كتاب المنتقى شرح الموطإ (اسم الجزء: 4)

(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ شِهَابٍ يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ: بَرِئْتِ مِنِّي وَبَرِئْتُ مِنْكِ أَنَّهَا ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ بِمَنْزِلَةِ الْبَتَّةِ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ خَلِيَّةٌ أَوْ بَرِيَّةٌ أَوْ بَائِنَةٌ إنَّهَا ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي قَدْ دَخَلَ بِهَا وَيُدَيَّنُ فِي الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَوَاحِدَةً أَرَادَ أَمْ ثَلَاثًا، فَإِنْ قَالَ: وَاحِدَةٌ أُحْلِفَ عَلَى ذَلِكَ وَكَانَ خَاطِبًا مِنْ الْخُطَّابِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُخْلِي الْمَرْأَةَ الَّتِي قَدْ دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا وَلَا يُبِينُهَا وَلَا يُبْرِئُهَا إلَّا ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ وَاَلَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا يُخَلِّيهَا وَيُبْرِئُهَا وَتُبِينُهَا الْوَاحِدَةُ قَالَ مَالِكٌ، وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْت فِي ذَلِكَ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQثَلَاثٌ وَلَا نِيَّةَ لَهُ كَمَا لَوْ قَالَ: وَهَبْتُكُمْ إيَّاهَا.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إنَّهُ حَمَلَ حَدِيثَ الْقَاسِمِ عَلَى غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَلِذَلِكَ رَأَى أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّهَا تَطْلِيقَةٌ وَفِي الْمُزَنِيَّة أَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ يُرِيدُ حَدِيثَ الْقَاسِمِ قَالَ مَالِكٌ وَأَرَاهَا لِلَّتِي قَدْ دَخَلَ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَهُوَ بَيِّنٌ أَنَّهُ لَيْسَتْ إلَّا وَاحِدَةً إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَأَصْبَغُ هِيَ ثَلَاثٌ بَنَى بِهَا أَوْ لَمْ يَبْنِ بِهَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ وَاحِدَةً كَالْمَوْهُوبَةِ وَرَوَاهُ أَشْهَبُ وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَوَجْهُ ذَلِكَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
(فَرْقٌ) : وَفَرَّقَ أَشْهَبُ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ لِأَهْلِهَا شَأْنُكُمْ بِهَا، وَبَيْنَ أَنْ يَقُولَ لَهَا: شَأْنُك بِأَهْلِك، فَإِذَا قَالَ لِأَهْلِهَا: شَأْنُكُمْ بِهَا، فَإِنَّهُ لَا يَنْوِي، وَإِذَا قَالَ لَهَا: شَأْنُك بِأَهْلِك نَوَى وَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ ذَلِكَ سَوَاءٌ يَنْوِي فِي الَّتِي لَمْ يَبْنِ بِهَا وَلَا يَنْوِي فِي الْمَدْخُولِ بِهَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَيَجِبُ عِنْدِي أَنْ يَدْخُلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْخِلَافِ مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ فِي خَلَّيْت سَبِيلَك، وَقَوْلُهُ: خَلَّيْت سَبِيلَك يَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَشَدَّ وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْحَقِي بِأَهْلِك يَجِبُ أَنْ يَجْرِيَ عَلَى هَذَا.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ يَنْوِي فِي الْحَقِي بِأَهْلِك وَيَحْلِفُ.
وَأَمَّا إذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ رَدٌّ عَلَى أَهْلِك أَوْ وَهَبْتُك لِأَهْلِك أَوْ وَهَبْتُك لِأَبِيك فَفِي الْمُزَنِيَّة مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى النَّسَائِيّ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا ثَلَاثٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَوَاحِدَةٌ فِي الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ: قَبِلَهَا أَبُوهَا أَوْ لَمْ يَقْبَلْهَا، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الطَّلَاقَ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ، فَإِذَا وُجِدَ مِنْهُ لَفْظٌ يَقْتَضِي الطَّلَاقَ وَلَيْسَ فِيهِ اسْتِثْنَاءُ مَشِيئَةٍ لِأَبٍ لَمْ يُرَاعِ فِي ذَلِكَ مَشِيئَةَ الْأَبِ.

(ش) : قَوْلُهُ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ بَرِئْت مِنِّي وَبَرِئْت مِنْك أَنَّهَا ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ.
(مَسْأَلَتَانِ إحْدَاهُمَا) أَنَّ لَفْظَ الْبَرَاءَةِ يَقْتَضِي الثَّلَاثَ؛ لِأَنَّهُ بِهِ تَقَعُ بَرَاءَتُهُمَا مِنْ الزَّوْجِيَّةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.
وَالثَّانِيَةُ أَنَّ إضَافَةَ الطَّلَاقِ إلَى الزَّوْجِ أَوْ إلَى الزَّوْجَةِ سَوَاءٌ، فَإِذَا قَالَ لَهَا: بَرِئْتِ مِنِّي وَبَرِئْتُ مِنْك فَهُوَ سَوَاءٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ مِنِّي بَائِنٌ أَوْ أَنْتِ حَرَامٌ أَوْ أَنَا عَلَيْك حَرَامٌ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهَا: أَنَا مِنْك طَالِقٌ أَوْ أَنْتِ مِنِّي طَالِقٌ سَوَاءٌ أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى الزَّوْجِ أَوْ إلَى الزَّوْجَةِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنَّ إضَافَةَ الطَّلَاقِ إلَى الزَّوْجِ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ، وَذَلِكَ إذَا قَالَ لَهَا: أَنَا مِنْك طَالِقٌ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّهَا جِهَةٌ لَوْ أَضَافَ إلَيْهَا الطَّلَاقَ بِلَفْظِ الْبَيْنُونَةِ ثَبَتَ حُكْمُهُ كَجِهَةِ الزَّوْجَةِ.

(ش) : قَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي الْخَلِيَّةِ، وَالْبَرِيَّةِ وَحُكْمُ الْبَائِنِ حُكْمُ الْخَلِيَّةِ، وَالْبَرِيَّةِ.
وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: إنَّهَا ثَلَاثٌ فِي الَّتِي دَخَلَ بِهَا وَلَا يُدَيَّنُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ وَاحِدَةً لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ، وَإِنَّمَا يُدَيَّنُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ قُبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ، وَإِنْ حَلَفَ أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ أَنْتِ بَائِنٌ لَا ادِّعَاءَ مِنْ ذَلِكَ وَكَانَ خَاطِبًا مِنْ الْخُطَّابِ وَفِي ذَلِكَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَحْلِفُ إذَا أَرَادَ النِّكَاحَ، وَلَوْ حَلَفَ عِنْدَ طَلَاقِهِ لَمْ يُقَلْ فِيهِ خَاطِبٌ مِنْ الْخُطَّابِ، وَإِنَّمَا يُقَالُ فِيهِ إنَّهُ رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٍ أَنَّهُ عِنْدَ إرَادَتِهِ لِلنِّكَاحِ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يُخَلِّي الْمَرْأَةَ الَّتِي قَدْ دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا وَلَا يُبِينُهَا وَلَا يُبْرِئُهَا إلَّا ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ وَاَلَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا يُخَلِّيهَا وَيُبْرِئُهَا وَيُبِينُهَا الْوَاحِدَةُ يَقْتَضِي قَوْلُهُ هَذَا أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ الْبَيْنُونَةُ، وَالْإِخْلَاءُ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ قَطْعَ الْعِصْمَةِ بِالنِّيَّةِ، وَلَمَّا

الصفحة 14