كتاب المنتقى شرح الموطإ (اسم الجزء: 4)
(ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَأَبَا بَكْرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَانَا يَقُولَانِ فِي الرَّجُلِ يُولِي مِنْ امْرَأَتِهِ أَنَّهَا إذَا مَضَتْ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرِ فَهِيَ تَطْلِيقَةٌ وَلِزَوْجِهَا عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ مَا كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ كَانَ يَقْضِي فِي الرَّجُلِ إذَا آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ أَنَّهَا إذَا مَضَتْ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرِ فَهِيَ تَطْلِيقَةٌ وَلَهُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ مَا دَامَتْ فِي عِدَّتِهَا قَالَ مَالِكٌ: وَعَلَى ذَلِكَ كَانَ رَأْيُ ابْنِ شِهَابٍ) .
(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُولِي مِنْ امْرَأَتِهِ فَيُوقَفُ فَيُطَلِّقُ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ ثُمَّ يُرَاجِعُ امْرَأَتَهُ إنَّهُ إنْ لَمْ يُصِبْهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا فَلَا سَبِيلَ لَهُ إلَيْهَا وَلَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ عُذْرٌ مِنْ مَرَضٍ أَوْ سِجْنٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْعُذْرِ، فَإِنَّ ارْتِجَاعَهُ إيَّاهَا ثَابِتٌ عَلَيْهَا، فَإِنْ مَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ إنْ لَمْ يُصِبْهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرِ وُقِفَ أَيْضًا، فَإِنْ لَمْ يَفِئْ دَخَلَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِالْإِيلَاءِ الْأَوَّلِ إذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ؛ لِأَنَّهُ نَكَحَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا فَلَا عِدَّةَ لَهُ عَلَيْهَا وَلَا رَجْعَةَ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَعْلَمُ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
فَإِنْ كَانَ مُقِيمًا خَالِيًا مِنْ عُذْرٍ فَقَالَ أَنَا أَفِيءُ فَفَاءَ بِلِسَانِهِ، وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى الْكَفَّارَةِ قَالَ مَالِكٌ يُخْتَبَرُ الْمَرَّةَ، وَالْمَرَّتَيْنِ، فَإِنْ فَاءَ وَإِلَّا طُلِّقَ عَلَيْهِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
فَإِنْ كَانَ أَجَلُ الْإِيلَاءِ مِمَّا يَضْرِبُهُ الْحَاكِمُ وَانْقَضَى الْأَجَلُ وَلَمْ يَفْعَلْ مَا أَدْخَلَ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ فَفِي الْمُزَنِيَّة مِنْ رِوَايَةِ زِيَادِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ مَالِكٍ إذَا انْقَضَى الْأَجَلُ وَلَمْ يَقْضِهِ حَقَّهُ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ أَنْ يَقُولَ غَدًا أَقْضِيهِ وَبَعْدَ غَدٍ أَقْضِيهِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ أَجَلٌ لِلْإِيلَاءِ كَالْمُقَدَّرِ بِالشَّرْعِ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ: فَإِمَّا فَاءَ وَإِلَّا طَلَّقَ عَلَيْهِ، وَالْفَيْئَةُ لِلْمُتَمَكِّنِ مِنْ الْوَطْءِ إنَّمَا هِيَ بِالْوَطْءِ أَوْ بِالْكَفَّارَةِ فَأَمَّا الْوَطْءُ فَلَا يُجْزِئُهُ مِنْهُ وَطْءٌ فِي غَيْرِ الْفَرْجِ وَلَا تَقْبِيلٌ وَلَا مُلَامَسَةٌ قَالَهُ مَالِكٌ، وَقَدْ قَالَ إنَّهُ إنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَطَأَ امْرَأَتَهُ وَلَمْ يَنْوِ الْفَرْجَ، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ إذَا وَطِئَ بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ إذَا أَتَى بِمَا يَحْنَثُ بِهِ فَقَدْ بَطَلَتْ يَمِينُهُ، وَإِذَا بَطَلَتْ يَمِينُهُ لَمْ يَبْقَ إيلَاءٌ وَمَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ أَرَادَ الْفَرْجَ أَوْ لَمْ يُرِدْهُ مَصْرُوفٌ إلَى نِيَّتِهِ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِيهِ كَفَّارَةٌ فَأَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّوْجَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ حُكْمِ الْإِيلَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْفَرْجَ فَلَا تُقْبَلُ نِيَّتُهُ فِي إسْقَاطِ حُكْمِ الْإِيلَاءِ عَنْ نَفْسِهِ وَتُقْبَلُ فِي إيجَابِهِ الْكَفَّارَةُ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِاَللَّهِ فَكَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ بِزَعْمِهِ لَمْ يُقْبَلْ ذَلِكَ مِنْهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّوْجَةِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
(ش) : أَظْهَرَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - خِلَافَ الْعُلَمَاءِ لِمَا اخْتَارَهُ مِنْ التَّوْقِيفِ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وَأَوْرَدَ قَوْلَ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا اخْتَارَهُ بِأَنَّ بِانْقِضَاءِ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ تَقَعُ تَطْلِيقَةٌ سَوَاءٌ أَرَادَ الْفَيْئَةَ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يُرِدْهَا، وَهَذَا فِعْلُ مِثْلِهِ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ، وَالْفَضْلِ، وَالتَّوَسُّعِ فِي الْعِلْمِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي مَا حَكَى عَنْهُ شُيُوخُنَا أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْحَقَّ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَقْطَعُ بِأَنَّ اخْتِيَارَهُ هُوَ الصَّوَابُ، وَإِنَّمَا يَعْتَقِدُ أَنَّ مَا اخْتَارَهُ هُوَ الصَّوَابُ كَمَا أَنَّ الْحَاكِمَ يَحْكُمُ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَقْطَعْ أَنَّهُمَا قَدْ شَهِدَا بِالْحَقِّ لَزِمَهُ الْحُكْمُ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ مَنْ وَقَفَ بَعْدَ أَجَلِ الْإِيلَاءِ فَيُطَلِّقُ، فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُرَاجِعَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ طَلَاقُ الْمُولِي طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ إنَّهُ طَلَاقٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا عَرَا عَنْ الْعِوَضِ وَلَمْ يَسْتَوْفِ الْعِدَّةَ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ بَائِنًا أَصْلُ ذَلِكَ سَائِرُ الطَّلَاقِ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يُصِبْهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا فَلَا سَبِيلَ إلَيْهَا وَلَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا يُرِيدُ أَنَّ إصَابَتَهَا شَرْطٌ فِي صِحَّةِ رَجْعَتِهِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَجْعَتُهُ صَحِيحَةٌ، وَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّهُ إنَّمَا طَلَّقَ عَلَيْهِ لِامْتِنَاعِهِ مِنْ الْوَطْءِ مَعَ بَقَاءِ الْإِيلَاءِ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي حَالِ الرَّجْعَةِ، فَإِذَا كَانَ يَهْدِمُ النِّكَاحَ الَّذِي صَحَّ وَتَقَرَّرَ حُكْمُهُ وَثَبَتَ فَبِأَنْ يَمْنَعَ صِحَّةَ الرَّجْعَةِ أَوْلَى، وَإِنَّمَا يَدَّعِي بِالرَّجْعَةِ لِلْفَيْئَةِ، فَإِذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ بِالِامْتِنَاعِ مِنْ ذَلِكَ مُدَّةَ الْعِدَّةِ بَطَلَتْ الرَّجْعَةُ وَلَمْ يَثْبُتْ لَهَا حُكْمٌ.
(مَسْأَلَةٌ) :
فَلَوْ كَانَتْ مُسْتَحَاضَةً فَمَضَتْ
الصفحة 33
308