كتاب المنتقى شرح الموطإ (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ كَانُوا يَكْسِرُونَ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ هُوَ مِنْ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ وَلِذَلِكَ قَطَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَدَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَذَلِكَ غَيْرُ لَازِمٍ؛ لِأَنَّهُ خِيَانَةٌ وَغِشٌّ فَلَمْ يَجِبْ فِيهِ قَطْعٌ كَسَائِرِ مَا يُغَشُّ فِيهِ مِنْ الْأَعْوَاضِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَهَذَا فِي الدَّنَانِيرِ الصِّحَاحِ وَالدَّرَاهِمِ الصِّحَاحِ فَأَمَّا مَا قَدُمَ قَطْعُهُ فَهَلْ يُمْنَعُ مِنْ قَطْعِهِ أَمْ لَا كَرِهَهُ مَالِكٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ كُلُّ مَا لَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ دِرْهَمٍ فَلَا بَأْسَ بِقَطْعِهِ وَقَالَ أَصْبَغُ كُلُّ مَا لَيْسَ بِمُدَوَّرٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُقْطَعَ مِنْهُ وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ الْقَرْضَ الْكَثِيرَ أَقْرَبُ إلَى الْمَيْزِ وَأَبْعَدُ مِنْ الْغِشِّ مِنْ الْقَرْضِ الصَّغِيرِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَبِالنَّاسِ حَاجَةٌ إلَى التَّبَايُعِ بِكُسُورِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ فَمَنْ ابْتَاعَ بِكَسْرِ دِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ فِي مَوْضِعِ الصِّحَاحِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ دِينَارًا يَسْتَثْنِي مِنْهُ جُزْءًا مِنْ الذَّهَبِ أَوْ جُزْءًا مِنْ الْوَرِقِ فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَثْنَى جُزْءًا مِنْ الذَّهَبِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ فِيمَنْ اشْتَرَى بِعِشْرِينَ قِيرَاطًا مِنْ ذَهَبٍ أَوْ بِمِثْقَالٍ غَيْرِ رُبْعِ مِثْقَالٍ أَنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالدَّرَاهِمِ وَتَحْرِيرُ ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ الدِّينَارِ الصَّحِيحِ غَالِبًا وَيُوجَدُ عَلَى ذَلِكَ الْوَزْنِ كَثِيرًا كَالْقِيرَاطِ وَالْقِيرَاطَيْنِ فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالدِّينَارِ وَمَا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِنَقْصِهِ مِنْ الدِّينَارِ الصَّحِيحِ إلَّا نَادِرًا وَإِذَا نَقَصَ مِنْهُ خَرَجَ إلَى حَدِّ الْمَجْمُوعَةِ لَمْ يُقْضَ عَلَيْهِ فِيهِ إلَّا بِالدَّرَاهِمِ؛ لِأَنَّهُ إنْ قُضِيَ عَلَيْهِ بِالدِّينَارِ الصَّحِيحِ كُلِّفَ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ مَا يَتَعَذَّرُ وُجُودُهُ أَوْ كُلِّفَ مَنْ هُوَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَقْطُوعًا وَفِي ذَلِكَ تَرْكُ بَعْضِ حَقِّهِ وَلَوْ وَقَعَتْ الْمُبَايَعَةُ بِدِينَارٍ إلَّا سُدُسًا إلَى أَجَلٍ جَازَ ذَلِكَ وَقُضِيَ عَلَيْهِ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ بِالدَّرَاهِمِ.
(فَرْعٌ) وَلَوْ تَبَرَّعَ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ بِأَدَاءِ دِينَارٍ لِيَبْقَى لَهُ سُدُسٌ مِنْ دِينَارٍ وَرَضِيَ بِذَلِكَ الْقَابِضُ جَازَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ تَبَرَّعَ بِسَلَفِ سُدُسِ دِينَارٍ.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ تَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ قَالَ لَا يُعْجِبُنِي.

