كتاب المنتقى شرح الموطإ (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَمَّا الْوِطَاءُ، وَالْغِطَاءُ، وَالْفُرُشُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إنْ كَانَتْ حَدِيثَةَ عَهْدٍ بِالْبِنَاءِ وَعِنْدَهَا شُورَتُهَا مِنْ صَدَاقِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ مَعَهَا بِأُزُرِهَا وَبُسُطِهَا وَمَرَافِقِهَا وَوَسَائِدِهَا قَالَ أَصْبَغُ: إنَّمَا يُفْرَضُ ذَلِكَ لِلَّتِي لَا شُورَةَ لَهَا وَلَا شَيْءَ مَعَهَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ، فَإِنْ طَالَ الْعُمُرُ وَخَلَقَتْ الشُّورَةُ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي صَدَاقِهَا مَا تَتَشَوَّرُ بِهِ فَعَلَيْهِ الْوَسَطُ مِنْ ذَلِكَ لِلصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ يُفْرَضُ لَهَا فِرَاشٌ وَمُرْفَقَةٌ وَإِزَارٌ وَلِحَافٌ وَلِبَدٌ لِلشِّتَاءِ وَسَرِيرٌ إنْ كَانَ بِمَوْضِعٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِبَرَاغِيثَ أَوْ فَأْرٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا سَرِيرَ عَلَيْهِ وَذَكَرَ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِثْلَهُ إلَّا اللِّبَدَ فَلَمْ يَذْكُرْهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: عَلَيْهِ حَصِيرٌ مِنْ حَلْفَاءَ أَوْ بَرَدَى يَكُونُ تَحْتَ الْفِرَاشِ وَمَعْنَى ذَلِكَ كُلِّهِ أَنَّ هَذَا الْأَصْلُ فِي كِسْوَتِهَا فَيُزَادُ فِي الْجَوْدَةِ وَيُنْقَصُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ حَالِهَا وَحَالِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَعَلَيْهِ خِمَارُ رَأْسِهَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَعَلَيْهِ دُهْنُ رَأْسِهَا وَشِرَاءُ حِنَّاءٍ وَمُشْطٍ وَكُحْلٍ وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ: لَيْسَ عَلَيْهِ نُضُوخٌ وَلَا إصْبَاغٌ وَلَا الْمُشْطُ وَلَا الْمُكْحُلَةُ وَرَوَى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ وَهْبٍ لَهَا الْحِنَّاءُ لِرَأْسِهَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ الطِّيبُ، وَالزَّعْفَرَانُ وَخِضَابُ الْيَدَيْنِ، وَالرِّجْلَيْنِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَمَعْنَى ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ مِنْ زِينَتِهَا إلَّا مَا تَسْتَضِرُّ بِتَرْكِهَا إيَّاهُ كَالْكُحْلِ الَّذِي يَضُرُّ تَرْكُهُ بِبَصَرِ مَنْ يَعْتَادُهُ، وَالْمَشْطِ الَّذِي بِالْحِنَّاءِ، وَالدَّهْنِ لِمَنْ اعْتَادَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَرْكَ ذَلِكَ لِمَنْ اعْتَادَهُ يُفْسِدُ الشَّعْرَ وَيُمَزِّقُهُ وَاَلَّذِي نَفَى ابْنُ الْقَاسِمِ إنَّمَا هُوَ الْمُكْحُلَةُ وَلَمْ يَنْفِ الْكُحْلَ نَفْسَهُ فَتَضَمَّنَ الْقَوْلَانِ أَنَّ الْكُحْلَ يَلْزَمُهُ دُونَ الْمُكْحُلَةِ، وَعَلَى هَذَا يَلْزَمُهُ مَا تَمْتَشِطُ بِهِ مِنْ الدُّهْنِ، وَالْحِنَّاءِ دُونَ الْآلَةِ الَّتِي تَمْتَشِطُ بِهَا.
(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إنَّ الْحَاكِمَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ أَوْ بِأَثْمَانِهَا، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ الْإِمَامُ إلَى أَنْ يَجْتَهِدَ فِي صِفَاتِهَا إنْ حَضَرَتْ كَمَا يَحْتَاجُ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي قِيمَتِهَا، وَإِنْ غَابَتْ فَأَيُّ ذَلِكَ كَانَ أَسْهَلَ عَلَيْهِ وَأَقْرَبَ تَنَاوُلًا وَأَبْيَنَ وُصُولًا إلَى الْحَقِّ أَخَذَ بِهِ وَكَانَ الِاخْتِيَارُ فِي ذَلِكَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَقْصِدُ الْعَدْلَ فِي ذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ بِأَيِّ وَجْهٍ أَمْكَنَ لَهُ وَأَيْسَرَ عَلَيْهِ.
