كتاب المنتقى شرح الموطإ (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ فَإِنْ انْشَقَّتْ الرَّاوِيَةُ فَذَهَبَ زَيْتُهَا فَلَيْسَ لِلْمُبْتَاعِ إلَّا ذَهَبُهُ وَلَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا بَيْعٌ يُرِيدُ أَنَّهُ لَمَّا اشْتَرَطَ الْكَيْلَ عَلَى الزَّيْتِ وَتَلِفَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ الْمُبْتَاعُ بِالْكَيْلِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَبِيعَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْمَعْدُودِ وَالثَّمَرَةِ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ لَمْ يَتَنَاهَ صَلَاحُهَا وَالْمُسْلَمُ فِيهِ، وَالضَّرْبُ الثَّانِي لَيْسَ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ بِالْعَقْدِ الْحَاضِرِ وَالثَّوْبُ وَالصُّبْرَةُ مِنْ الطَّعَامِ أَوْ غَيْرِهِ وَالثَّمَرَةُ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ يَابِسَةً وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ فَأَمَّا مَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ فَضَمَانُهُ قَبْلَ تَوْفِيَتِهِ بِذَلِكَ مِنْ الْبَائِعِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُبْتَاعَ مَمْنُوعٌ مِنْ تَسْلِيمِهِ لَا يَسْتَطِيعُ الِانْتِفَاعَ بِهِ إلَّا بَعْدَ التَّوْفِيَةِ كَاَلَّذِي فِي الذِّمَّةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا مَا يُذْرَعُ فَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ مَنْ ابْتَاعَ دَارًا غَائِبَةً مُذَارَعَةً أَوْ حَائِطًا عَلَى عَدَدِ النَّخْلِ فَهَلَكَتْ أَنَّ ضَمَانَهَا مِنْ بَائِعِهَا وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ أَنَّ الدُّورَ وَالْأَرَضِينَ وَالْحَوَائِطَ مِنْ الْمُبْتَاعِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا بَاعَهَا عَلَى الذَّرْعِ وَكَانَ ذَلِكَ وَجْهَ اسْتِيفَائِهَا تَعَلَّقَتْ بِضَمَانِ الْبَائِعِ حَتَّى يُوَفِّيَهَا إيَّاهُ بِالْعَدَدِ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ هَذَا مَعْنًى يَتَقَدَّرُ بِهِ الْمَبِيعُ فَكَانَ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي تَوْفِيَتِهِ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا الثَّمَرَةُ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ فَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا وَهُنَا أَنَّ ضَمَانَهَا مِنْ الْبَائِعِ فَحَاجَتُهَا إلَى بَقَائِهَا فِي الْأَصْلِ، وَتَغْذِيَتُهَا بِهِ.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الضَّأْنِ يُشْتَرَى صُوفُهَا فَيُصَابُ مِنْهَا أَكْبُشٌ قَبْلَ أَنْ تُجَزَّ بِسَرِقَةٍ أَوْ بِبَيْعٍ أَنَّ ضَمَانَهَا مِنْ الْبَائِعِ وَيُوضَعُ عَنْ الْمُشْتَرِي بِقَدْرِ ذَلِكَ وَوَجْهُهُ أَنَّهَا مُتَغَذِّيَةٌ بِأَصْلِ الْبَائِعِ حَتَّى يَقْبِضَهَا عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ كَالثَّمَرَةِ.
