كتاب المنتقى شرح الموطإ (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ أَنْ لَا يَدْفَعَ إلَيْهِ فِيهِ ثَمَنًا، وَالثَّانِي: أَنْ يَرْضَى الْمُعْتَقُ عَنْهُ بِذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ إذَا بَلَغَهُ فَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عِمْرَانَ: لَا يُجْزِئُهُ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ نِيَّةَ الْعِتْقِ لِلظِّهَارِ مَعْدُومَةٌ وَلَمْ تَتَعَقَّبْهَا إجَازَةٌ، وَهِيَ تَقُومُ مَقَامَ النِّيَّةِ وَفِي ذَلِكَ شَرْطٌ ثَالِثٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْعِتْقُ بَعْدَ الْعَوْدَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يُرَاعِيَ الْعَوْدَةَ، وَإِنَّمَا يُرَاعِيهِ عَبْدُ الْمَلِكِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا السَّلَامَةُ، فَإِنَّهَا تُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى حَسَبِ مَا تَقَدَّمَ فِي كَفَّارَةِ الْأَيْمَانِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِجِنْسٍ مَخْصُوصٍ مِنْ الرَّقِيقِ وَلَا ذُكُورَةٍ وَلَا أُنُوثَةٍ.
1 -
(فَصْلٌ) :
وقَوْله تَعَالَى {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ} [المجادلة: 4] الْوُجُودُ هُوَ أَنْ يَمْلِكَ رَقَبَةً أَوْ ثَمَنَهَا أَوْ مَا قِيمَتُهُ قَدْرُ ثَمَنِهَا مِنْ عَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ فَمَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إلَّا أَمَةٌ ظَاهَرَ مِنْهَا فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يُجْزِئُهُ الصِّيَامُ وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ يَمْلِكُ مِنْ الْعُرُوضِ مَا يَشْتَرِي بِهِ رَقَبَةً أَوْ كَانَتْ لَهُ دَارٌ يَسْكُنُهَا ثَمَنُهَا قِيمَتُهُ رَقَبَةٍ لَا يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ؛ لِأَنَّهُ وَاجِدٌ لِرَقَبَةٍ مَعْنَاهُ مُجْزِئَةٌ.

(مَسْأَلَةٌ) :
، وَالْمُظَاهِرُ الْمُوسِرُ يُمْكِنُهُ الْعِتْقُ فَلَا يُعْتِقُ حَتَّى يَعْدَمَ فَيَصُومَ ثُمَّ يَيْسَرَ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ أَنَّهُ قَالَ يُعْتِقُ، وَهَذَا عِنْدِي عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْبَابِ؛ لِأَنَّ الْمُؤَدِّيَ لَمَّا يَجِبْ عَلَيْهِ مِنْ حَقٍّ إنَّمَا يَنْظُرُ إلَى حَالِهِ يَوْمَ الْأَدَاءِ دُونَ يَوْمِ الْوُجُوبِ، وَكَذَلِكَ مَنْ ضَيَّعَ الصَّلَاةَ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْقِيَامِ فَأَرَادَ أَنْ يَقْضِيَهَا حَالَ عَجْزِهِ عَنْ الْقِيَامِ أَدَّاهَا جَالِسًا ثُمَّ إنْ قَوِيَ عَلَى الْقِيَامِ لَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاؤُهَا قَائِمًا وَكَذَلِكَ مَنْ فَرَّطَ فِي الصَّلَاةِ مَعَ إمْكَانِ أَدَائِهَا بِالْمَاءِ ثُمَّ قَضَاهَا بِالتَّيَمُّمِ لِعَدَمِ الْمَاءِ لَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاؤُهَا ثَانِيًا عِنْدَ وُجُودِ الْمَاءِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ الْعِتْقُ تَعَلَّقَتْ الرَّقَبَةُ بِذِمَّتِهِ فَلَمَّا أَعْسَرَ قَبْلَ الْعِتْقِ أُمِرَ بِالصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ مَا يُمْكِنُهُ بِشَرْطِ إنْ أَيْسَرَ بِالرَّقَبَةِ الَّتِي قَدْ تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ كَانَ عَلَيْهِ إخْرَاجُهَا، وَحُكْمُ الْأَمْوَالِ فِي ذَلِكَ غَيْرُ حُكْمِ الْأَعْمَالِ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إنَّمَا