كتاب المنتقى شرح الموطإ (اسم الجزء: 4)

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ: وَالْعَبْدُ بِمَنْزِلَةِ الْحُرِّ فِي قَذْفِهِ وَلِعَانِهِ يَجْرِي مَجْرَى الْحُرِّ فِي مُلَاعَنَتِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكَهُ حَدٌّ قَالَ مَالِكٌ: وَالْأَمَةُ الْمُسْلِمَةُ، وَالْحُرَّةُ النَّصْرَانِيَّةُ، وَالْيَهُودِيَّةُ تُلَاعِنُ الْحُرَّ الْمُسْلِمَ إذَا تَزَوَّجَ إحْدَاهُنَّ فَأَصَابَهَا، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] فَهُنَّ مِنْ الْأَزْوَاجِ قَالَ: وَعَلَى ذَلِكَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQتَأْتِيَ بِالْوَلَدِ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ، أَوْ بَعْدَ الْحَيْضِ، فَإِنْ أَتَتْ بِهِ قَبْلَ الْحَيْضِ لِأَكْثَرِ أَمَدِ حَمْلٍ فَهُوَ لَاحِقٌ بِالزَّوْجِ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ، وَأَكْثَرُ أَمَدِ الْحَمْلِ اخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ الْمَالِكِيِّينَ فَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةُ أَعْوَامٍ وَبِهِ قَالَ أَصْبَغُ وَالشَّافِعِيُّ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٌ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَشْهَبُ سَبْعُ سِنِينَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: أَكْثَرُ الْحَمْلِ سَنَتَانِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
، وَإِنْ حَاضَتْ ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِمِثْلِ هَذِهِ الْمُدَّةِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَلْحَقُ بِهِ، وَإِنْ حَاضَتْ ثَلَاثَ حِيَضٍ، وَقَدْ تَحِيضُ الْمَرْأَةُ عَلَى الْحَمْلِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهَا حَائِضٌ حَيْضًا مُسْتَقِيمًا وَتَيَقَّنَ ذَلِكَ وَعَرَفَهُ النِّسَاءُ لَرَأَيْتهَا زَانِيَةً وَيَسْقُطُ نَسَبُ الْوَلَدِ عَنْ الْمَيِّتِ، وَالْحَيِّ وَلَكِنْ لَا يُحَاطُ بِمَعْرِفَتِهِ قَالَ أَصْبَغُ لَيْسَ هَذَا بِقَوْلٍ، وَلَوْ عَرَفَ ذَلِكَ لَمْ يُوجِبْ زِنًى وَلَا حَدًّا، وَهُوَ شُبْهَةٌ، وَالْوَلَدُ لَاحِقٌ إلَّا أَنْ يُلَاعِنَ الْمُطَلِّقُ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ مَا ادَّعَتْهُ يُرِيدُ أَنْ يَنْسُبَ ذَلِكَ إلَيْهِ وَيَقُولَ: إنَّهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا إذَا لَمْ تَقُلْ: إنَّهُ مِنْهُ وَلَمْ يَنْسُبْهُ إلَيْهِ لَمْ يَحْتَجْ هُوَ إلَى لِعَانٍ إلَّا لِنَفْيِ النَّسَبِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ صَدَّقَتْهُ فِي الْقَذْفِ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ: مَا لَمْ يَأْتِ دُونَ ذَلِكَ مِنْ الزَّمَانِ الَّذِي يَشُكُّ فِيهِ فَلَا يَعْرِفُ أَنَّهُ مِنْهُ يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ يَأْتِي مِنْ طُولِ الزَّمَانِ مَا يَزِيدُ عَلَى أَكْثَرِ أَمَدِ الْحَمْلِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ فَشَكَّ حِينَئِذٍ أَنَّهُ مِنْهُ شَكًّا يَمْنَعُ إلْحَاقَهُ بِهِ أَوْلَى مِنْ نَفْيِهِ عَنْهُ، وَأَمَّا فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ فَهَذَا الشَّكُّ مَعْدُومٌ بَلْ الظَّاهِرُ مَنْعُهُ لِثُبُوتِ حَقِّ الْفِرَاشِ لَهُ.

