كتاب المنتقى شرح الموطإ (اسم الجزء: 4)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (فَصْلٌ) :
وَإِنْ أَعَسَرَتْ بِالنَّفَقَةِ أَنْفَقَ الْأَبُ وَهَلْ يَتْبَعُهَا بِمِثْلِ النَّفَقَةِ رَوَى ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يُتْبِعُهَا بِهِ وَرَوَى أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يَتْبَعُهَا وَقَالَ أَيْضًا لَا يَتْبَعُهَا وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ لِلِابْنِ عَلَى أَبِيهِ ثُمَّ عَاوَضَ بِهِ الْأَبُ الْأُمَّ فَأَثْبَتَهُ فِي ذِمَّتِهَا عِوَضًا مِنْ طَلَاقِهَا، فَإِذَا أَعَسَرَتْ بِهِ كَانَ لِلِابْنِ أَنْ يُتْبِعَ بِهِ الْأَبَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُسْقِطَ حَقًّا عَلَيْهِ وَيَنْقُلَهُ إلَى عَدِيمٍ فَيَرْجِعُ الِابْنُ بِهِ عَلَى الْأَبِ ثُمَّ يَرْجِعُ بِهِ الْأَبُ عَلَى الْأُمِّ دَيْنًا يَتْبَعُهَا بِهِ؛ لِأَنَّهُ عِوَضُ طَلَاقِهَا، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ أَمْرٌ غَيْرُ ثَابِتٍ عَلَى الْأَبِ وَلَا عَلَى الْأُمِّ، وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ ذَلِكَ بِيُسْرِ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ حِينَ الْوُجُوبِ كَنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ عَلَى الزَّوْجِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَمَنْ خَالَعَ امْرَأَتَهُ عَلَى أَنَّهَا إنْ وَلَدَتْ مِنْهُ فَعَلَيْهَا نَفَقَتُهُ فِي الْحَوْلَيْنِ، فَإِنْ أَرَادَتْ أَنْ تَطْلُبَهُ بِنَفَقَةِ الْحَمْلِ وَبِصَدَاقِهَا عَلَيْهِ فَفِي الْمَبْسُوطِ عَنْ مَالِكٍ لَيْسَ لَهَا صَدَاقٌ وَلَا نَفَقَةُ حَمْلٍ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ لَهَا نَفَقَةُ الْحَمْلِ وَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْ الصَّدَاقِ، وَوَجْهُ قَوْلِهَا: إنَّهُ لَا شَيْءَ لَهَا مِنْ الصَّدَاقِ أَنَّهَا لَمْ تَشْتَرِطْ بَقَاءً فَكَانَ الظَّاهِرُ إسْقَاطَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ مِنْهَا بِتَرْكِ مَا كَانَ فِي ذِمَّتِهِ حَتَّى زَادَتْ نَفَقَةُ الْحَمْلِ وَلَمْ تَكُنْ فِي ذِمَّتِهِ، وَوَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا أَنَّهَا قَدْ أَسْقَطَتْ نَفَقَةَ الْوَلَدِ بَعْدَ الْوِلَادَةِ فَبِأَنْ تُسْقِطَ مَا وَجَبَ لَهَا قَبْلَ ذَلِكَ أَوْلَى كَمَا قُلْنَا فِي الصَّدَاقِ: إنَّهَا إذَا أَسْقَطَتْ نَفَقَةَ الْحَوْلَيْنِ اقْتَضَى ذَلِكَ إسْقَاطَ الصَّدَاقِ، وَوَجْهُ قَوْلِ الْمُغِيرَةِ: إنَّهَا أَسْقَطَتْ عَنْهُ نَفَقَةً مُقَدَّرَةً فَلَا يَتَعَدَّى الْإِسْقَاطُ إلَى غَيْرِهَا وَإِلَى مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِهَا وَلَا وَجَبَ بِسَبَبِهَا؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْحَمْلِ فِي غَيْرِ مُدَّةِ الْحَوْلَيْنِ وَمِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْحَوْلَيْنِ وَاجِبَةٌ بِغَيْرِ سَبَبِهَا وَلَا يُشْبِهُ هَذَا مَا أَسْقَطَ مِنْ الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ قَدْ تَقَرَّرَ وَوَجَبَ وَنَفَقَةُ الْحَمْلِ لَمْ تَجِبْ بَعْدُ فَلَا تَسْقُطُ إلَّا بِالنَّصِّ عَلَيْهَا.
