كتاب المنتقى شرح الموطإ (اسم الجزء: 4)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ تَمْلِيكٌ لِمَا زَادَ وَلَا مِنْهَا رِضًا بِذَلِكَ وَلَا إيقَاعَ لَهُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَيَكُونُ لَهُ الرَّجْعَةُ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَقَعُ طَلْقَةً وَاحِدَةً بَائِنَةً إلَّا أَنْ يَنْوِيَ ثَلَاثًا فَيَكُونَ ثَلَاثًا، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذِهِ جِهَةٌ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فَكَانَتْ وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً كَجِهَةِ الزَّوْجِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
فَإِنْ أَوْقَعَتْ ثَلَاثًا، وَهُوَ قَدْ نَوَى وَاحِدَةً لَزِمَتْهُ وَاحِدَةٌ وَلَمْ يَلْزَمْهُ أَكْثَرُ مِنْهَا وَبِهَذَا أَخَذَ مَالِكٌ، وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عُمَرَ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُنَاكِرَهَا.
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ الْأَمْرَ عَلَى مَا قَضَتْ وَلَا يَنْفَعُهُ الْمُنَاكَرَةُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَا أَنَّ الطَّلَاقَ إنَّمَا صَارَ بِيَدِهَا بِجَعْلِهِ ذَلِكَ إلَيْهَا وَتَفْوِيضِهِ، وَاَلَّذِي جُعِلَ إلَيْهَا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَمَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الطَّلَاقِ لَمْ يَجْعَلْهُ إلَيْهَا فَلَمْ يَكُنْ لَهَا إيقَاعُهُ كَالْوَاحِدَةِ قَبْلَ أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ إلَيْهَا.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَإِنْ مَلَّكَهَا ثَلَاثًا صَرَّحَ بِهَا فَأَوْقَعَتْ وَاحِدَةً فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَلْزَمُهُ الطَّلْقَةُ، وَهِيَ رِوَايَةُ مُطَّرِفٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ قَالَ لَهَا قَدْ مَلَّكْتُك أَلْبَتَّةَ فَأَوْقَعَتْ وَاحِدَةً لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ شَيْئًا؛ لِأَنَّ أَلْبَتَّةَ لَا تَنْقَسِمُ، وَالثَّلَاثَةَ تَنْقَسِمُ مِنْ ثَمَانِيَةِ أَبِي زَيْدٍ وَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّ مَا جَعَلَهُ إلَيْهَا وَقَصَرَتْ عَنْهُ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ، فَإِذَا أَلْزَمْنَاهُ الْوَاحِدَةَ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ مُوَافَقَةٌ لِمَا جُعِلَ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ الثَّلَاثَ لَمْ تُوقِعْهَا الزَّوْجَةُ فَلَمْ تَقَعْ، وَالْوَاحِدَةُ لَمْ يَجْعَلْهَا الزَّوْجُ إلَيْهَا، فَإِذَا أَثْبَتْنَا حُكْمَ مَا أَوْقَعَتْ، وَهِيَ الْوَاحِدَةُ أَثْبَتْنَا مَا يُخَالِفُ مَا جَعَلَهُ الزَّوْجُ إلَيْهَا، وَإِذَا جَعَلَ إلَيْهَا وَاحِدَةً وَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا فَقَدْ وَافَقَتْهُ فِي الْوَاحِدَةِ وَمَا زَادَتْ عَلَى ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يَجْعَلْهُ إلَيْهَا يَبْطُلُ وَيَثْبُتُ مَا جَعَلَهُ إلَيْهَا فَتُوجَدُ الْمُوَافَقَةُ لِمَا جَعَلَهُ إلَيْهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا إنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالثَّلَاثِ، وَإِنَّمَا قَالَ لَهَا: أَمْرُك بِيَدِك فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا وَاحِدَةً فَقَالَ: لَمْ أُرِدْ إلَّا التَّمْلِيكَ فِي الثَّلَاثِ، فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ وَتَقَعُ طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ وَيَكُونُ أَمْلَكَ بِمَا قَالَهُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ التَّمْلِيكَ مِنْهُ قَدْ وُجِدَ، وَهُوَ يَحْتَمِلُ الْوَاحِدَةَ وَلِذَلِكَ لَوْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا وَادَّعَى وَاحِدَةً لَكَانَتْ وَاحِدَةً فَإِذَا أَوْقَعَتْهَا الزَّوْجَةُ فَقَالَ: لَمْ أُرِدْ إلَّا ثَلَاثًا لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ وَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى وَجْهِ النَّدَمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَمْرُك بِيَدِكِ فَقَالَتْ قَبِلْتُ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت بِالتَّمْلِيكِ أَلْبَتَّةَ وَقَالَتْ هِيَ أَرَدْتُ وَاحِدَةً فَفِي الْمَبْسُوطِ عَنْ مَالِكٍ هِيَ ثَلَاثٌ إلَّا أَنْ تَقُولَ: قَبِلْت وَاحِدَةً وَمَعْنَى ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ لَمَّا فُسِّرَ قَوْلُهُ بِالثَّلَاثِ وَقَالَتْ هِيَ: قَبِلْتُ وَكَانَ ظَاهِرُ ذَلِكَ قَبُولَهَا مَا جَعَلَ إلَيْهَا لَزِمَهُ مَا أَقَرَّ أَنَّهُ جَعَلَ إلَيْهَا فِعْلَهُ وَلَمْ يَنْفَعْهَا تَفْسِيرُ مَا نَوَتْهُ بِالْوَاحِدَةِ، وَهِيَ تَحْتَمِلُ الثَّلَاثَ مَعَ مُطَابَقَتِهَا لِمَا جَعَلَهُ بِيَدِهَا.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَيَقُولُ لَمْ أُرِدْ إلَّا وَاحِدَةً يَعْنِي أَنَّ مُنَاكَرَتَهُ لَهَا أَنْ يَقُولَ لَمْ أُرِدْ إلَّا وَاحِدَةً فَهَذَا يَحْلِفُ عَلَى قَوْلِهِ إنَّهُ لَمْ يُرِدْ إلَّا وَاحِدَةً قَالَ مُحَمَّدٌ يَحْلِفُ مَكَانَهُ؛ لِأَنَّ لَهُ الرَّجْعَةَ مَكَانَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا فَلَا تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ؛ لِأَنَّهَا قَدْ بَانَتْ مِنْهُ، فَإِذَا أَرَادَ نِكَاحَهَا حَلَفَ عَلَى مَا نَوَى وَلَا يَحْلِفُ قَبْلَ ذَلِكَ إذْ لَعَلَّهُ لَا يَتَزَوَّجُهَا، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مُحَمَّدٌ عِنْدِي إنَّمَا هُوَ لِيَحْكُمَ لَهُ الْآنَ بِأَنَّ طَلَاقَ التَّمْلِيكِ رَجْعِيٌّ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ، وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي إذَا أَرَادَ أَنْ يَرْتَجِعَهَا، وَأَمَّا إنْ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَرْتَجِعَهَا فَيَجِبُ أَيْضًا أَنْ لَا يُلْزِمَهُ بِتَعْجِيلِ الْيَمِينِ إذْ لَعَلَّهُ لَا يَرْتَجِعُهَا.
(مَسْأَلَةٌ) :
فَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ فَفِي الْمَبْسُوطِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي إِسْحَاقَ فِي الَّذِي يُنَاكِرُ إذَا أَبَى أَنْ يَحْلِفَ أُلْزِمَ الثَّلَاثَ عَلَى الْأَصْلِ قَالَ: وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ قَدْ مَلَكَ فَهُوَ عَلَى أَصْلِ الطَّلَاقِ إلَّا أَنْ يَقُولَ أَرَدْت بَعْضَهُ وَيَحْلِفُ فَهَذَا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يُؤْمَرُ فِي الْعِدَّةِ بِالْيَمِينِ، فَإِنْ أَبَى قُضِيَ عَلَيْهِ بِالثَّلَاثِ وَبَعْدَ الْعِدَّةِ لَا يَعْرِضُ لَهُ حَتَّى يُرِيدَ النِّكَاحَ، فَإِذَا أَرَادَ ذَلِكَ اُسْتُحْلِفَ، فَإِنْ حَلَفَ وَإِلَّا قُضِيَ عَلَيْهِ بِالثَّلَاثِ وَكَانَ الْأَظْهَرُ عِنْدِي تَأْخِيرَ الْيَمِينِ عَنْهُ إلَى أَنْ يُرِيدَ الرَّجْعَةَ فِي الْعِدَّةِ أَوْ النِّكَاحِ بَعْدَ الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا هِيَ لِاسْتِبَاحَةِ الْمُرَاجَعَةِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْتَجِعَ أُمِرَ بِهَا لِاسْتِبَاحَةِ الرَّجْعَةِ
الصفحة 19
308