كتاب المنتقى شرح الموطإ (اسم الجزء: 4)
(ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ مَوْلَاةً لِبَنِي عَدِيٍّ يُقَالُ لَهَا زَبْرَاءُ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ عَبْدٍ وَهِيَ أَمَةٌ يَوْمَئِذٍ فَعَتَقَتْ قَالَتْ فَأَرْسَلَتْ إلَيَّ حَفْصَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَعَتْنِي فَقَالَتْ: إنِّي مُخْبِرَتُك خَبَرًا وَلَا أُحِبُّ أَنْ تَصْنَعِي شَيْئًا إنَّ أَمْرَك بِيَدِك مَا لَمْ يَمَسّكِ زَوْجُك، فَإِنْ مَسَّكِ فَلَيْسَ لَك مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ قَالَتْ فَقُلْت هُوَ الطَّلَاقُ ثُمَّ الطَّلَاقُ ثُمَّ الطَّلَاقُ فَفَارَقَتْهُ ثَلَاثًا) .
(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ: أَيُّمَا رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَبِهِ جُنُونٌ أَوْ ضَرَرٌ، فَإِنَّهَا تُخَيَّرُ، فَإِنْ شَاءَتْ قَرَّتْ، وَإِنْ شَاءَتْ فَارَقَتْ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ: فَإِنْ مَسَّهَا فَزَعَمَتْ أَنَّهَا جَهِلَتْ أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ لَمْ تُصَدَّقْ وَلَا خِيَارَ لَهَا، وَهَذَا كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّ ادِّعَاءَهَا الْجَهْلَ يَحِقُّ لَهَا بَعْدَ أَنْ يُوجَدَ مِنْهَا مَا ظَاهِرُهُ إسْقَاطُ ذَلِكَ الْحَقِّ لَا تُصَدَّقُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ فِي حَقٍّ أَسْقَطَتْهُ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ: وَلَا خِيَارَ لَهَا بَعْدَ أَنْ يَمَسَّهَا يُرِيدُ بَعْدَ عِلْمِهَا بِالْعِتْقِ، وَلَوْ قَالَتْ: لَمْ أَعْلَمْ بِالْعِتْقِ، وَقَدْ مَسَّهَا بَعْدَهُ فَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّهَا مُصَدَّقَةٌ مَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ أَنَّهَا عَلِمَتْ بِذَلِكَ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ عِلْمِهَا وَمَا يُدَّعَى عَلَيْهَا مِنْ الْعِلْمِ فَأَمْرٌ طَارِئٌ يَجِبُ عَلَى مُدَّعِيهِ.
(ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ مَوْلَاةً لِبَنِي عَدِيٍّ يُقَالُ لَهَا زَبْرَاءُ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ عَبْدٍ وَهِيَ أَمَةٌ يَوْمَئِذٍ فَعَتَقَتْ قَالَتْ فَأَرْسَلَتْ إلَيَّ حَفْصَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَعَتْنِي فَقَالَتْ: إنِّي مُخْبِرَتُك خَبَرًا وَلَا أُحِبُّ أَنْ تَصْنَعِي شَيْئًا إنَّ أَمْرَك بِيَدِك مَا لَمْ يَمَسّكِ زَوْجُك، فَإِنْ مَسَّكِ فَلَيْسَ لَك مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ قَالَتْ فَقُلْت هُوَ الطَّلَاقُ ثُمَّ الطَّلَاقُ ثُمَّ الطَّلَاقُ فَفَارَقَتْهُ ثَلَاثًا) .