1 -
(فَرْعٌ) وَبِمَا يَصِحُّ الِاسْتِيفَاءُ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ؟ حَكَى أَصْحَابُنَا أَنَّ ذَلِكَ فِي الْمَكِيلِ بِأَنْ يُصَبَّ غَيْرُ الْمَكِيلِ فِي إنَاءِ الْمُبْتَاعِ فَإِنْ تَلِفَ بَعْدَ تَمَامِ الْكَيْلِ وَقَبْلَ تَفْرِيغِهِ فِي إنَاءِ الْمُبْتَاعِ فَهُوَ مِنْ الْبَائِعِ وَهَذَا إذَا تَوَلَّى كَيْلَهُ الْبَائِعُ أَوْ أَحَدٌ بِأَمْرِهِ؛ لِأَنَّ الْكَيْلَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إنْ تَوَلَّى كَيْلَهُ الْمُبْتَاعُ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ فَفِي الْوَاضِحَةِ مِنْ الْبَائِعِ وَقَالَ سَحْنُونٌ هُوَ مِنْ الْمُبْتَاعِ، وَجْهُ مَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّ الْكَيْلَ عَلَى الْبَائِعِ فَإِذَا تَوَلَّاهُ الْمُشْتَرِي فَإِنَّمَا يَتَوَلَّاهُ عَلَى وَجْهِ النِّيَابَةِ فَكَانَتْ حَالُهُ حَالَ الْبَائِعِ وَوَجْهُ مَا قَالَهُ سَحْنُونٌ أَنَّ الِاسْتِيفَاءَ يَتِمُّ بِوَفَاءِ الْكَيْلِ إذَا تَوَلَّاهُ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ مَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ تَفْرِيغِ الْكَيْلِ فِي إنَائِهِ عَمَلٌ بَعْدَ تَمَامِ الِاسْتِيفَاءِ وَقَالَ سَحْنُونٌ فِي الْوَزْنِ مِثْلَ مَا تَقَدَّمَ فِي الْكَيْلِ وَهَذَا فِيمَا اُشْتُرِيَ عَلَى هَذَا النَّوْعِ مِنْ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ، وَأَمَّا مَا يُوزَنُ بِظُرُوفِهِ فَيَقْبِضُهُ الْمُبْتَاعُ لِيُفْرِغَهُ ثُمَّ تُوزَنُ الظُّرُوفُ فَإِنَّ قَبْضَهُ لِلظُّرُوفِ عَلَى ذَلِكَ قَبْضٌ لِلزَّيْتِ وَإِنْ تَلِفَ قَبْلَ أَنْ يُفْرِغَ الظُّرُوفَ فَهُوَ مِنْهُ حَكَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ.

(فَرْعٌ) وَهَا هُنَا نَوْعٌ آخَرُ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ وَهُوَ أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى تَسْلِيمِ إنَاءٍ مَمْلُوءٍ بِزَيْتٍ فَيَأْخُذَهُ الْمُبْتَاعُ عَلَى أَنْ يُمْلَأَ بِقَدْرِ ذَلِكَ فَيَكْتَالَ قَالَ أَصْبَغُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ فَهَذَا قَبْضٌ وَالضَّمَانُ مِنْ الْمُبْتَاعِ قَبْلَ تَغَيُّرِ الْإِنَاءِ وَهَذَا عِنْدِي إنَّمَا جُعِلَ بِالِاتِّفَاقِ عَلَيْهِ وَاسْتَعْجَلَ الْمُبْتَاعُ الْقَبْضَ قَبْلَ التَّقْدِيرِ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ فِيمَنْ اشْتَرَى زَرْعًا عَلَى الذَّرْعِ فَهَلَكَ قَبْلَ الذَّرْعِ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْمُبْتَاعِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ مَا يُقَدَّرُ بِهِ بَاقٍ وَهَذَا يَجِبُ أَنْ يَلْزَمَ مِنْ غَيْرِ اتِّفَاقٍ عَلَيْهِ وَلَا رِضًا بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَدَّرَ بِهِ لِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا يُقَدَّرُ بِغَيْرِهِ فَلَا تَعَلُّقَ بِحَقِّ التَّوْفِيَةِ بِعَيْنِهِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَمَنْ كَانَتْ لِرَجُلٍ عِنْدَهُ دَنَانِيرُ فَدَفَعَ إلَيْهِ دَنَانِيرَ فَقَالَ لَهُ خُذْهَا وَزْنًا فَإِنْ كَانَتْ وَفَاءً فَهِيَ لَك وَمَا زَادَ فَارْدُدْهُ وَمَا بَقِيَ أُوفِيكَهُ فَهَلَكَتْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هِيَ مِنْ قَابِضِهَا إذَا قَبَضَهَا عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ وَالرَّهْنِ وَلَوْ كَانَتْ بِمَعْنَى الْوَدِيعَةِ كَانَتْ مِنْ الدَّافِعِ وَقَالَ أَصْبَغُ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَمَنْ كَانَتْ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ قَائِمَةً فَدَفَعَهَا إلَى الَّذِي هِيَ لَهُ وَقَالَ لَهُ رَبُّهَا فَمَا وَجَدْت مِنْ قَائِمٍ فَهُوَ لَك فَإِنْ ضَاعَتْ قَبْلَ أَنْ يَعْرِفَ أَنَّ فِيهَا قَائِمًا فَهِيَ مِنْ الدَّافِعِ وَقَالَ أَصْبَغُ فِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَنْ قَبَضَهَا عَلَى الْقَضَاءِ لَا يَشُكُّ فِيهَا

الصفحة 250