كتاب المنتقى شرح الموطإ (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQرَجْعَةٌ إلَّا إذَا نَوَى بِهَا الرَّجْعَةَ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ تَكُونُ رَجْعَةً بِمُجَرَّدِهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّهُ مَعْنًى يَصِحُّ لِلْوَطْءِ فَلَمْ يَصِحَّ إلَّا مَعَ النِّيَّةِ، وَالْعَقْدِ كَالتَّلَفُّظِ بِعَقْدِ النِّكَاحِ، وَالرَّجْعَةِ.

(فَرْعٌ) فَإِنْ وَطِئَ فِي الْعِدَّةِ لَا يَنْوِي الرَّجْعَةَ فَلَهُ أَنْ يُرَاجِعَ فِي الْعِدَّةِ وَلَا يَطَأَ حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ قَالَهُ مَالِكٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا لَمْ يَنْكِحْهَا وَلَا غَيْرُهُ فِي بَقِيَّةِ أَمَدِ الِاسْتِبْرَاءِ، فَإِنْ فَعَلَ فُسِخَ نِكَاحُهُ وَلَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ كَمَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مَاؤُهُ (فَرْعٌ) وَلَا صَدَاقَ عَلَيْهِ إنْ وَطِئَ فِي الْعِدَّةِ لَا يُرِيدُ الرَّجْعَةَ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ارْتَجَعَهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مَهْرٌ فَلَا يَكُونُ الْوَطْءُ دُونَ الرَّجْعَةِ أَوْلَى بِالْمَهْرِ مِنْ الرَّجْعَةِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَلَا تَقَعُ الرَّجْعَةُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ دُونَ فِعْلٍ وَلَا قَوْلٍ رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ، فَإِنْ نَوَى بِهِ الرَّجْعَةَ ثُمَّ فَعَلَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْعِدَّةِ شَيْئًا مِمَّا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ: إنْ كَانَ فَعَلَ ذَلِكَ بِمَا كَانَ نَوَى مِنْ الرَّجْعَةِ وَلَمْ يُجَدِّدْ نِيَّةً فَهِيَ رَجْعَةٌ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ ذَلِكَ لِرَجْعَتِهِ الَّتِي كَانَ نَوَاهَا مِثْلُ تَجْدِيدِ النِّيَّةِ فَذَلِكَ يُجْزِئُهُ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
فَإِنْ أَشْهَدَ فِي الْعِدَّةِ أَنَّهُ وَطِئَ أَوْ اسْتَمْتَعَ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ: نَوَيْتُ بِذَلِكَ الِاسْتِمْتَاعِ الرَّجْعَةَ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ فِي الْعِدَّةِ أَنَّهُ وَطِئَ أَوْ قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ الْعِدَّةِ أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ الرَّجْعَةَ فَهُوَ مُصَدَّقٌ، وَلَوْ أَقَرَّ فِي الْعِدَّةِ أَنَّهُ خَلَا بِهَا ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ الْعِدَّةِ الرَّجْعَةَ بِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ رَجْعَةً حَتَّى يَكُونَ مَقَامُهُ عِنْدَهَا وَدُخُولُهُ وَخُرُوجُهُ مَعْرُوفًا بِغَيْرِ إقْرَارِهِ فَيُصَدَّقُ فِيمَا يَدَّعِي مِنْ أَنَّهُ ارْتَجَعَ فِي الْعِدَّةِ فَفَرَّقَ بَيْنَ إقْرَارِهِ بِالْخَلْوَةِ وَإِقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ أَنَّ الْخَلْوَةَ لَا تَكُونُ رَجْعَةً، وَإِنْ نَوَى بِهَا الرَّجْعَةَ، وَالْوَطْءُ مَعَ نِيَّةِ الرَّجْعَةِ يَكُونُ رَجْعَةً فَلِذَلِكَ افْتَرَقَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :
وَمَنْ قَالَ لِغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا: إنْ وَطِئْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَطِئَهَا رَوَى ابْنُ سَحْنُونَ عَنْ أَبِيهِ هِيَ طَالِقٌ بِالْيَمِينِ وَلَهُ الرَّجْعَةُ إنْ نَوَى بِبَقِيَّةِ وَطْئِهِ الرَّجْعَةَ فَهِيَ رَجْعَةٌ وَإِلَّا لَمْ يَحِلَّ لَهُ التَّمَادِي عَلَى الْوَطْءِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهَا جَارِيَةٌ إلَى بَيْنُونَةٍ كَالْكِتَابِيَّةِ إذَا أَسْلَمَتْ بَعْدَ بِنَاءِ زَوْجِهَا بِهَا، وَلِأَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ لَهُ رَجْعَةٌ إذَا عَرَا مِنْ النِّيَّةِ، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ رَجْعَةٌ كَانَ مَمْنُوعًا وَإِلَّا كَانَتْ غَيْرَ مُطَلَّقَةٍ وَتَتَضَمَّنُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فَصْلًا آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْوَطْءِ مُبَاحٌ لَهُ، وَهُوَ مِقْدَارُ مَا يَقَعُ بِهِ الْحِنْثُ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَالْمُطَلَّقَةُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي مَنْزِلِهَا إلَّا بَيْتٌ وَاحِدٌ أُخْرِجَ عَنْهَا الزَّوْجُ وَلَا يَكُونُ مَعَهَا فِي حُجْرَةٍ تَنْغَلِقُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهَا، وَالْمَبْتُوتَةُ، وَالرَّجْعِيَّةُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْمُسَاوَاةَ بَيْنَ الطَّلْقَتَيْنِ بَيِّنٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ قَالَ: وَلَوْ كَانَتْ دَارًا جَامِعَةً فَلَا بَأْسَ أَنْ يَكُونَ هُوَ فِي بَيْتٍ وَهِيَ فِي بَيْتٍ آخَرَ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ الدَّارُ الْجَامِعَةُ يَسْكُنُهَا جَمَاعَةٌ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَنْفَرِدُ بِمَسْكَنِهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَسْكُنَ الزَّوْجُ فِي مَسْكَنٍ يَنْفَرِدُ بِهِ كَمَا تَنْفَرِدُ الزَّوْجَةُ بِمَسْكَنِهَا، وَهَذَا حُكْمُ الْأَجْنَبِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
، وَالرَّجْعَةُ إنَّمَا تَكُونُ فِي الْمُطَلَّقَةِ الْمَدْخُولِ بِهَا فَأَمَّا غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا فَلَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا، وَهَذَا إذَا تَصَادَقَا عَلَى الْإِصَابَةِ، فَإِنْ ادَّعَاهَا أَحَدُهُمَا، وَأَنْكَرَهَا الْآخَرُ فَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ ذَلِكَ، وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى إنْكَارِ الْوَطْءِ فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَلَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُصَدَّقَانِ عَلَى نَفْيِ النَّسَبِ وَإِسْقَاطِ حَقٍّ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ فِي الْعِدَّةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :
فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فِي حَالِ حَيْضِهَا فَلَمَّا طَهُرَتْ طَلَّقَهَا لَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا رَوَاهُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَطْءَ مَمْنُوعٌ حَالَ الْحَيْضِ فَلَا يُصَدَّقُ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ الطَّلَاقِ لِإِحْرَازِ الرَّجْعَةِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَإِذَا رَاجَعَ الْمُطَلَّقَةَ فَأَجَابَتْهُ قَدْ أَسْقَطَتْ مُضْغَةً قَالَ مَالِكٌ: هِيَ مُصَدَّقَةٌ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي تَصْدِيقَهَا فِيمَا يُمْكِنُ إذَا رَاجَعَتْهُ عِنْدَ قَوْلِهِ أَوْ عِنْدَ بُلُوغِ ذَلِكَ إلَيْهَا، فَإِنْ قَالَ لَهَا ذَلِكَ الْيَوْمَ فَقَالَتْ مِنْ الْغَدِ قَدْ كُنْت.

الصفحة 112