كتاب المنتقى شرح الموطإ (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا تَقَدَّمَ فِي كَفَّارَةِ الْأَيْمَانِ بِاَللَّهِ تَعَالَى.
وَلَوْ أَعْتَقَ عَنْ ظِهَارِهِ مَنْفُوسًا فَلَمَّا كَبُرَ وُجِدَ أَخْرَسَ أَوْ مُقْعَدًا أَوْ أَصَمَّ أَوْ أَبْكَمَ أَوْ مُطْبَقًا جُنُونًا فَقَدْ رَوَى فِي الْعُتْبِيَّةِ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ دَاوُد بْنِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ قَدْ أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّهُ شَيْءٌ يَحْدُثُ وَكَذَلِكَ فِي الْمَبِيعِ لَا يُرَدُّ بِهَذَا الْعَيْبِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَمَنْ قَالَ: إنْ اشْتَرَيْت فُلَانًا فَهُوَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يُجْزِئُهُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ عِتْقٌ لِغَيْرِ الظِّهَارِ، وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الظِّهَارُ فَوَجَبَ أَنْ يُجْزِئَهُ وَبِذَلِكَ يُخَالِفُ مَنْ قَالَ: إنْ اشْتَرَيْت فُلَانًا فَهُوَ حُرٌّ ثُمَّ اشْتَرَاهُ عَنْ ظِهَارِهِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يُجْزِئُهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ لَهُ فِيهِ عَقْدُ عِتْقٍ لَازِمٍ لِغَيْرِ الظِّهَارِ، وَفِي مَسْأَلَتِنَا لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ فِيهِ عِتْقٌ إلَّا لِلظِّهَارِ فَكَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَشْتَرِي عَبْدًا وَنِيَّتُهُ أَنْ يُعْتِقَهُ لِلظِّهَارِ وَرَوَى ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَرْأَةِ تُعْطِي زَوْجَهَا رَقَبَةً يُعْتِقُهَا عَنْ ظِهَارِهِ أَوْ ثَمَنِهَا إنْ كَانَ ذَلِكَ بِشَرْطِ الْعِتْقِ لَمْ يُجْزِهِ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ شَرْطٍ أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا أَيْضًا قَدْ شَرَطَ عَلَيْهِ عِتْقَهُ لِلظِّهَارِ مَنْ يَمْلِكُهُ فَكَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَثْبَتَ فِيهِ الْعِتْقَ دُونَ الْمُظَاهِرِ وَفِي مَسْأَلَتِنَا بِخِلَافِهِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَثْبَتَ فِيهِ عِتْقَ الظِّهَارِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَمَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا عَنْ ظِهَارِهِ، وَهُوَ إنَّمَا يَمْلِكُ نِصْفَهُ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يُجْزِئُهُ وَتَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ قَالَ أَصْبَغُ وَسَحْنُونٌ: لَا يُعْجِبُنِي هَذَا وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ عَلَيْهِ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ مَا لَزِمَهُ مِنْ الْعِتْقِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي إنَّمَا لَزِمَهُ بِسَبَبِ الْعِتْقِ الْأَوَّلِ فَكَانَ لَهُ حُكْمُهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ: إنْ اشْتَرَيْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي، فَإِنَّهُ قَدْ لَزِمَهُ عِتْقُهُ وَمَعَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ إذَا اشْتَرَاهُ أَجْزَأَهُ عَنْ ظِهَارِهِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الْعِتْقَ الثَّانِيَ وَقَعَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْعِتْقَ عَنْ ظِهَارِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ لِتَبْعِيضِ الْعِتْقِ فَلَمْ يُجْزِهِ أَصْلُ ذَلِكَ إذَا لَزِمَهُ عِتْقٌ عَنْ جَمِيعِهِ لِيَمِينٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.

