كتاب المنتقى شرح الموطإ (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQاللَّهُ تَعَالَى.

(مَسْأَلَةٌ) :
فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ الْمُولِي يَوْمَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ وَقِيَامِ الزَّوْجَةِ عَلَيْهِ غَائِبًا أَوْ حَاضِرًا، فَإِنْ كَانَ غَائِبًا غَيْبَةً قَرِيبَةً كُتِبَ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لِيَفِيءَ أَوْ يُطَلِّقَ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا غَيْبَةً بَعِيدَةً فَفِي الْمَبْسُوطِ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ إنْ كَانَ غَائِبًا بَعْدَ انْقِضَاءِ أَجَلِ الْإِيلَاءِ طَلَّقَ عَلَيْهِ وَلَا يَجْعَلُ الْإِمَامُ لَهُ أَجَلًا غَيْرَ الَّذِي جَعَلَ اللَّهُ لَهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْتَالَ فِي تَغْيِيرِ أَجَلِ اللَّهِ تَعَالَى.
(فَرْعٌ) : فَإِذَا قُلْنَا: إنَّ فِي الْغَيْبَةِ الْقَرِيبَةِ يَكْتُبُ إلَيْهِ فِيهَا، فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مَسِيرَةُ شَهْرَيْنِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَالِكٍ لَا يَنْفُذُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ حَتَّى يُكْتَبَ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَجَعَلَ الشَّهْرَيْنِ فِي حَيِّزِ الْقُرْبِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا وَأَرَادَ سَفَرًا بَعِيدًا فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ إنْ أَرَادَ السَّفَرَ قَبْلَ مَحَلِّ الْأَجَلِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ وَقَامَتْ امْرَأَتُهُ فِي ذَلِكَ مَنَعَهُ الْإِمَامُ مِنْ السَّفَرِ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ، وَإِنْ أَبَى عَرَّفَهُ أَنَّهُ يُطَلِّقُ عَلَيْهِ، فَإِنْ خَرَجَ وَطَلَبَتْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ عِنْدَ الْأَجَلِ طَلَّقَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ تَرْفَعْ خَبَرَهُ حَتَّى سَافَرَ لَمْ تَطْلُقْ عَلَيْهِ حَتَّى يَكْتُبَ إلَيْهِ أَنْ يَفِيءَ أَوْ يُطَلِّقَ.
وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ: إنْ كَانَ مُقِرًّا بِالْإِيلَاءِ لَمْ يُحْبَسْ، وَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ طَلَّقَ عَلَيْهِ وَقَالَ أَصْبَغُ فِي الْعُتْبِيَّةِ إذَا أَرَادَ الْمُولِي سَفَرًا بَعِيدًا قِيلَ لَهُ: وَكِّلْ مَنْ يَفِيءُ لَك عِنْدَ الْأَجَلِ أَوْ يُطَلِّقُ عَلَيْك وَمِنْ فَيْئَةِ وَكِيلِهِ أَنْ يُكَفِّرَ.
(مَسْأَلَةٌ) :
فَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا وَأَرَادَ الْفَيْئَةَ قُبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ وَعُذِرَ بِحَيْضِهَا فِي بَابِ الْجِمَاعِ كَالْمَرِيضِ رَوَاهُ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ كِنَانَةَ، وَهُوَ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَالِكٍ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَإِنْ كَانَ غَائِبًا غَيْبَةً قَرِيبَةً مِمَّا يُكْتَبُ إلَيْهِ فِيهَا فَقَالَ: أَنَا أُرِيدُ الْفَيْئَةَ قُبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ مِمَّا تُكَفَّرُ اسْتَدَلَّ عَلَى صِحَّةِ فَيْئَتِهِ بِأَنْ يُكَفِّرَ عَنْ يَمِينِهِ قَالَ مَالِكٌ وَلَمْ تُعْرَفْ فَيْئَتُهُ إلَّا بِالْكَفَّارَةِ، فَإِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ مِمَّا لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُكَفِّرَهَا فِي مَوْضِعِهِ ذَلِكَ قُبِلَ مِنْهُ فِي الْفَيْئَةِ حَتَّى يَقْدُمَ، فَإِنْ وَطِئَ وَإِلَّا طَلُقَتْ عَلَيْهِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا مُقِيمًا فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ لَهُ عُذْرٌ مِنْ سِجْنٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ تَكُونَ حَائِضًا أَوْ لَا يَكُونَ لَهُ عُذْرٌ، فَإِنْ كَانَ عُذْرٌ مِنْ مَرَضٍ أَوْ سِجْنٍ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ أَبِي حَازِمٍ وَابْنِ دِينَارٍ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْمُسَافِرِ عَلَى حَسَبِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْقَرِيبِ الْغَيْبَةِ الَّذِي يُكَاتَبُ وَيُجِيبُ إلَى الْفَيْئَةِ.
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي الْمَبْسُوطِ لَا يُوقَفُ وَيُدْعَى إلَى مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَلَا يُعَجَّلُ عَلَيْهِ بِطَلَاقٍ وَلَكِنَّهُ يُمْهَلُ مَا دَامَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْفَيْئَةِ لِلْمَرَضِ أَوْ السِّجْنِ، وَالْقَوْلُ الْمُتَقَدِّمُ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ الْكَفَّارَةِ قَبْلَ الْحِنْثِ وَقَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَنْعِ التَّكْفِيرِ قَبْلَ الْحِنْثِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ فِي هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.
(مَسْأَلَةٌ) :
فَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا لَمْ يُوقَفْ لَهَا حَتَّى تَطْهُرَ قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي الْمَبْسُوطِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ كِنَانَة فِي الْمُزَنِيَّة أَنَّهُ يُوقَفُ إلَّا إنْ فَاءَ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَرِيضِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهُ الْقَوْلَيْنِ.
(فَرْعٌ) : فَإِذَا قُلْنَا تُجْزِئُهُ الْكَفَّارَةُ قَبْلَ الْحِنْثِ فَكَانَتْ الرَّقَبَةُ الَّتِي حَلَفَ بِهَا مُعَيَّنَةً أَوْ الْمَالُ الَّذِي حَلَفَ بِصَدَقَتِهِ مُعَيَّنًا، فَإِنَّهَا تُجْزِئُهُ قَالَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ.
(فَرْعٌ) : فَإِنْ كَانَتْ الرَّقَبَةُ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ أَوْ صَدَقَةً بِقَدْرٍ مِنْ الْمَالِ غَيْرِ مُعَيَّنٍ أَوْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَكَفَّرَ قَبْلَ الْحِنْثِ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ تُجْزِئُهُ وَبَعْدَ الْحِنْثِ أَحْسَنُ وَفِي الْمَبْسُوطِ عَنْ مَالِكٍ لَا يُبْرِئُهُ ذَلِكَ مِنْ الْإِيلَاءِ حَتَّى يَطَأَ؛ لِأَنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ كَفَّرَ عَنْ غَيْرِهَا.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ فِي الْأَحْكَامِ وَزَوَالُ حُكْمِ الْإِيلَاءِ عَنْهُ، وَأَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ فَيُجْزِئُهُ أَنْ يُكَفِّرَ قَبْلَ الْحِنْثِ وَمَعْنَى ذَلِكَ مَا قَالَهُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ كَفَّارَةُ الْإِيلَاءِ مُعَيَّنَةً جَوَّزْنَا عَلَيْهِ قَصْدَ الْإِضْرَارِ، وَأَنْ يُعْتِقَ وَيُكَفِّرَ عَنْ مُعَيَّنٍ مُتَقَدِّمٍ وَجَبَ عَلَيْهِ وَلَا يُكَفِّرُ عَنْ إيلَائِهِ بَلْ يُبْقِيهِ إضْرَارًا لَهَا هَذَا وَجْهُ رِوَايَةِ الْمَنْعِ، وَأَمَّا رِوَايَةُ الْجَوَازِ فَإِنَّهُ أَقْصَى مَا يُمْكِنُهُ فِي ذَلِكَ، وَالتُّهْمَةُ فِي مِثْلِ هَذَا تَبْعُدُ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ عُذْرٌ فَالْعُذْرُ وَحْدَهُ يَمْنَعُ تَعْجِيلَ الطَّلَاقِ عَلَيْهِ فَكَيْفَ إذَا قَارَنَتْهُ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ كَانَ لَا عُذْرَ لَهُ طُولِبَ بِالْوَطْءِ الَّذِي يُصَحِّحُ كَوْنَ هَذِهِ الْكَفَّارَةِ لِلْإِيلَاءِ وَاَللَّهُ

الصفحة 32