كتاب المنتقى شرح الموطإ (اسم الجزء: 4)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَنِّي لَصَادِقٌ وَلَيُنْزِلَنَّ اللَّهُ عَلَيْك مَا يُبَرِّئُ ظَهْرِي مِنْ الْجَلْدِ فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إذْ نَزَلَتْ آيَةُ اللِّعَانِ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] الْآيَةَ فَدَعَا هِلَالًا فَشَهِدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ إنَّهُ لَمِنْ الصَّادِقِينَ، وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ ثُمَّ دُعِيَتْ الْمَرْأَةُ فَشَهِدَتْ عَلَى نَفْسِهَا أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ إنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ» الْحَدِيثَ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الزَّوْجَ بَدَأَ بِالْقَذْفِ فَلَزِمَ أَنْ يَبْدَأَ بِاللِّعَانِ.
1 -
(فَرْعٌ) ، فَإِنْ بَدَأَتْ الْمَرْأَةُ بِاللِّعَانِ فَهَلْ تُعِيدُهُ بَعْدَ الْتِعَانِ الزَّوْجِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا لَا تَعْتَدُّ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ لِعَانِهَا قَبْلَ الزَّوْجِ وَتُعِيدُ اللِّعَانَ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ هُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَاَلَّذِي حَكَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا لَا تُعِيدُ اللِّعَانَ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا احْتَجَّ بِهِ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} [النور: 8] ، وَهَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ أَنْ حَقَّ عَلَيْهَا الْعَذَابُ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْتِعَانِ الزَّوْجِ وَاحْتَجَّ لِذَلِكَ أَشْهَبُ أَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْحُقُوقِ فَلَوْ بَدَأَ الطَّالِبُ بِالْيَمِينِ لَمْ يُجْزِهِ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ نُكُولِ الْمَطْلُوبِ، وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ هَذَا لِعَانٌ مِنْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ فَيَصِحُّ أَنْ يَقَعَ أَوَّلًا كَلِعَانِ الزَّوْجِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَإِذَا قَذَفَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ أَنْكَرَ الْقَذْفَ فَلَمَّا أَقَامَتْ بِذَلِكَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً ادَّعَى رُؤْيَةَ الزِّنَا، فَإِنَّ لَهُ اللِّعَانَ بِخِلَافِ الْحُقُوقِ وَلَهُ أَنْ يَقُولَ: أَرَدْت التَّسَتُّرَ رَوَاهُ أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
، وَإِذَا قَذَفَ الزَّوْجُ امْرَأَتَهُ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ، وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يُسْقِطَهُ بِاللِّعَانِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَكِنْ يُحْبَسُ حَتَّى يَلْتَعِنَ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4] وَمِنْ جِهَةِ السُّنَّةِ حَدِيثُ أَنَسٍ الْمُتَقَدِّمُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِهِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ الْبَيِّنَةَ وَإِلَّا حَدٌّ فِي ظَهْرِك» وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّهُ قَاذِفٌ حُرَّةً عَفِيفَةً فَثَبَتَ فِي حَقِّهِ الْحَدُّ كَالْأَجْنَبِيَّةِ.
1 -
، وَلَوْ الْتَعَنَ بَعْضَ اللِّعَانِ فَبَقِيَ مِنْهُ أَقَلُّهُ فَقَالَتْ الْمَرْأَةَ: قَدْ عَفَوْتُ عَنْكِ فَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ تَرَكَ الِالْتِعَانَ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ، وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ تَعْفُ الْمَرْأَةُ وَلَكِنْ أَقَرَّتْ ثُمَّ رَجَعَتْ فَاعْتَذَرَتْ بِمَا تُعْذَرُ بِهِ لَمْ يُحَدَّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَأُلْحِقَ بِهِ الْوَلَدُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
، فَإِذَا الْتَعَنَ الرَّجُلُ وَسَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ، فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِلِعَانِهِ أَحْكَامٌ مِنْهَا سُقُوطُ الْحَدِّ عَنْهُ وَتَوْجِيهُهُ عَلَى الْمَرْأَةِ وَانْتِفَاءُ الْوَلَدِ إنْ كَانَ اللِّعَانُ يَتَضَمَّنُ ذَلِكَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا شَيْءَ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا تُحْبَسُ إنْ امْتَنَعَتْ مِنْ اللِّعَانِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْله تَعَالَى {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} [النور: 8] ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ قَدْ تَوَجَّهَ إلَيْهَا بِلِعَانِ الزَّوْجِ عَذَابٌ، وَهُوَ الْحَدُّ، فَإِنَّ لَهَا أَنْ تَدْرَأَهُ عَنْ نَفْسِهَا بِاللِّعَانِ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّهُ مَعْنًى يَخْرُجُ بِهِ الْقَاذِفُ مِنْ قَذْفِهِ فَتَوَجَّهَ إلَى الْمَقْذُوفِ بِهِ الْحَدُّ أَصْلُ ذَلِكَ السُّنَّةُ.
(فَرْعٌ) : وَإِنْ تَمَادَتْ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ اللِّعَانِ أَنْفَذَ عَلَيْهَا الرَّجْمَ، أَوْ الْجَلْدَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، فَإِنْ رَجَعَتْ فَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ تَعُودُ إلَى اللِّعَانِ، فَإِنْ نَكَلَ الزَّوْجُ لَحِقَ بِهِ وَلَا يُحَدُّ؛ لِأَنَّهَا مُقِرَّةٌ بِذَلِكَ بِنُكُولِهَا، وَإِنْ رَجَعَتْ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى اللِّعَانِ، فَإِنَّ حُكْمَ النُّكُولِ بَاقٍ فِي إسْقَاطِ الْحَدِّ عَنْ الزَّوْجِ وَرَأَيْتُ مِثْلَ هَذَا لِأَبِي عَلِيِّ بْنِ خَلْدُونٍ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَرَوِيَّيْنِ وَقَاسَا عَلَى طَرِيقَتِهِمْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَعِنْدِي أَنَّ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ هَذَا الْمَعْنَى بِعَيْنِهِ وَرَأَيْتُ لِلشَّيْخِ أَبِي عِمْرَانَ وَلِأَبِي الْقَاسِمِ بْنِ الْكَاتِبِ يَمْضِي عَلَيْهَا وَلَيْسَ لَهَا الرُّجُوعُ إلَى اللِّعَانِ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهَا إذَا نَكَلَتْ عَنْ اللِّعَانِ بَعْدَ لِعَانِ الزَّوْجِ فَقَدْ صَدَّقَتْهُ وَتَحْقِيقُ ذَلِكَ حَقٌّ لِلزَّوْجِ فَلَيْسَ لَهَا الرُّجُوعُ عَنْهُ كَمَا لَيْسَ لَهَا الرُّجُوعُ عَنْ إقْرَارٍ بِحَقٍّ لِخَصْمٍ يَطْلُبُهُ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَصِفَةُ اللِّعَانِ قَالَ مَالِكٌ يَقُولُ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَيْضًا مَالِكٌ: أَشْهَدُ بِعِلْمِ اللَّهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيَقُولُ فِي الرِّوَايَةِ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ لَرَأَيْتهَا تَزْنِي يَقُولُهُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ قَالَ
الصفحة 77
308