كتاب المنتقى شرح الموطإ (اسم الجزء: 4)

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الْمُطَلَّقَةِ الَّتِي تَرْفَعُهَا حَيْضَتُهَا حِينَ يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا أَنَّهَا تَنْتَظِرُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ لَمْ تَحِضْ فِيهِنَّ اعْتَدَّتْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ حَاضَتْ قَبْلَ أَنْ تَسْتَكْمِلَ الْأَشْهُرَ الثَّلَاثَ اسْتَقْبَلَتْ الْحَيْضَ، فَإِنْ مَرَّتْ بِهَا تِسْعَةُ أَشْهُرٍ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ اعْتَدَّتْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ حَاضَتْ الثَّانِيَةَ قَبْلَ أَنْ تَسْتَكْمِلَ الْأَشْهُرَ الثَّلَاثَةَ اسْتَقْبَلَتْ الْحَيْضَ، وَإِنْ مَرَّتْ بِهَا تِسْعَةُ أَشْهُرٍ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ اعْتَدَّتْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ حَاضَتْ الثَّالِثَةَ كَانَتْ قَدْ اسْتَكْمَلَتْ عِدَّةَ الْحَيْضِ، فَإِنْ لَمْ تَحِضْ اسْتَقْبَلَتْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ حَلَّتْ وَلِزَوْجِهَا عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ الرَّجْعَةُ قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ بَتَّ طَلَاقَهَا) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَكَذَلِكَ إنْ رَأَتْ كَثْرَتَهُ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: رُبَّمَا عَرَفَتْ إقْبَالَ الْحَيْضِ بِكَثْرَةِ الدَّمِ، وَإِدْبَارَهُ بِقِلَّتِهِ وَلَكِنَّ عِدَّتَهَا سَنَةٌ؛ لِأَنَّهَا لَا تُؤْمَنُ أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهَا تَتَحَقَّقُ أَنَّهُ دَمُ حَيْضٍ بِالْكَثْرَةِ، وَالْقِلَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
فَإِذَا طَلُقَتْ مُسْتَحَاضَةً فَانْقَطَعَ عَنْهَا الدَّمُ ثُمَّ رَأَتْ بَعْدَهُ طُهْرًا كَامِلًا ثُمَّ حَيْضَهَا، فَإِنَّهَا تَنْتَقِلُ إلَى حُكْمِ الْأَقْرَاءِ، وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَحَاضَةً سِتَّةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ انْقَطَعَ عَنْهَا الدَّمُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ قَالَ أَصْبَغُ قَدْ حَلَّتْ وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ تَرَ دَمًا مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ اسْتَحَاضَتْ فَبِتَمَامِ السَّنَةِ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ تَحِلُّ إلَّا أَنْ تُحِسَّ حَرَكَةً فَتُقِيمُ إلَى أَنْ تَنْفُسَ أَوْ تَضَعَ أَوْ تَنْقَضِيَ مُدَّةُ الْحَمْلِ، وَمَعْنَى ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الِاسْتِحَاضَةُ رِيبَةً وَارْتِفَاعُ الْحَيْضَةِ رِيبَةً لُفِّقَ مِنْهُمَا الْعَامُّ الَّذِي هُوَ مُدَّةُ اعْتِدَادِ الْمُرْتَابَةِ، وَهَذَا فِي تَقَدُّمِ الِاسْتِحَاضَةِ فَأَمَّا فِي تَأَخُّرِهَا فَفِيهِ نَظَرٌ، وَذَلِكَ أَنَّ الِاسْتِحَاضَةَ لَا تَكُونُ إلَّا بَعْدَ حَيْضٍ فَإِذَا وُجِدَ الْحَيْضُ بَطَلَ حُكْمُ الرِّيبَةِ بِارْتِفَاعِ الْحَيْضِ وَاعْتَدَّتْ بِالْأَقْرَاءِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُضَافَ مَا بَعْدَ الْحَيْضِ مِنْ الِاسْتِحَاضَةِ إلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ الشُّهُورِ كَمَا لَا يُضَافُ مَا بَعْدَ الْحَيْضِ مِنْ الشُّهُورِ إلَى مَا قَبْلَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: تَسْتَأْنِفُ الْمُسْتَحَاضَةُ الَّتِي يَنْقَطِعُ عَنْهَا الدَّمُ سَنَةً مِنْ يَوْمِ انْقَطَعَتْ الِاسْتِحَاضَةُ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الِاسْتِحَاضَةَ لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ انْقِطَاعِ الدَّمِ فَلَا يُلَفَّقُ بَعْضُ ذَلِكَ إلَى بَعْضٍ وَلِأَنَّ عِدَّةَ الْمُسْتَرَابَةِ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مِنْ جِنْسِ مَا تَرْتَفِعُ بِهِ رِيبَتُهَا، فَإِذَا زَالَتْ رِيبَتُهَا بِالِاسْتِحَاضَةِ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ انْقَطَعَ عَنْهَا الدَّمُ لَمْ يَصْلُحْ أَنْ تَكُونَ عِدَّتُهَا بِارْتِفَاعِ الدَّمِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ مَا زَالَتْ يَدُ رِيبَتِهَا، وَهَذِهِ رِيبَةٌ أُخْرَى طَارِئَةٌ فَيَجِبُ أَنْ تُقِيمَ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ لِيَتَبَيَّنَ مَعْنَى هَذِهِ الرِّيبَةِ ثُمَّ تَعْتَدُّ عِدَّةً مِنْ جِنْسِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(ش) : قَوْلُهُ فِي الْمُطَلَّقَةِ تَرْفَعُهَا حَيْضَتُهَا يُرِيدُ أَنْ تَنْقَطِعَ عَنْهَا فَلَا تَرَى دَمَ حَيْضٍ، فَإِنَّ حُكْمَهَا أَنْ تَقْعُدَ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ اسْتِبْرَاءً لِمَا طَرَأَ عَلَيْهَا مِنْ الرِّيبَةِ بِارْتِفَاعِ الْحَيْضِ، فَإِنْ لَمْ تَحِضْ فِيهَا اعْتَدَّتْ بَعْدَهَا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ فَارَقَتْ حُكْمَ الْمَحِيضِ فَاعْتَدَّتْ بِالشُّهُورِ كَالْيَائِسَةِ مِنْ الْمَحِيضِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِقَوْلِ عُمَرَ مَنْ بَلَغَتْ سِنَّ الْيَأْسِ؛ لِأَنَّهُ عَامٌّ فَيُحْمَلُ عَلَى عُمُومِهِ وَأَيْضًا، فَإِنْ قَالَ: فَإِنْ بَانَ بِهَا حَمْلٌ وَإِلَّا اعْتَدَّتْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، وَهَذَا لَا يَكُونُ فِي الْيَائِسَةِ مِنْ الْمَحِيضِ؛ لِأَنَّ الْيَائِسَةَ مِنْ الْمَحِيضِ لَا تَحْمِلُ.
(فَصْلٌ) :
فَإِنْ حَاضَتْ قَبْلَ التِّسْعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ بَعْدَ انْقِضَائِهَا وَقَبْلَ الثَّلَاثَةِ الْأَشْهُرِ بَطَلَ حُكْمُ الشُّهُورِ وَاسْتَأْنَفَتْ الِاعْتِدَادَ بِالْأَقْرَاءِ، فَإِنْ جَرَتْ أَقْرَاؤُهَا عَلَى الْعَادَةِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ، وَإِنْ ارْتَفَعَتْ حَيْضَتُهَا بَعْدَ تِلْكَ الْحَيْضَةِ الْأُولَى، فَإِنْ اتَّصَلَتْ لَهَا بِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ طَهُرَتْ مِنْهَا لَمْ تَرَ فِيهَا دَمَ حَيْضٍ أَلْغَتْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ عِدَّتِهَا بِالْحَيْضَةِ، وَالْأَشْهُرِ الَّتِي تَقَدَّمَتْهَا وَاسْتَأْنَفَتْ الِاسْتِبْرَاءَ مِنْ يَوْمِ طُهْرِهَا مِنْ تِلْكَ الْحَيْضَةِ، فَإِذَا كَمُلَتْ مُدَّةُ الِاسْتِبْرَاءِ اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ ثُمَّ إنْ رَأَتْ حَيْضَةً ثَانِيَةً قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِالشُّهُورِ أَلْغَتْ ذَلِكَ كُلَّهُ وَاعْتَدَّتْ بِهَذِهِ الْحَيْضَةِ وَبِالْحَيْضَةِ الْأُولَى حَيْضَتَيْنِ مِنْ عِدَّتِهَا ثُمَّ إنْ ارْتَفَعَتْ حَيْضَتُهَا الثَّالِثَةُ اسْتَأْنَفَتْ الِاسْتِبْرَاءَ بِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ طَهُرَتْ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّانِيَةِ، فَإِنْ لَمْ تَرَ فِي مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ حَيْضًا اعْتَدَّتْ بَعْدَهَا بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فَتُلَفِّقُ الْحَيْضَ، وَإِنْ تَخَلَّلَتْهُ الرِّيبَةُ وَلَا تُلَفِّقُ مُدَّةَ الِاسْتِبْرَاءِ بَلْ تُلْغِي كُلَّ

الصفحة 110