1 -
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا إنْ خَالَعَهَا عَلَى جَمِيعِ مَا تَمْلِكُ وَلَمْ يُوجَدْ لَهَا شَيْءٌ فَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ إذَا خَالَعَهَا عَلَى مَا فِي يَدِهَا فَلَمْ يُوجَدْ فِي يَدِهَا شَيْءٌ، أَوْ وُجِدَ فِيهِ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ كَالْحَجَرِ قَالَ أَشْهَبُ لَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ، وَإِنْ وُجِدَ فِيهِ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ كَالدِّرْهَمِ وَنَحْوِهِ لَزِمَهُ الْخُلْعُ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَلْزَمُهُ الْخُلْعُ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِمَا غَرَّتْهُ بِهِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَسَحْنُونٌ، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهَا غَرَّتْهُ فَلَمْ يَلْزَمْهُ الْخُلْعُ كَمَا لَوْ قَالَتْ لَهُ: أُخَالِعُكَ بِعَبْدِي هَذَا، وَهُوَ حُرٌّ، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ خُلْعٌ، أَوْ أُخَالِعُكَ بِهَذِهِ الدَّارِ وَلَمْ تَكُنْ لَهَا فَقَدْ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الْمَبْسُوطِ: إنَّهَا تَبْقَى عَلَى الزَّوْجِيَّةِ، وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ لَهَا فَأَسْلَمَتْهَا إلَيْهِ فَاسْتَحَقَّتْ مِنْ يَدِهِ بَعْدَ الْخُلْعِ وَرَجَعَ عَلَيْهَا بِقِيمَةِ مَا اسْتَحَقَّ مِنْ يَدِهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: لِأَنَّ هَذَا قَدْ قَبَضَهُ، وَالْأَوَّلُ لَمْ يَقْبِضْهُ، وَإِنَّمَا خَالَعَهَا بِهِ عَلَى أَنْ تُسَلِّمَهُ إلَيْهِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ الْمُعَذَّلِ: إذَا خَالَعَهَا عَلَى عَطَائِهَا، أَوْ وَصِيَّةٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَهِيَ زَوْجَةٌ وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهَا شَيْءٌ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُخَالِعَهَا عَلَى حُرٍّ غَرَّتْهُ بِهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ لَهَا عَطَاءٌ فَسَقَطَ اسْمُهَا، أَوْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثَ وَصِيَّتُهَا، فَإِنَّهُ يَمْضِي الْخُلْعُ عَلَيْهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
(فَرْعٌ) : فَإِذَا قُلْنَا: لَا يَلْزَمُهُ الْخُلْعُ فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ: لَا يَكُونُ طَلَاقًا وَقَالَ مُطَرِّفٌ: لَوْ أَخَذَتْ لَوْزَةً، أَوْ حَصَاةً وَخَالَعَتْهُ بِهَا، فَإِنْ كَانَ شَيْءٌ مِمَّا يُنْتَفَعُ بِهِ، وَإِنْ قَلَّ فَرَضِيَ بِهِ وَعَرَفَ مَا هُوَ فَهُوَ خُلْعٌ، وَأَمَّا حَصَاةٌ وَمَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فَلَيْسَ بِخُلْعٍ، وَهُوَ طَلَاقٌ رَجْعِيٌّ وَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّهُ إنَّمَا أَوْقَعَ الطَّلَاقَ بِشَرْطِ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ شَيْءٌ يَنْتَفِعُ بِهِ فَلَمَّا وَجَدَهُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ بَطَلَ الطَّلَاقُ جُمْلَةً كَمَا لَوْ غَرَّتْهُ مِنْ حُرٍّ فَخَالَعَتْهُ بِهِ عَلَى أَنَّهُ عَبْدٌ، وَوَجْهُ قَوْلِ مُطَرِّفٍ أَنَّ الطَّلَاقَ قَدْ وَقَعَ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ عِوَضٌ لَمْ يَكُنْ بَائِنًا وَكَانَ رَجْعِيًّا.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَلَوْ خَالَعَهَا عَلَى خَمْرٍ، أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ مَا لَا يَحِلُّ مِنْ تَعْجِيلِ دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ نَفَذَ الْخُلْعُ وَبَطَلَ الْعِوَضُ وَبَقِيَ الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ إلَى أَجَلِهِ وَيَكُونُ الطَّلَاقُ بَائِنًا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ: هُوَ رَجْعِيٌّ وَلَا يَكُونُ لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا شَيْءٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ عَلَى هَذَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ: عَلَيْهَا مَهْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ وَقَعَ عَلَى وَجْهِ الْمُعَاوَضَةِ فَكَانَ بَائِنًا وَلِأَنَّ الزَّوْجَ لَمَّا رَضِيَ مَا لَا يَحِلُّ مِنْ الْعِوَضِ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ، فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ
الصفحة 63
308