَى زَوْجَتَيْهِ إنْ وَطِئْتُكِ فَفُلَانَةُ طَالِقٌ كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ الْمُولِيَ إلَخْ) لَيْسَ الْمُرَادُ مُطْلَقَ مُولٍ بَلْ الْمُرَادُ يَمِينُ الْمَرِيضِ وَالْمَحْبُوسِ وَأَفْرَدَ الضَّمِيرَ مَعَ رُجُوعِهِ لَهُمَا لِأَنَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ أَوْ بِتَأْوِيلِهِ بِمَنْ ذُكِرَ (قَوْلُهُ: فَعَلَيَّ صَدَقَةٌ مُعَيَّنَةٌ) الْأَوْلَى غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ (قَوْلُهُ: أَيْ وَالْحُكْمُ فِي الْأَوَّلِ لَا يَصُومُ حَتَّى يَطَأَ) هَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ " وَصَوْمٍ لَمْ يَأْتِ " أَنَّهُ لَوْ قَالَ فَعَلَيَّ صَوْمُ شَهْرٍ لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ تَسْلِيمُ هَذَا الظَّاهِرِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ وَطِئْتُكِ فَعَلَيَّ صَوْمُ شَهْرٍ فَهُوَ مِمَّا الْكَلَامُ فِيهِ مِنْ أَنَّهُ لَمْ تَكُنْ الْيَمِينُ فِيهِ مِمَّا تُكَفَّرُ (قَوْلُهُ: وَبَعَثَ لِلْغَائِبِ إلَخْ) أَيْ الْمُولِي فِي غَيْبَتِهِ أَوْ كَانَ حَاضِرًا فَغَابَ وَلَمْ يُعْلَمْ بِهِ وَحَلَّ أَجَلُهُ فِي غَيْبَتِهِ وَحِينَئِذٍ فَالْبَعْثُ بَعْدَ الْأَجَلِ لِأَنَّ قَبْلَهُ لَيْسَ لَهَا كَلَامٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِشَهْرَيْنِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْغَائِبُ مُلْتَبِسًا بِشَهْرَيْنِ أَيْ مَعَ الْأَمْنِ أَوْ بِمَسَافَةِ شَهْرَيْنِ أَيْ مَعَ الْأَمْنِ فِيمَا يَظْهَرُ وَاثْنَا عَشَرَ يَوْمًا مَعَ الْخَوْفِ لِأَنَّ كُلَّ يَوْمَيْنِ مَعَهُ يُقَاوِمُ عَشَرَةً مَعَ الْأَمْنِ وَأُجْرَةُ الرَّسُولِ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا الْمُطَالِبَةُ.
(قَوْلُهُ: غَيْبَةً بَعِيدَةً) حَاصِلُهُ أَنَّهُ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ شَهْرَيْنِ فَأَقَلَّ فَإِنَّهُ يَبْعَثُ إلَيْهِ هَذَا مَعَ الْأَمْنِ وَأَمَّا مَعَ الْخَوْفِ فَاثْنَا عَشَرَ يَوْمًا فَأَقَلُّ فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ طُلِّقَ عَلَيْهِ (أَقُولُ) إذَا كَانَ الْحَالُ مَا ذَكَرَ فَالْأَوْلَى أَنْ يَجْعَلَ الشَّهْرَيْنِ مَعَ الْأَمْنِ غَيْبَةً قَرِيبَةً وَمِثْلُهُ الِاثْنَا عَشَرَ مَعَ الْخَوْفِ غَيْبَةٌ قَرِيبَةٌ وَيَكُونَ الْبَعِيدُ مَا كَانَ أَزْيَدَ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا يُطَلَّقُ عَلَيْهِ فِيهِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَجَلِ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ بَعْدَ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ) أَيْ كَضَرَرِ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِيلَاءَ مَعَ الْفَقْدِ سَاقِطٌ) فَلَا يُضْرَبُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ أَصْلًا.

(قَوْلُهُ: وَلَهَا الْعَوْدُ إلَخْ) أَيْ إنْ لَمْ يُقَيِّدْ الْإِسْقَاطَ بِمُدَّةٍ وَإِلَّا لَزِمَهَا الصَّبْرُ لَهَا ثُمَّ تَقُومُ بِلَا أَجَلٍ وَلَا رَفْعٍ لِحَاكِمٍ وَمِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ كَامْرَأَةِ الْمُعْتَرِضِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَلَهَا فِرَاقُهُ بَعْدَ الرِّضَا بِلَا أَجَلٍ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَمْرٌ إلَخْ) وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّضَرُّرَ بِتَرْكِ الْوَطْءِ أَشَدُّ مِنْ التَّضَرُّرِ بِتَرْكِ النَّفَقَةِ أَلَا تَرَى أَنَّهَا إذَا أَسْقَطَتْ نَفَقَتَهَا لَزِمَهَا إسْقَاطُهَا وَأَمَّا إنْ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا فِي الْفَيْئَةِ لَمْ يَلْزَمْهَا

الصفحة 99