كتاب المنتقى شرح الموطإ (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَرَوَى نَحْوَهُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ وَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الَّتِي اسْتَثْنَى زَوْجَةً لَهُ فَقَدْ حَلَفَ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا وَلَا خِلَافَ أَنَّ ذَلِكَ لَازِمٌ لَهُ.
وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ لَمْ يُورِدْهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَأَنَّهُ إنَّمَا أَوْرَدَهُ عَلَى وَجْهِ الِامْتِنَاعِ مِنْ نِكَاحِ غَيْرِهَا، وَلَوْ لَزِمَهُ ذَلِكَ لَلَزِمَهُ إذَا طَلَّقَهَا أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ غَيْرَهَا، وَهَذَا يَسُدُّ بَابَ الِاسْتِمْتَاعِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَرْعٌ) وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ أَجْنَبِيَّةً فَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ فَرَوَى عَنْهُ الْمِصْرِيُّونَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَنْ عَمَّ وَكَذَلِكَ إذَا اسْتَثْنَى الْعَدَدَ الْيَسِيرَ كَالْعَشَرَةِ وَنَحْوِهَا أَوْ قَبِيلَةً أَوْ قَرْيَةً وَهُمْ قَلِيلٌ وَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ فِي ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ إذَا اسْتَثْنَى الْعَدَدَ الْقَلِيلَ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ سَعَةٌ لِلنِّكَاحِ فَهُوَ كَمَنْ عَمَّ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ رِوَايَةُ الْمَدَنِيِّينَ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّهُ إذَا قَالَ: إلَّا فُلَانَةَ لَزِمَهُ ذَلِكَ، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُرَاعَى فِيهِ أَنْ يَتْرُكَ مَا يُمْكِنُ فِيهِ النِّكَاحُ فَإِذَا اسْتَثْنَى مَا لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ غَالِبًا فَهُوَ كَمَنْ عَمَّ، وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ إذَا اسْتَثْنَى فَقَدْ عَدَلَ عَنْ الِاسْتِيعَابِ فَوَجَبَ أَنْ يَلْزَمَهُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ اسْتَثْنَى الْكَثِيرَ.
(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِرِوَايَةِ اللُّزُومِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: يَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَتْ الَّتِي اسْتَثْنَى ذَاتَ زَوْجٍ؛ لِأَنَّهُ يُرْجَى لَهُ أَنْ تَخْلُوَ مِنْ الزَّوْجِ فَيَتَزَوَّجَهَا وَكَذَلِكَ لَوْ تَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ لَزِمَتْهُ الْيَمِينُ إلَّا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فِي عِدَّةٍ فَتَحْرُمَ عَلَيْهِ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا وَقَالَ مُطَرِّفٌ: إنْ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ أَوْ تَزَوَّجَهَا فَأَبَتَّهَا لَمْ تَلْزَمْهُ الْيَمِينُ، وَلَوْ طَلَّقَهَا طَلْقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ لَزِمَتْهُ الْيَمِينُ، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ أَنَّ الْيَمِينَ تَلْزَمُهُ مَا لَمْ يُقْطَعْ بِتَعَذُّرِ النِّكَاحِ وَاَلَّتِي أَبَتَّهَا لَا يُقْطَعُ بِتَعَذُّرِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا غَيْرُهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ فَتَزَوَّجَهَا الْحَالِفُ فَهَذَا لَا يُقْطَعُ بِتَعَذُّرِ النِّكَاحِ عَلَيْهِ فَلَزِمَتْ الْيَمِينُ كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا طَلْقَةً، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ نِكَاحَهَا لَا يُمْكِنُهُ الْآنَ فَيُعْتَبَرُ بِتَعَذُّرِ النِّكَاحِ عَلَيْهِ حِينَ يَمِينِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
1 -
(فَرْعٌ) وَمَنْ قَالَ: كُلُّ ثَيِّبٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ كُلُّ بَكْرٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا تَلْزَمُهُ الثَّانِيَةُ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ تَلْزَمُهُ الْيَمِينَانِ، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْيَمِينُ الثَّانِيَةُ تَمْنَعُ الِاسْتِمْتَاعَ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الْيَمِينَ الثَّانِيَةَ لَا تَتَنَاوَلُ الْمَنْعَ، وَإِنَّمَا تَتَنَاوَلُ صِنْفًا مِنْ النِّسَاءِ وَيَنْفِي الْكَثِيرُ فَوَجَبَ أَنْ يَلْزَمَهُ كَالْأَوَّلِ.