(ش) : قَوْلُهُ: " أَنَّ مَوْلَاةً لِبَنِي عَدِيٍّ يُقَالُ لَهَا زَبْرَاءُ كَانَتْ تَحْتَ عَبْدٍ وَهِيَ أَمَةٌ يَوْمَئِذٍ " يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَوْلَاةَ غَيْرُ الْأَمَةِ، وَأَنَّهَا لَا تُوصَفُ بِمَوْلَاةٍ حِينَ كَوْنِهَا أَمَةً وَلِذَلِكَ أَخْبَرَ عَنْ مَوْلَاةٍ لِبَنِي عَدِيٍّ وَذَكَرَ أَنَّهَا كَانَتْ أَمَةً يَوْمَ كَانَتْ تَحْتَ الْعَبْدِ، وَلَوْ كَانَتْ مَوْلَاةً حِينَ كَوْنِهَا أَمَةً لَاسْتَغْنَى عَنْ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ قَوْلِهِ مَوْلَاةً لِبَنِي عَدِيٍّ أَمَةً يَوْمَ كَانَتْ تَحْتَ الْعَبْدِ، وَإِنَّمَا وَصَفَتْ زَوْجَهَا بِالْعُبُودِيَّةِ لِتُشِيرَ إلَى أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ الَّذِي ثَبَتَ لَهَا بِالْعِتْقِ مُتَعَلِّقٌ بِمَنْ كَانَ زَوْجُهَا عَبْدًا.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ فَعَتَقَتْ تَحْتَ الْعَبْدِ وَبِذَلِكَ الْعِتْقِ وُصِفَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّهَا مَوْلَاةُ مَنْ أَعْتَقَهَا فَلَمَّا عَتَقَتْ أَرْسَلَتْ إلَيْهَا حَفْصَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُعْلِمُهَا بِمَا ثَبَتَ لَهَا مِنْ التَّخْيِيرِ بِالْعِتْقِ، وَهَذَا حُكْمُ كُلِّ مَنْ عَلَّمَ لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ حَقًّا يَخَافُ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ وَيَضِيعَ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَنْ يُنَبِّهَهُ عَلَيْهِ وَيُعَلِّمَهُ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهَا: إنِّي مُخْبِرَتُك خَبَرًا وَلَا أُحِبَّ أَنْ تَصْنَعِي شَيْئًا يَقْتَضِي دِينُ حَفْصَةَ وَفَضْلُهَا، وَأَنَّهَا لَمْ تَقْصِدْ بِذَلِكَ أَذَى الزَّوْجِ، وَإِنَّمَا قَصَدَتْ إعْلَامَهَا بِمَا يَجِبُ لَهَا ثُمَّ أَعْلَمَتْهَا أَنَّهَا لَا تُحِبُّ أَنْ تُفَارِقَهُ بَلْ تُحِبُّ أَنْ تَبْقَى عَلَى حُكْمِ الزَّوْجِيَّةِ ثُمَّ أَعْلَمَتْهَا بِحُكْمِهَا فَقَالَتْ لَهَا: إنَّ أَمْرَك بِيَدِك مَا لَمْ يَمَسّكِ زَوْجُك فَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ مُدَّةَ كَوْنِ أَمْرِهَا بِيَدِهَا مَا لَمْ يَمَسَّهَا وَمَا بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا خِيَارَ لَهَا؛ لِأَنَّ الْمُدَّةَ كُلَّهَا مُدَّةٌ لِامْتِنَاعِ خِيَارِهَا، فَإِذَا تَبَيَّنَ لَهَا أَنَّ هَذَا الْمِقْدَارَ مِنْ الْمُدَّةِ ثَبَتَ لَهَا فِيهَا حُكْمُ الْخِيَارِ لَمَّا كَانَ مِنْ عِتْقِهَا تَحْتَ عَبْدٍ وَجَبَ أَنْ يَبْطُلَ الْخِيَارُ بِالْمَسِيسِ وَيَرْجِعَ إلَى حُكْمِ مِلْكِ الزَّوْجِ لَهَا ثُمَّ بَيَّنَتْ ذَلِكَ فَقَالَتْ: فَإِنْ مَسَّكِ فَلَيْسَ لَك مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهَا فَقُلْت: هُوَ الطَّلَاقُ ثُمَّ الطَّلَاقُ ثُمَّ الطَّلَاقُ فَفَارَقَتْهُ ثَلَاثًا يَقْتَضِي مَا قُلْنَاهُ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّ الزَّوْجَةَ لَمَّا كَانَتْ حُرَّةً وَمَلَكَتْ الطَّلَاقَ مَلَكَتْهُ ثَلَاثًا، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ فِيهَا طَلَاقٌ، وَلَوْ تَقَدَّمَ لَهُ فِيهَا طَلْقَةٌ لَاحْتُسِبَتْ بِهَا عَلَيْهِ وَاجْتَزَأَتْ الْآنَ بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ تُبْرِئُهَا مِنْهُ وَفِي الْمَبْسُوطِ فِي عَبْدٍ تَحْتَهُ أَمَةٌ فَطَلَّقَهَا طَلْقَةً ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَانِيَةً فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ بِثَلَاثٍ؛ لِأَنَّ نِصْفَ طَلَاقِ الْعَبْدِ طَلْقَةٌ تَقُومُ مَقَامَ طَلْقَةٍ وَنِصْفٍ، فَإِذَا أَوْقَعَهَا كَانَ كَأَنَّهُ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً وَنِصْفَ طَلْقَةٍ، وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ الْحُرُّ لَزِمَهُ طَلْقَتَانِ فَكَذَلِكَ الْعَبْدُ إذَا أَوْقَعَ طَلْقَةً لَزِمَهُ طَلْقَتَانِ، فَإِذَا أَعْتَقَ، فَإِنَّمَا بَقِيَتْ لَهُ طَلْقَةٌ، وَالنِّصْفُ لَا يَصِحُّ إيقَاعُهُ، فَإِنَّمَا بَقِيَتْ لَهُ فِيهَا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ.
(ش) : قَوْلُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَيُّمَا رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَبِهِ جُنُونٌ أَوْ ضَرَرٌ قَالَ ابْنُ زَيْدٍ قُلْت لِعِيسَى بْنِ دِينَارٍ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: أَيُّمَا رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَبِهَا جُنُونٌ أَوْ جُذَامٌ أَوْ بَرَصٌ، فَإِنَّهُ
الصفحة 57
308