كتاب المنتقى شرح الموطإ (اسم الجزء: 4)

عَلَى أَنَّهُ يَخْتَارُ فَيَأْخُذُ أَيَّ تِلْكَ الصُّبَرِ شَاءَ قَالَ مَالِكٌ فَهَذَا لَا يَصْلُحُ) .

(ص) : (وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الرَّجُلِ يَشْتَرِي الرُّطَبَ مِنْ صَاحِبِ الْحَائِطِ فَيُسْلِفُهُ الدِّينَارَ مَاذَا لَهُ إذَا ذَهَبَ رُطَبُ ذَلِكَ الْحَائِطِ.
قَالَ مَالِكٌ يُحَاسَبُ صَاحِبُ الْحَائِطِ ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ لَهُ مِنْ دِينَارِهِ إذَا كَانَ أَخَذَ بِثُلُثَيْ دِينَارٍ رُطَبًا أَخَذَ ثُلُثَ الدِّينَارِ وَاَلَّذِي بَقِيَ لَهُ وَإِنْ كَانَ أَخَذَ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ دِينَارِهِ رُطَبًا أَخَذَ الرُّبْعَ الَّذِي بَقِيَ لَهُ أَوْ يَتَرَاضَيَانِ بَيْنَهُمَا فَيَأْخُذُ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ دِينَارِهِ عِنْدَ صَاحِبِ الْحَائِطِ مَا بَدَا لَهُ إنْ أَحَبَّ أَنْ يَأْخُذَ تَمْرًا أَوْ سِلْعَةً سِوَى التَّمْرِ أَخَذَهَا بِمَا فَضَلَ لَهُ فَإِنْ أَخَذَ تَمْرًا أَوْ سِلْعَةً أُخْرَى فَلَا يُفَارِقُهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ ذَلِكَ مِنْهُ.
قَالَ مَالِكٌ وَإِنَّمَا هَذَا بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُكْرِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ رَاحِلَةً بِعَيْنِهَا أَوْ يُؤَاجِرَ غُلَامَهُ الْخَيَّاطَ أَوْ النَّجَّارَ أَوْ الْعُمَّالَ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْمَالِ أَوْ يُكْرِيَ مَسْكَنَهُ وَيَسْتَلِفَ إجَارَةَ ذَلِكَ الْغُلَامِ أَوْ كِرَاءَ ذَلِكَ الْمَسْكَنِ أَوْ تِلْكَ الرَّاحِلَةِ ثُمَّ يَحْدُثُ فِي ذَلِكَ حَدَثٌ بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَيَرُدُّ رَبُّ الرَّاحِلَةِ أَوْ الْعَبْدِ أَوْ الْمَسْكَنِ إلَى الَّذِي سَلَّفَهُ مَا بَقِيَ مِنْ كِرَاءِ الرَّاحِلَةِ أَوْ إجَارَةِ الْعَبْدِ أَوْ كِرَاءِ الْمَسْكَنِ يُحَاسِبُ صَاحِبَهُ بِمَا اسْتَوْفَى مِنْ ذَلِكَ إنْ كَانَ اسْتَوْفَى نِصْفَ حَقِّهِ رَدَّ عَلَيْهِ النِّصْفَ الْبَاقِيَ الَّذِي لَهُ عِنْدَهُ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ يَرُدُّ إلَيْهِ مَا بَقِيَ لَهُ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى تَحْرِيمِ التَّفَاضُلِ فِي التَّمْرِ رُطَبِهِ وَتَمْرِهِ فَإِذَا كَانَتْ صُبَرُهُ مُخْتَلِفَةَ الْمَكِيلَةِ أَوْ غَيْرَ مُتَيَقَّنَةِ التَّسَاوِي فَقَدْ بَاعَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ لِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ ابْتِيَاعَهَا قَدْ يَتَنَاوَلُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ الصُّبَرِ تَنَاوُلًا وَاحِدًا فَإِذَا عَيَّنَ مِنْهَا صُبْرَةً فَقَدْ تَرَكَ مَا تَنَاوَلَهُ بَيْعُهُ مِنْ غَيْرِهِ لَمَّا أَخَذَ مِنْ الصُّبْرَةِ الَّتِي تَخَيَّرَ وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ مُبْتَاعَ التَّمْرِ قَدْ يَأْخُذُ صُبْرَةَ الْعَجْوَةِ وَيُعَيِّبُهَا ثُمَّ يَتْرُكُهَا وَيَأْخُذُ بَدَلًا مِنْهَا الْكَبِيسَ أَوْ الْعِذْقَ دُونَ أَنْ يَعْلَمَ بِذَلِكَ الْبَائِعُ، فَيَدْخُلُ ذَلِكَ التَّفَاضُلُ فِي التَّمْرِ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ يَكْثُرُ لِتَرْجِيحِ الْحَوْزِ وَالِاخْتِيَارِ حُمِلَ عَلَيْهِ كُلُّ مَا اُشْتُرِيَ عَلَى ذَلِكَ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَهَذَا حُكْمُ مَا يَحْرُمُ فِيهِ التَّفَاضُلُ إذَا اخْتَلَفَتْ مَقَادِيرُهُ فَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ مِمَّا لَا يَحْرُمُ فِيهِ التَّفَاضُلُ كَالْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَجْنَاسُهُ وَاخْتَلَفَتْ الْأَثْمَانُ لَمْ يَجُزْ الِاخْتِيَارُ فِيهِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ بَعْدَ هَذَا فِي بَابِ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ وَإِنْ اتَّفَقَتْ أَثْمَانُهُ وَأَجْنَاسُهُ فَلَا بَأْسَ بِالِاخْتِيَارِ فِي ذَلِكَ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ لَهُ بِعْتُك أَحَدَ هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ أَيُّهُمَا شِئْت يُرِيدُ وَسَوَاءٌ شَرَطَ الْخِيَارَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ؛ شَرَطَ الْخِيَارَ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ اخْتِيَارَ عَبْدٍ مِنْ عَبْدَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَلَا يَجُوزُ فِي عَبْدٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ كُلَّ جُمْلَةٍ صَحَّ الْعَقْدُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهَا مُعَيَّنٍ صَحَّ الْعَقْدُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهَا غَيْرَ مُعَيَّنٍ أَصْلُهُ قَفِيزٌ مِنْ صُبْرَةٍ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَسَوَاءٌ اخْتَارَ مُعْظَمَ الْجُمْلَةِ أَوْ اشْتَرَاهَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَهُ الِاخْتِيَارُ إلَّا فِي الْيَسِيرِ مِنْ الْجُمْلَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ مَا يَصِيرُ إلَى الْمُشْتَرِي فَإِنَّمَا يَصِيرُ إلَيْهِ بِعَقْدِ الشِّرَاءِ وَمَا يَبْقَى بِيَدِ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُهُ الْعَقْدُ فَإِذَا كَانَ الْبَائِعُ اخْتَارَ مُعْظَمَ الْجُمْلَةِ دَخَلَ الْغَرَرُ مَا يَصِيرُ إلَى الْمُبْتَاعِ الْجَهَالَةُ بِمَا يَبْقَى بَعْدَ اخْتِيَارٍ أَكْثَرَ فَأَبْطَلَ ذَلِكَ الْبَيْعَ وَإِذَا كَانَ لِلْمُبْتَاعِ اخْتِيَارُ مُعْظَمِ الْجُمْلَةِ دَخَلَ الْغَرَرُ كَمَا يَبْقَى لِلْبَائِعِ فَلَمْ يَبْطُلْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ عَقْدٌ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَمَنْ ابْتَاعَ عَشَرَةً يَخْتَارُهَا مِنْ غَنَمٍ فَوَّتَهَا قَبْلَ اخْتِيَارِهِ فَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ عَشَرَةً مِنْ الْأُمَّهَاتِ دُونَ الْأَوْلَادِ وَهَذَا عِنْدِي عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ فِي أَنَّ الْوَطْءَ يَحْدُثُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْأَوْلَادُ لِمَنْ صَارَتْ إلَيْهِ الْأُمَّهَاتُ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي الْخِيَارِ فَبِأَنْ يَكُونَ فِي الِاخْتِيَارِ أَوْلَى وَأَحْرَى.

(ش) : قَوْلُهُ فِيمَنْ ابْتَاعَ مِنْ صَاحِبِ الْحَائِطِ طَعَامًا مِنْ تَمْرِهِ إذَا فَنِيَ

الصفحة 254