(فَرْعٌ) وَلِكَمْ يُفْرَضُ لَهَا عَلَيْهِ؟ قَالَ ابْنُ سَحْنُونَ عَنْ أَبِيهِ: إنَّ ذَلِكَ بِقَدْرِ مَا يَرَى السُّلْطَانُ مِنْ جِدَّتِهِ فَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَجْرِي عَلَيْهَا يَوْمًا بِيَوْمٍ وَمِنْهُمْ جُمُعَةً بِجُمُعَةٍ وَمِنْهُمْ شَهْرًا بِشَهْرٍ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَإِذَا وَلَدَتْ الْمَرْأَةُ فَقَدْ قَالَ أَصْبَغُ أَجْرُ الْقَابِلَةِ عَلَى الزَّوْجِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: إنْ كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ لِلْمَرْأَةِ فَذَلِكَ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ لِلْوَلَدِ فَذَلِكَ عَلَى الْأَبِ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُمَا فَذَلِكَ بَيْنَهُمَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ أَيَّدَهُ اللَّهُ: وَالْأَظْهَرُ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْمُؤَنِ الَّتِي لَا تَسْتَبِدُّ عَنْهَا الزَّوْجِيَّةُ غَالِبًا، وَإِذَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ، وَالْكِسْوَةُ، وَالْمَرْأَةُ تَنْفَرِدُ بِمَنْفَعَةِ ذَلِكَ فَبِأَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلَا تَنْفَرِدَ الْمَرْأَةُ بِمَنْفَعَتِهِ أَوْلَى وَلِذَلِكَ يُنْفَقُ عَلَى الْحَامِلِ بِسَبَبِ الْحَمْلِ، وَإِنْ كَانَ مُعْظَمُ الْمَنْفَعَةِ لِلْحَامِلِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَجْرُ الْحِجَامَةِ وَلَا الطِّيبِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ، وَذَلِكَ أَنَّهَا مِنْ الْمُؤَنِ الَّتِي تَنْدُرُ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ مَا لَا تَسْتَبِدُّ مِنْهُ مِنْ الْمُؤَنِ الْمُعْتَادِ كَالطَّعَامِ، وَالشَّرَابِ وَلِذَلِكَ لَمْ تَلْزَمْهُ الْفَاكِهَةُ لَمَّا كَانَتْ مِمَّا تَسْتَبِدُّ عَنْهَا مِنْ الْمُؤَنِ وَتَسْتَغْنِي عَنْ اسْتِعْمَالِهَا.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَعَلَيْهِ إخْدَامُهَا إنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَخْدِمُ نَفْسَهَا لِحَالِهَا وَغِنَى زَوْجِهَا وَلَيْسَ عَلَيْهَا مِنْ الْخِدْمَةِ الْبَاطِنَةِ فِي بَيْتِهَا شَيْءٌ، وَالْخِدْمَةُ الْبَاطِنَةُ هِيَ الْعَجْنُ، وَالطَّبْخُ، وَالْكَنْسُ، وَالْفَرْشُ وَسَقْيُ الْمَاءِ إذَا كَانَ مَعَهَا وَعَمَلُ الْبَيْتِ كُلُّهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَخْدِمَهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ الضِّعَةِ وَلَيْسَ فِي صَدَاقِهَا مَا تَشْتَرِي بِهِ خَادِمًا فَلَيْسَ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَخْدِمَهَا وَعَلَيْهَا الْخِدْمَةُ الْبَاطِنَةُ، وَأَمَّا الْغَزْلُ، وَالنَّسْجُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ عَلَيْهَا بِحَالٍ إلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ مَلِيًّا إلَّا أَنَّهُ فِي الْحَالِ مِثْلُهَا مَا لَمْ يَكُنْ مِنْ أَشْرَفِ الرِّجَالِ الَّذِينَ لَا يَمْتَهِنُونَ نِسَاءَهُمْ فِي الْخِدْمَةِ، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ مُعْسِرًا فَلَيْسَ عَلَيْهِ إخْدَامُهَا، وَإِنْ كَانَتْ ذَاتَ قَدْرٍ وَشَرَفٍ وَعَلَيْهَا الْخِدْمَةُ الْبَاطِنَةُ كَالدَّنِيَّةِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْخِدْمَةَ جَارِيَةٌ

الصفحة 130