(ش) : قَوْلُهُ: وَالْعَبْدُ بِمَنْزِلَةِ الْحُرِّ فِي قَذْفِهِ وَلِعَانِهِ لَهَا حُكْمُهُ فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْحُرِّ وَرَوَى فِي الْعُتْبِيَّةِ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ لِعَانَ الْعَبْدِ كَالْحُرِّ فِي الْحُرَّةِ، وَالْأَمَةُ تَشْهَدُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَتُخَمِّسُ بِالْغَضَبِ، وَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ حُدَّ لِلْحُرَّةِ أَرْبَعِينَ وَلَا يُحَدُّ لِلْأَمَةِ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ: غَيْرَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكَهُ حَدٌّ يُرِيدُ سَوَاءً كَانَ الْقَاذِفُ عَبْدًا أَوْ حُرًّا فَهَذَا اللَّفْظُ، وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الِاسْتِثْنَاءِ فَمَعْنَاهُ الْعَطْفُ عَلَى مَا مَضَى، وَالتَّفْسِيرُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْ اللَّفْظِ الْأَوَّلِ مَا لَوْلَاهُ لَدَخَلَ فِيهِ، وَإِنَّمَا بَيَّنَ أَنَّ حُكْمَ الْعَبْدِ حُكْمُ الْحُرِّ فِي قَذْفِ الْأَمَةِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَهَذَا حُكْمُ كُلِّ مَنْ لَا يُحَدُّ قَاذِفُهَا مِنْ الْكِتَابِيَّاتِ، فَإِنَّ الزَّوْجَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ بِقَذْفِهَا، فَإِنْ قَذَفَهَا بِرُؤْيَةٍ كَانَ لَهُ أَنْ يُمْسِكَ عَنْ اللِّعَانِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُلَاعِنَ لِئَلَّا يَكُونَ مِمَّا ادَّعَاهُ مِنْ الْوَطْءِ وَلَدٌ يَلْحَقُ بِهِ نَسَبُهُ أَوْ لِيَلْحَقَ قَوْلُهُ: فَلَهُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إنْ نَفَى حَمْلَهَا، فَإِنَّمَا يُلَاعِنُ لِيَنْفِيَ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ الْحَمْلَ، وَإِنْ لَمْ يُلَاعِنْ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَاعَنَ لَزِمَ الْأَمَةَ أَنْ تُلَاعِنَ لِتَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهَا الْحَدَّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ حَقَّ عَلَيْهَا الْقَذْفُ بِلِعَانِهِ وَيَجِبُ عَلَيْهَا الْحَدُّ، وَأَمَّا الْكِتَابِيَّةُ فَلَا يَلْزَمُهَا ذَلِكَ بِالْتِعَانِ الزَّوْجِ وَلَهَا أَنْ تَلْتَعِنَ لِتَدْرَأَ عَنْ نَفْسِهَا عَارَ مَا قَدْ قُذِفَتْ بِهِ وَتَقْطَعَ عِصْمَةَ الزَّوْجِ عَنْهَا قَالَ مُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكٍ: إذَا لَاعَنَ الزَّوْجُ رُدَّتْ إلَى أَهْلِ دِينِهَا إنْ نَكَلَتْ عَنْ اللِّعَانِ، فَإِنْ لَمْ تَلْتَعِنْ فَقَدْ رَوَى ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ هُمَا عَلَى الزَّوْجِيَّةِ، فَإِنْ الْتَعَنَتْ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ.
1 -
(فَصْلٌ) :
وَالْأَمَةُ الْمُسْلِمَةُ، وَالْحُرَّةُ، وَالْيَهُودِيَّةُ تُلَاعِنُ الْحُرَّ الْمُسْلِمَ خَصَّ الْأَمَةَ بِالْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْمُسْلِمُ أَمَةً كِتَابِيَّةً، وَأَمَّا الْحُرَّةُ الْكِتَابِيَّةُ فَيَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَلِذَلِكَ عَدَلَ عَنْ ذِكْرِ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ إلَى ذِكْرِ الْحُرَّةِ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَؤُلَاءِ أَنْ تُلَاعِنَ الْحُرَّ الْمُسْلِمَ إذَا تَزَوَّجَ إحْدَاهُنَّ وَقَوْلُهُ: فَأَصَابَهَا لَيْسَتْ الْإِصَابَةُ شَرْطًا فِي صِحَّةِ اللِّعَانِ وَلَا وُجُوبِهِ.
وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَلَمْ يَبْنِ بِهَا وَلَمْ يَخْلُ بِهَا حَتَّى أَتَتْ بِوَلَدٍ فَأَنْكَرَهُ إنَّهُ يُلَاعِنُ إذَا قَالَتْ: إنَّهُ يَغْشَاهَا وَأَمْكَنَ مَا قَالَتْ قَالَ سَحْنُونٌ مَعْنَاهُ أَنْ يُمْكِنَ

الصفحة 80