كتاب المنتقى شرح الموطإ (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّمَرِ وَعَرَفَ مِقْدَارَ مَا يَتَعَجَّلُ مِنْهَا فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ وَلَوْ ضَرَبَ لِذَلِكَ مُدَّةً طَوِيلَةً لَا يَظْهَرُ مَا يُرَطَّبُ إلَيْهِ وَلَا يَعْرِفُ قِلَّتَهُ مِنْ كَثْرَتِهِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ وَهَذَا حُكْمُ اللَّبَنِ إذَا عَرَفَ قَدْرَهُ وَضُرِبَتْ لَهُ مُدَّةٌ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ وَقَدْ أَنْكَرَ هَذَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَالصَّحِيحُ عِنْدِي مَا قَدَّمْت.
1 -
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ فَإِنْ فَنِيَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَى رَدَّ عَلَيْهِ الْبَائِعُ مِنْ ذَهَبِهِ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ لَهُ يُرِيدُ أَنْ يُخْطِئَا فِي حَزْرِهِمَا فَلَا يَكُونُ فِي الْحَائِطِ مَا تَبَايَعَا أَوْ تُصِيبُهُ جَائِحَةٌ تَذْهَبُ بِبَعْضِ ثَمَرَتِهِ فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ فَالْمُبْتَاعُ أَحَقُّ بِبَقِيَّتِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ شَرْطَهُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَرَادَ الْبَائِعُ أَنْ يَذْهَبَ بِبَعْضِ ثَمَرَتِهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ وَمُنِعَ مِنْهُ إلَّا أَنْ يُرَى أَنَّ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الثَّمَرَةِ تَمَامَ حَقِّ الْمُبْتَاعِ مِنْهَا فَإِنْ قَصُرَتْ الثَّمَرَةُ عَمَّا ابْتَاعَهُ انْفَسَخَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا فِيمَا بَقِيَ؛ لِأَنَّهُ ابْتَاعَ مِنْهُ مُعَيَّنًا تَلِفَ بَعْضُهُ قَبْلَ الْبَعْضِ فَمَضَى الْبَيْعُ فِيمَا قَبَضَ مِنْهُ وَفَاتَ وَبَطَل فِيمَا بَقِيَ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ وَيُرَدُّ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ عَلَى التَّقْدِيمِ أَوْ عَلَى الْكَيْلِ فَفِي الْمُزَابَنَةِ فِي الثَّمَرَاتِ التَّرَاجُعُ عَلَى الْكَيْلِ وَإِنَّمَا يَكُونُ التَّرَاجُعُ عَلَى الْقِيمَةِ فِي الَّذِي يَبْتَاعُ لَبَنَ الْغَنَمِ أَيَّامًا مَعْدُودَةً فَيَحْلُبُهَا أَيَّامًا ثُمَّ تَمُوتُ أَوْ يَمُوتُ بَعْضُهَا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ بِمَسْأَلَةِ التَّمْرِ مَا يَسْلَمُ فِيهِ لِيُؤْخَذَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ أَنَّهُ عَلَى حِسَابِ الْكَيْلِ وَإِذَا شَرَطَ أَخْذَهُ فِي أَيَّامٍ مُخْتَلِفَةٍ تَخْتَلِفُ فِيهَا قِيمَةُ الثَّمَرَةِ فَوَجَبَ أَنْ يُرَاعَى ذَلِكَ التَّقْوِيمُ كَمَسْأَلَةِ اللَّبَنِ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ وَيَأْخُذُ مِنْهُ الْمُشْتَرِي سِلْعَةً بِمَا بَقِيَ يَتَرَاضَيَانِ عَلَيْهَا وَلَا يُفَارِقُهَا حَتَّى يَأْخُذَهَا وَإِنْ فَارَقَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُهُ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ وَقَدْ نَهَى عَنْ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ يُرِيدُ أَنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ بِاَلَّذِي بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ ثَمَنِ حِصَّتِهِ مَا لَمْ يَقْبِضْهُ مِنْ الثَّمَرَةِ مَا شَاءَ مِنْ السِّلَعِ مَطْعُومًا أَوْ غَيْرَ مَطْعُومٍ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ فِي ذَلِكَ تَمْرًا وَرُطَبًا أَكْثَرَ مِنْ الْمَكِيلَةِ الَّتِي فَاتَتْهُ وَأَقَلَّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بَيْعٌ مُبْتَدَأٌ إلَّا أَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهِ الْقَبْضُ دُونَ التَّأْخِيرِ فَإِنْ أَخَذَهُ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ مِمَّا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ أَوْ لَيْسَ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ فَإِنْ كَانَ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ يَأْخُذُهُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ أَوْ لِلضَّرُورَةِ فَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ فَاَلَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَإِنْ كَانَ لِضَرُورَةٍ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ لَا يُمْكِنُ تَعَجُّلُ قَبْضِهِ كَثَمَرَةٍ بَدَا صَلَاحُهَا وَلَمْ يَحِلَّ جِدَادُهَا أَوْ سُكْنَى دَارٍ أَوْ خِدْمَةِ عَبْدٍ أَوْ عَمَلِ صَانِعٍ أَوْ خَادِمٍ يَكُونُ فِيهَا عُهْدَةٌ أَوْ مُوَاضَعَةٌ أَوْ بَيْعٌ عَلَى الْخِيَارِ فَهَذَا كُلُّهُ مَنَعَ مِنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ أَشْهَبُ يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْإِجَازَةِ وَالْكِرَاءِ وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ حَكَى ذَلِكَ كُلَّهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَحَكَى عَنْهُمَا الْمَنْعَ فِي شِرَاءِ الْخِيَارِ وَشِرَاءِ الْمُوَاضَعَةِ وَالثَّمَرَةِ الَّتِي تَسْتَجِدُّ وَحَكَى الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّهُ يُجِيزُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ ذَلِكَ يَدْخُلُهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَقَدْ يُعَبِّرُ عَنْهُ أَصْحَابِنَا بِمَا عَبَّرَ بِهِ مَالِكٌ أَنَّهُ يَدْخُلُهُ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ يُرِيدُ أَنَّ الدَّيْنَ الْأَوَّلَ بِالدَّيْنِ الَّذِي فُسِخَ فِيهِ وَذَلِكَ كُلُّهُ تَوَسُّعٌ فِي عِبَارَةٍ وَمَعْنَى قَوْلِنَا إنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ أَنَّهُ كَانَ لَهُ دَنَانِيرُ مُتَعَلِّقَةٌ بِذِمَّتِهِ فَلَمَّا نَقَلَهَا إلَى مَعْنًى ثَانٍ فِي ضَمَانِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ الدَّيْنُ مِنْ ثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا أَوْ جَارِيَةٍ عَلَى الْمُوَاضَعَةِ لَمْ تَبْرَأْ ذِمَّةُ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ بِذَلِكَ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الثَّمَرَةَ أَصَابَهَا جَائِحَةٌ فَهِيَ مِنْ بَائِعِهَا وَكَذَلِكَ الْأَمَةُ فِي مُدَّةِ الْمُوَاضَعَةِ فَلَمْ تَبْرَأْ ذِمَّتُهُ مِنْ الدَّيْنِ وَلَا بَقِيَتْ مَشْغُولَةً بِهِ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي كَانَتْ مَشْغُولَةً بِهِ قَبْلَ دَفْعِ الثَّمَرَةِ وَالْجَارِيَةِ بِدَيْنِهِ؛ لِأَنَّ ذِمَّتَهُ أَوَّلًا كَانَتْ مَشْغُولَةً بِالدَّنَانِيرِ خَاصَّةً وَهِيَ الْآنَ مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ بَرَاءَتِهَا إنْ سَلِمَتْ الثَّمَرَةُ أَوْ الْجَارِيَةُ أَوْ بَقَاءِ الدَّنَانِيرِ فِيهَا إنْ أَصَابَتْهَا جَائِحَةٌ فَأَشْبَهَ ذَلِكَ انْتِقَالَهَا مِنْ الِاشْتِغَالِ بِالدَّنَانِيرِ إلَى الِاشْتِغَالِ بِثِيَابٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَهَذَا فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَوَجْهُ رِوَايَةِ الْقَاضِي أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّ هَذَا عَيْنٌ وَلَيْسَ بِدَيْنٍ وَلِذَلِكَ لَا يَتَعَلَّقُ

الصفحة 252