كتاب المنتقى شرح الموطإ (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعَقْدِ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ صَغِيرًا وَاشْتَرَطَ عِظَمَهُ وَيُحْمَلُ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ عَلَى الْكَرَاهِيَةِ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الزَّرْعِ يُبَاعُ إذَا أَفْرَكَ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الْخِلَافِ فِيهِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى التَّحْرِيمِ لَرُدَّ؛ لِأَنَّ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ لَا يَفُوتُ بِذَهَابِ الْعَيْنِ وَيُرَدُّ مِثْلُهُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ تَغَيُّرَهُ لَا يَتَفَاوَتُ.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُنْقَدْ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِطَهُ تَمْرًا وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ لِمُرَاعَاةِ مَعَانٍ إنْ وُجِدَتْ لَزِمَهُ الصِّفَةُ وَإِنْ عُدِمَتْ كَانَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ وَلَعَلَّهُ قَدْ ذَهَبَ إلَى أَنَّ لِهَذَا الْجِنْسِ مِنْ التَّمْرِ صِفَةً مُعْتَادَةً إنْ وُجِدَ عَلَيْهَا لِلْإِصَابَةِ فِي التَّجْفِيفِ وَمُحَاوَلَتِهِ وَسَلَامَتِهِ فِي ذَلِكَ مِنْ الْعَاهَاتِ لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ وَإِنْ عُدِمَتْ تِلْكَ الصِّفَةُ لِمُبَالَغَةٍ فِي التَّجْفِيفِ أَوْ نَقْصٍ مِنْهُ أَوْ يُعْتَبَرُ بِمَعْنًى فِي مُدَّةِ التَّجْفِيفِ كَانَ الْمُبْتَاعُ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ بِالْخِيَارِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَرْعٌ) وَهَذَا إذَا اشْتَرَاهُ كَيْلًا، وَأَمَّا إنْ اشْتَرَاهُ جُزَافًا فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا خَيْرَ فِي أَنْ يَشْتَرِيَ ثَمَرَ الْحَائِطِ وَيَشْتَرِطَ أَخْذَهُ تَمْرًا إلَّا لِمَنْ اشْتَرَاهُ جُزَافًا فَأَمَّا بِالْكَيْلِ فَلَا.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا شِرَاءُ لَبَنِ الْغَنَمِ الْمُعَيَّنَةِ فَإِنَّهُ أَيْضًا عَلَى ضَرْبَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَشْتَرِطَ مَكِيلَةً مِنْ لَبَنِ غَنَمٍ بِأَعْيَانِهَا وَذَلِكَ يَحْتَاجُ إلَى ثَلَاثَةِ شُرُوطٍ أَحَدُهَا أَنْ يَشْرَعَ فِي أَخْذِهِ وَالثَّانِي أَنْ يَذْكُرَ مَا يَقْبِضُهُ كُلَّ يَوْمٍ وَيَضْرِبَ لِذَلِكَ أَجَلًا يَبْقَى لَبَنُ تِلْكَ الْغَنَمِ إلَى مِثْلِهِ وَالثَّالِثُ أَنْ يَشْتَرِطَ مِنْ اللَّبَنِ مِقْدَارًا يَعْلَمُ أَنَّ مِثْلَ الْغَنَمِ لَا يَقْصُرُ عَنْهُ فِي الْأَغْلَبِ وَمِثْلُ هَذِهِ الشُّرُوطِ يُعْتَبَرُ فِي شِرَاءِ أَصْوُعٍ مِنْ حَائِطٍ مُعَيَّنٍ وَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ فِي الشَّاةِ وَالشَّاتَيْنِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَالضَّرْبُ الثَّانِي أَنْ يَشْتَرِيَ لَبَنَهَا أَجْمَعَ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ فِي سَوَائِمِ الْغَنَمِ الَّذِي لَا يَخْتَلِفُ وَيُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ فِي إبَّانِ اللَّبَنِ وَلِذَلِكَ يُضْرَبُ أَجَلٌ يُعْلَمُ أَنَّ لَبَنَهَا لَا يَنْقَطِعُ إلَى مِثْلِهِ شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الَّتِي لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ ثَمَرَتَهَا إلَى مُدَّةٍ مُقَدَّرَةٍ وَإِنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى الِاسْتِيعَابِ أَنَّ الْمَقْثَأَةَ تُشْتَرَى بِأُصُولِهَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ بَعْضَ مَنَافِعِهَا وَالْغَنَمُ لَمْ تُشْتَرَ رِقَابُهَا وَإِنَّمَا اُشْتُرِيَتْ مَنْفَعَةٌ مِنْهَا فَوَجَبَ أَنْ يَضْرِبَ لِتِلْكَ الْمَنْفَعَةِ أَجَلًا يَتَقَدَّرُ بِهِ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُتَبَايِعَانِ قَدْ عَرَفَا قَدْرَ حِلَابِهَا حِينَ التَّبَايُعِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَدْرَ لَبَنِهَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَعْوَامِ وَقُوَّتِهَا وَسِمَنِهَا وَهُزَالِهَا فَيَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ قَدْرُ ذَلِكَ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

(مَسْأَلَةٌ) :
وَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الشَّاةِ الْوَاحِدَةِ رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ جَوَازَهُ وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْعَهُ وَهُوَ الْأَكْثَرُ وَقَالَ أَصْبَغُ إنْ وَقَعَ لَمْ أَفْسَخْهُ إذَا كَانَ فِي الْإِبَّانِ وَعُرِفَ وَجْهُ حِلَابِهَا وَالْغَرَرُ فِيهَا وَفِي الْعَدَدِ سَوَاءٌ وَهُوَ فِي الْوَاحِدَةِ أَثْقَلُ، وَجْهُ إجَازَتِهِ اعْتِبَارُهُ بِالْكَثِيرِ وَوَجْهُ نَفْيِهِ أَنَّ الشَّاةَ الْوَاحِدَةَ يَلْحَقُهَا التَّغَيُّرُ وَالنُّقْصَانُ وَالزِّيَادَةُ فَيَتَبَيَّنُ الْغَرَرُ، وَالْغَنَمُ الْكَثِيرَةُ يَحْمِلُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَلَا يَظْهَرُ فِي جُمْلَتِهَا تَغَيُّرٌ بِزِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ فَيَبْعُدُ الْغَرَرُ فِيهَا.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَمَنْ اكْتَرَى نَاقَةً أَوْ بَقَرَةً لِلسَّقْيِ أَوْ لِلْحَرْثِ أَشْهُرًا فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ ذَلِكَ جَائِزٌ إذَا عَرَفَ وَجْهَ حِلَابِهَا وَكَانَ الْإِبَّانُ، وَفَرَّقَ شُيُوخُنَا بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الشَّاةِ الْوَاحِدَةِ عَلَى رِوَايَةِ الْمَنْعِ بِأَنَّ اللَّبَنَ فِي مَسْأَلَةِ النَّاقَةِ تَبَعٌ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الْعَمَلُ وَالْمَقْصُودَ فِي مَسْأَلَةِ الشَّاةِ اللَّبَنُ فَأَثَّرَ فِي الْغَرَرِ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا أَفْسَخُهُ فِي الشِّرَاءِ وَالْكِرَاءِ إلَّا أَنْ يَبْتَاعَ وَمَا يُحْرَزُ عَلَيْهِ مِنْ أَمْرٍ يُظَنُّ بَعْدُ مُؤَثِّرٌ فِي الْعَقْدِ كَجَائِحَةِ الثَّمَرَةِ.
1 -
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ وَإِنَّمَا مِثْلُ ذَلِكَ كَرِوَايَةِ زَيْتٍ يَبْتَاعُ مِنْهَا رَجُلٌ بِدِينَارٍ أَوْ بِدِينَارَيْنِ وَيَشْتَرِطُ عَلَيْهِ أَنْ يَكِيلَ مِنْهَا، قِيَاسٌ صَحِيحٌ فِي شِرَاءِ مَكِيلَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ حَائِطٍ بِعَيْنِهِ عَلَى شِرَاءِ مَكِيلَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ رِوَايَةٍ بِعَيْنِهَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا لِتَسَاوِي أَجْزَائِهَا وَلَا يَكُونُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا الْمَكِيلَةُ الَّتِي تُشْتَرَطُ وَلَوْ كَانَتْ الْجُمْلَةُ تَخْتَلِفَ أَجْزَاؤُهَا مِثْلُ أَنْ يَكُونَ غَنَمًا أَوْ نَخْلًا وَاشْتَرَى مِنْهَا عَدَدًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَلَمْ يَشْتَرِطْ خِيَارًا لَكَانَ شَرِيكًا فِي الْجُمْلَةِ بِقَدْرِ عَدَدِ مَا اشْتَرَى مِنْ عَدَدِ تِلْكَ الْجُمْلَةِ

الصفحة 249