(مَسْأَلَةٌ) :
وَلَوْ كَانَ الْجُزْءُ الْمُسْتَثْنَى وَرِقًا فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ حَالًّا أَوْ إلَى أَجَلٍ فَإِنْ كَانَ حَالًّا جَازَ ذَلِكَ فِي أَقَلَّ مِنْ دِينَارٍ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ إلَى أَجَلٍ لَمْ يَخْلُ أَنْ يَكُونَ جُزْءًا يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا لَمْ يَجُزْ جُمْلَةً وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لَمْ يَخْلُ مِنْ أَنْ يَخْتَلِفَ الدِّينَارُ وَالدِّرْهَمُ فِي التَّعْجِيلِ وَالتَّأْجِيلِ أَوْ يَتَّفِقَا فِي ذَلِكَ فَإِنْ اخْتَلَفَا مِثْلُ أَنْ يُتَعَجَّلَ الدِّينَارُ وَالسِّلْعَةُ وَيُتَأَجَّلَ الدِّرْهَمُ أَوْ تُتَعَجَّلَ السِّلْعَةُ وَالدِّرْهَمُ وَيُتَأَجَّلُ الدِّينَارُ أَوْ تَتَعَجَّلُ السِّلْعَةُ مَعَ أَحَدِهِمَا وَيُتَعَجَّلَ الْآخَرُ مُفْرَدًا فَهَذِهِ الْأَوْجُهُ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ مَنْعُهَا.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ إجَازَةَ تَعْجِيلِ الدِّينَارِ وَتَأْخِيرِ السِّلْعَةِ وَالدِّرْهَمِ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْهُ وَمَعْنَى رِوَايَةِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّ الصَّرْفَ الْيَسِيرَ الَّذِي هُوَ تَبَعٌ لِلْمَبِيعِ لَهُ حُكْمُ الْبَيْعِ فِي التَّعْجِيلِ وَالتَّأْجِيلِ كَمَا أَنَّ الْبَيْعَ الْيَسِيرَ الَّذِي هُوَ تَبَعٌ لِلصَّرْفِ لَهُ حُكْمُ الصَّرْفِ وَهَذَا خِلَافُ مَا رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْفِضَّةَ الْيَسِيرَةَ مَعَ السِّلْعَةِ بِالذَّهَبِ لَا يَكُونُ صَرْفًا لِقِلَّتِهَا لَا يَصْلُحُ التَّأْخِيرُ فِيهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ وَوَجْهُ ذَلِكَ تَغْلِيبُ الْحَظْرِ عَلَى الْإِبَاحَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَإِنْ اتَّفَقَا فِي التَّقْدِيمِ أَوْ التَّأْخِيرِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يُتَعَجَّلَ الدِّينَارُ وَالدِّرْهَمُ وَتُتَأَجَّلَ السِّلْعَةُ أَوْ تُتَعَجَّلَ السِّلْعَةُ وَيُتَأَجَّلَ الدِّينَارُ وَالدِّرْهَمُ فَإِنْ تُعَجِّلَ الدِّينَارُ وَالدِّرْهَمُ وَتَأَجَّلَتْ السِّلْعَةُ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لَا يَجُوزُ وَرَوَى أَشْهَبُ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ هُوَ جَائِزٌ وَجْهُ رِوَايَةِ أَشْهَبَ أَنَّ التَّنَاقُدَ وُجِدَ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ فَلَمْ تَمْتَنِعْ مُخَالَفَةُ الثَّوَابِ لَهُمَا مِنْ الْجَوَازِ كَمَا لَوْ تُعُجِّلَ الثَّوْبُ وَتَأَجَّلَ الدِّينَارُ وَالدِّرْهَمُ إلَى أَجَلٍ وَاحِدٍ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَإِنْ تَعَجَّلَتْ السِّلْعَةُ وَتَأَجَّلَ الدِّينَارُ وَالدِّرْهَمُ إلَى أَجَلٍ وَاحِدٍ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَمْ يَخْتَلِفْ أَصْحَابُنَا فِي إجَازَتِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْن الَّتِي قَبْلَهَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إذَا تَعَجَّلَ الدِّينَارُ وَالدِّرْهَمُ وَتَأَخَّرَتْ السِّلْعَةُ فَقَدْ وُجِدَ الصَّرْفُ بَيْنَهُمَا وَكَمُلَ فَوَجَبَ أَنْ يُتَعَجَّلَ مَا مَعَهُمَا مِنْ

الصفحة 265