(مَسْأَلَةٌ) :
وَمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَنْوِيَهَا وَعَمَلَهَا أَوْ يَنْوِيَهَا خَاصَّةً أَوْ لَا يَنْوِيَ شَيْئًا، فَإِنْ نَوَاهَا وَعَمَلَهَا لَزِمَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ نَوَاهَا خَاصَّةً فَفِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ فِيمَنْ حَلَفَ بِطَلَاقِ مَنْ يَتَزَوَّجُ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ إنَّ نَوَى الْحَاضِرَةَ لَزِمَهُ فِيمَنْ عَلَى مَسَافَةِ الْجُمُعَةِ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ قَالُوا: وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا لَزِمَهُ فِي مَسِيرَةِ يَوْمٍ حَتَّى يُجَاوِزَ أَرْبَعِينَ مِيلًا وَأَكْثَرَ حَدِّ مَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ.
وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَسْتَحْسِنُ أَنْ يَتَبَاعَدَ إلَى حَيْثُ لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ قَالَ أَصْبَغُ: وَالْقِيَاسُ أَنْ يَتَبَاعَدَ إلَى حَيْثُ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ إذَا خَرَجَ فِي ظَعْنِهِ وَلَا تَتِمُّ فِيهِ الصَّلَاةُ إذَا قَدِمَ، وَالْأَوَّلُ اسْتِحْسَانٌ، وَلَوْ تَزَوَّجَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي بَرَزَ إلَيْهِ لَمْ تُقْصَرْ حَتَّى يُجَاوِزَهُ لَمْ أَفْسَخْهُ رَوَى ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ فِي الْحَالِفِ لَا يَتَزَوَّجُ مِنْ قُرْطُبَةَ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا فِي قُرْطُبَةَ وَأَرْبَاضِهَا، وَلَوْ قَالَ بِالْقَيْرَوَانِ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا فِي الْمَدِينَةِ نَفْسِهَا، وَلَوْ تَزَوَّجَ مِنْ مَنْزِلِ الْعَلَوِيِّينَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ مِنْ الْإِسْكَنْدَرِيَّة فَقَدْ حَلَفَ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ مَوْضِعٍ يَقَعُ عَلَيْهِ هَذَا الِاسْمُ وَفِي حُكْمِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ، فَإِذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا كَانَ كُلُّ مَوْضِعٍ لَا تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ مِنْ الْإِسْكَنْدَرِيَّة لَهُ حُكْمُ الْإِسْكَنْدَرِيَّة فِي ذَلِكَ.
وَقَدْ قَالَ أَصْبَغُ: إنَّ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّحَرِّي فَمَنْ تَزَوَّجَ مِنْ مَوْضِعِ مَسَافَةِ الْجُمُعَةِ لَمْ نَفْسَخْهُ، وَوَجْهُ قَوْلِ سَحْنُونَ أَنَّ الِاسْمَ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ الْمِصْرَ وَأَرْبَاضَهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 196] ، وَإِنَّمَا يَتَنَاوَلُ هَذَا مَا يَكُونُ مُضَافًا إلَى الْقَرْيَةِ مِنْ الْأَرْبَاضِ الْمُتَّصِلَةِ بِهَا؛ لِأَنَّ.

الصفحة 116