كتاب المنتقى شرح الموطإ (اسم الجزء: 4)
(ص) : (مَالِكٌ عَنْ يُحْيِي بْنِ سَعِيدٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ أَنَّ امْرَأَتَهُ سَأَلَتْهُ الطَّلَاقَ فَقَالَ: إذَا حِضْت فَآذِنِينِي فَلَمَّا حَاضَتْ آذَنَتْهُ فَقَالَ: إذَا طَهُرْت فَآذِنِينِي فَلَمَّا طَهُرَتْ آذَنَتْهُ فَطَلَّقَهَا قَالَ مَالِكٌ: وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْت فِي ذَلِكَ) .
مَا جَاءَ فِي عِدَّةِ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا إذَا طَلُقَتْ فِيهِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ سَمِعَهُمَا يَذْكُرَانِ أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ طَلَّقَ ابْنَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَكَمِ أَلْبَتَّةَ فَانْتَقَلَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَكَمِ فَأَرْسَلَتْ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ إلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ فَقَالَتْ: اتَّقِ اللَّهَ وَارْدُدْ الْمَرْأَةَ إلَى بَيْتِهَا فَقَالَ مَرْوَانُ فِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ: إنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ غَلَبَنِي وَقَالَ مَرْوَانُ فِي حَدِيثِ الْقَاسِمِ أَوَ مَا بَلَغَك شَأْنُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لَا يَضُرُّك أَنْ لَا تَذْكُرَ حَدِيثَ فَاطِمَةَ فَقَالَ مَرْوَانُ: إنْ كَانَ بِك الشَّرُّ فَحَسْبُك مَا بَيْنَ هَذَيْنِ مِنْ الشَّرِّ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ بِنْتَ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ كَانَتْ تَحْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ فَطَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ فَانْتَقَلَتْ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالِاعْتِبَارَ بِهَا مَا لَمْ يُؤَدِّ تَأْخِيرُ الْقُرْءِ إلَى حَالِ الرِّيبَةِ وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(ش) : قَوْلُ الْأَنْصَارِيِّ لِامْرَأَتِهِ إذْ سَأَلَتْهُ الطَّلَاقَ: إذَا حِضْت فَآذِنِينِي يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي طُهْرٍ قَدْ مَسَّهَا فِيهِ وَإِيقَاعُ الطَّلَاقِ فِيهِ مَمْنُوعٌ فَأَمَرَهَا أَنْ تُؤْذِنَهُ بِحَيْضِهَا لِيَسْلَمَ طَلَاقُهُ مِنْ ذَلِكَ فَلَمَّا حَاضَتْ قَالَ لَهَا: إذَا طَهُرْت فَآذِنِينِي؛ لِأَنَّ إيقَاعَ الطَّلَاقِ حَالَ الْحَيْضِ مَمْنُوعٌ كَمَا تَقَدَّمَ فَلَمَّا طَهُرَتْ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّهَا فِيهِ وَلَا تَعَقَّبَ حَيْضًا طَلَّقَهَا فِيهِ، وَهُوَ الزَّمَانُ الَّذِي شُرِعَ إيقَاعُ الطَّلَاقِ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَا جَاءَ فِي عِدَّةِ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا إذَا طَلُقَتْ فِيهِ]
(ش) : قَوْلُهُ: إنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ طَلَّقَ ابْنَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَكَمِ أَلْبَتَّةَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ طَلَّقَهَا آخِرَ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ، فَإِنَّ تِلْكَ الطَّلْقَةَ تُوصَفُ بِهَا أَلْبَتَّةَ؛ لِأَنَّ حُكْمَهَا فِي ذَلِكَ حُكْمُ الثَّلَاثِ وَانْتِقَالُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَابْنَتِهِ يُرِيدُ مِنْ مَوْضِعِ عِدَّتِهَا، وَهُوَ مَوْضِعُ سُكْنَاهَا مَعَ زَوْجِهَا، وَذَلِكَ أَنَّ السُّكْنَى، وَإِنْ كَانَتْ حَقًّا مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ حِفْظُ النَّسَبِ وَلِحَقِّ اللَّهِ بِهِ تَعَلُّقٌ فَيُغَلَّظُ لِذَلِكَ فَلَيْسَ لِلزَّوْجَةِ إسْقَاطُهُ.
وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ لِلْمَبْتُوتَةِ: السُّكْنَى عَلَى زَوْجِهَا فِي الْعِدَّةِ وَيُحْبَسُ وَيُبَاعُ عَلَيْهِ فِيهِ مَالُهُ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ هَذَا حَقٌّ عَلَى الزَّوْجِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يُؤْخَذُ بِهِ كَمَا يُؤْخَذُ بِسَائِرِ الْحُقُوقِ اللَّازِمَةِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: إنْ اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ فَذَلِكَ عَلَيْهَا وَمَعْنَى ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ حَقُّ السُّكْنَى، وَالنَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ بِشَرْطِ الْيَسَارِ وَالْغِنَى وَيَسْقُطُ مَعَ الْعَدَمِ فَيَكُونُ عَلَيْهَا أَنْ تُسْكِنَ نَفْسَهَا كَمَا يَكُونُ عَلَيْهَا أَنْ تُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهَا، وَهَذَا فِي الْمَدْخُولِ بِهَا الَّتِي يُوطَأُ مِثْلُهَا، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا سُكْنَى فِي وَفَاةٍ وَلَا طَلَاقٍ صَغِيرَةً كَانَتْ أَوْ كَبِيرَةً قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: لَمْ يَخْتَلِفْ أَصْحَابُنَا أَنَّ لَهَا السُّكْنَى فِي الْفِرَاقِ كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا إذَا بُوِّئَتْ بَيْتًا قَالَ مَالِكٌ وَتَعْتَدُّ الْأَمَةُ حَيْثُ كَانَتْ إنْ كَانَ الزَّوْجُ يَأْتِيهَا عِنْدَ أَهْلِهَا اعْتَدَّتْ عِنْدَهُمْ، وَإِنْ كَانَتْ عِنْدَهُمْ بِالنَّهَارِ وَتَبِيتُ عِنْدَ زَوْجِهَا بِاللَّيْلِ اعْتَدَّتْ فِي مَنْزِلِهِ قَالَ أَشْهَبُ: إنْ كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهَا فَعَلَيْهِ السُّكْنَى وَإِلَّا فَلَا، وَوَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ: إنَّ سُكْنَى الْعِدَّةِ مُعْتَبَرَةٌ بِالسُّكْنَى حَالَ الزَّوْجِيَّةِ وَيَتَعَيَّنُ فِي مَوْضِعِهِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَيْهِ سُكْنَى فِي حَالِ الزَّوْجِيَّةِ وَقْتَ كَمَالِ النِّكَاحِ فَبَانَ لَا يَجِبُ لَهَا حَالَ الْفِرَاقِ، وَهُوَ وَقْتُ إسْلَامِ النِّكَاحِ أَوْلَى وَأَحْرَى، وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ: إنَّ السُّكْنَى حُكْمٌ يَجِبُ بِالزَّوْجِيَّةِ كَالنَّفَقَةِ فَإِذَا اقْتَضَتْ الزَّوْجِيَّةُ ثُبُوتَ إحْدَاهُمَا اقْتَضَتْ الْأُخْرَى، إذَا لَمْ تَقْتَضِهِ لَمْ تَقْتَضِ الْأُخْرَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا
الصفحة 101
308