ذَلِكَ لِمَنْ وَطِئَ فَلَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ بِالْعِتْقِ لِيُسْرِهِ فَلَمْ يُكَفِّرْ حَتَّى أَعْسَرَ فَصَامَ فَأَمَّا إنْ لَمْ يَطَأْ حَتَّى أَعْسَرَ فَصَامَ ثُمَّ أَيْسَرَ فَلَا يُؤْمَرُ بِالْعِتْقِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَمَنْ بَدَأَ بِالصِّيَامِ لِعُسْرِهِ وَعَدَمِ الرَّقَبَةِ ثُمَّ أَيْسَرَ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْحَالِفِ، وَالْمُمْتَنِعِ إذَا شَرَعَ فِي الصَّوْمِ أَيْسَرَ لَا يَرْجِعُ إلَّا أَنْ يَسْتَاءَ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الظِّهَارِ وَقَتْلِ النَّفْسِ وَسَوَّى عَبْدُ الْمَلِكِ بَيْنَهُمَا وَقَالَ إذَا مَضَى لَهُ الْيَوْمُ، وَالْيَوْمَانِ أَحْبَبْت لَهُ الرُّجُوعَ فِي التَّمَتُّعِ، وَالْكَفَّارَةِ، وَمَعْنَى مَا قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ مِنْ تَفْرِيقِ مَالِكٍ بَيْنَ الظِّهَارِ، وَالْيَمِينِ مَا رَوَى زِيَادُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ مَنْ لَمْ يَجِدْ رَقَبَةً عَنْ ظِهَارِهِ فَصَامَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ ثُمَّ وَجَدَ رَقَبَةً، فَإِنَّهُ يُعْتِقُ، وَلَوْ صَامَ النِّصْفَ أَوْ الثُّلُثَ أَوْ أَيَّامًا لَهَا اسْمٌ، فَإِنَّهُ يُتِمُّ صِيَامَهُ وَلَا يُعْتِقُ، وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي الْمُخْتَصَرِ الْكَبِيرِ أَنَّهُ إذَا صَامَ يَوْمَيْنِ وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ فِي الزَّاهِي يَوْمًا ثُمَّ أَفَادَ مَالًا قَالَ يَمْضِي وَيُجْزِئُهُ وَيُعْتِقُ أَحَبُّ إلَيَّ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ: إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 4] ، فَإِذَا دَخَلَ فِي الصَّوْمِ، وَهُوَ غَيْرُ وَاجِدٍ لِلرَّقَبَةِ مَضَى فِي صَوْمِهِ وَأَجْزَأَهُ كَالْمُتَيَمِّمِ يَرَى الْمَاءَ بَعْدَ التَّلَبُّسِ بِالصَّلَاةِ، فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَا تَلْزَمُهُ الْعَوْدَةُ إلَى الْعِتْقِ كَالْمُعْتَدَّةِ بِالشُّهُورِ إذَا رَأَتْ الْحَيْضَ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ لَمْ تَبْطُلْ عِدَّتُهَا؛ لِأَنَّهَا تَعْتَدُّ بِمَا مَضَى قَرَأَ، وَالْوَاجِدُ لِلرَّقَبَةِ لَوْ أَعْتَقَ لَبَطَلَ مَا تَلَبَّسَ بِهِ مِنْ صَوْمِهِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَمَنْ صَامَ عَنْ ظِهَارِهِ لِعَدَمِ الرَّقَبَةِ فَأَفْسَدَ صَوْمَهُ بِوَطْءِ امْرَأَتِهِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ إلَّا يَوْمٌ وَاحِدٌ فَقَدْ رَوَى عِيسَى بْنُ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُزَنِيَّة إنْ وَجَدَ رَقَبَةً حِينَ أُفْسِدَ صَوْمُهُ يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ وَلَا يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِحَالِهِ يَوْمَ الْأَدَاءِ، وَهَذَا لَمَّا أَبْطَلَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ صَوْمِهِ وَوَجَبَ عَلَيْهِ الِاسْتِئْنَافُ كَانَ هَذَا وَقْتَ أَدَائِهِ فَلَمَّا كَانَ غَنِيًّا حِينَ ابْتِدَاءِ الْأَدَاءِ لَمْ يُجْزِهِ الصَّوْمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :
وَمَنْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ إلَى عَشْرِ سِنِينَ حُرٌّ ثُمَّ لَزِمَهُ ظِهَارٌ، وَهُوَ مُوسِرٌ، فَإِنْ صَبَرَتْ امْرَأَتُهُ هَذِهِ الْعَشْرَ سِنِينَ فَلَا

الصفحة 43