(مَسْأَلَةٌ) :
وَلَوْ كَانَ لَهُ عَبْدٌ فَأَعْتَقَ نِصْفَهُ عَنْ ظِهَارِهِ ثُمَّ أَعْتَقَ بَاقِيَهُ عَنْ ذَلِكَ الظِّهَارِ فَقَدْ رَوَى عِيسَى بْنُ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ أَصْبَغَ لَا يُجْزِئُهُ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْعِتْقَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ تَبْعِيضِهِ، وَالثَّانِي أَنْ لَا يُعْتَقَ الْبَاقِي بِالسِّرَايَةِ، وَإِنَّمَا يُعْتَقُ بِعِتْقِهِ عَلَيْهِ إنْ أَرَادَ ذَلِكَ أَوْ يَحْكُمُ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ بِهِ إنْ أَبَاهُ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَبْعِيضُهُ أَوْ عَلَى أَنَّ النِّصْفَ الثَّانِيَ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِالسَّنَةِ وَلَيْسَ عِتْقُهُ بِمَوْقُوفٍ عَلَى اخْتِيَارِهِ فَلَا يُجْزِئُهُ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَمَنْ أَعْتَقَ عَنْهُ غَيْرُهُ عَبْدًا بِغَيْرِ عِلْمِهِ عَنْ ظِهَارِهِ، فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُجْزِئُهُ، وَإِنْ رَضِيَ بِذَلِكَ بَعْدَ الْعِتْقِ وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا يُجْزِي عَنْ الْحَيِّ، وَإِنْ كَانَ بِسُؤَالِهِ وَرَغْبَتِهِ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ مَعْنًى تَجُوزُ فِيهِ النِّيَابَةُ؛ لِأَنَّ طَرِيقَهُ الْمَالُ وَلِذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يُعْتَقَ عَنْ الْمَيِّتِ وَسَلَّمَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ مِنْهُ عَلَى أَنْ يُعْتِقَهُ هُوَ لَمْ يَجُزْ لَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ وَهَبَهُ إيَّاهُ عَلَى أَنْ يُعْتِقَهُ عَنْ ظِهَارِهِ لَمْ يُجْزِهِ فَكَذَلِكَ إذَا أَعْتَقَهُ عَنْهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ قَدْ مَلَّكَ الْوَاهِبَ أَوْ الْبَائِعَ الْعِتْقَ فِي ذَلِكَ الْعَبْدِ قَبْلَ وُقُوعِهِ وَلَزِمَ الْمَوْهُوبُ لَهُ إيقَاعُهُ بِالشَّرْطِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ مِنْ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ بِشَرْطِ عِتْقِهِ عَنْهُ أَوْ وَهَبَهُمْ إيَّاهُ بِذَلِكَ الشَّرْطِ لَمْ يُجْزِهِ وَاَلَّذِي أَنْفَذَ عِتْقَهُ عَلَى الْعِتْقِ عَنْهُ عَتَقَهُ وَلِذَلِكَ جَازَ أَنْ يُعْتِقَهُ عَنْ الْمَيِّتِ.
وَقَدْ رَوَى فِي الْعُتْبِيَّةِ أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَرْأَةِ تُعْطِي زَوْجَهَا الرَّقَبَةَ يُعْتِقُهَا عَنْ ظِهَارِهِ أَوْ ثَمَنَ الرَّقَبَةِ إنْ كَانَ بِشَرْطِ الْعِتْقِ لَمْ يُجْزِهِ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ شَرْطٍ أَجْزَأَهُ، وَذَلِكَ لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَرَوَاهُ فِي الْمُزَنِيَّة عِيسَى بْنُ دِينَارٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ كِنَانَةَ.
(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا: يُجْزِئُهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، فَإِنَّهُ قَالَ يُجْزِئُهُ إنْ لَمْ يَدْفَعْ فِي ثَمَنِهِ شَيْئًا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي نَوَادِرِهِ: يُرِيدُ كَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الْعِتْقِ، وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا بِشَرْطِ الْعِتْقِ لَمْ يُجْزِهِ عَنْ عِتْقٍ وَاجِبٍ عَلَيْهِ فَعَلَى هَذَا إنَّمَا يُجْزِئُهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِشَرْطَيْنِ:
أَحَدُهُمَا:

الصفحة 42