كتاب المنتقى شرح الموطإ (اسم الجزء: 4)
(ص) : (قَالَ مَالِكٌ: وَالْعَبْدُ إذَا تَزَوَّجَ الْحُرَّةَ الْمُسْلِمَةَ، أَوْ الْأَمَةَ الْمُسْلِمَةَ، أَوْ الْحُرَّةَ النَّصْرَانِيَّةَ أَوْ الْيَهُودِيَّةَ لَاعَنَهَا) .
(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُلَاعِنُ امْرَأَتَهُ فَيَنْزِعُ وَيُكْذِبُ نَفْسَهُ بَعْدَ يَمِينٍ أَوْ يَمِينَيْنِ مَا لَمْ يَلْتَعِنْ فِي الْخَامِسَةِ أَنَّهُ إذَا نَزَعَ قَبْلَ أَنْ يَلْتَعِنَ جُلِدَ الْحَدَّ وَلَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا) .
(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ، فَإِذَا مَضَتْ الثَّلَاثَةُ الْأَشْهُرُ قَالَتْ الْمَرْأَةُ أَنَا حَامِلٌ قَالَ: إنْ أَنْكَرَ زَوْجُهَا حَمْلَهَا لَاعَنَهَا) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQإتْيَانُهُ إلَيْهَا وَأَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ يَوْمِ عَقْدِ النِّكَاحِ وَمِنْ يَوْمِ إمْكَانِهِ إتْيَانَهَا، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْفِرَاشَ قَدْ ثَبَتَ لَهُ بِعَقْدِ النِّكَاحِ فَلَا يُنْفَى الْوَلَدُ إلَّا بِاللِّعَانِ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ: وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] فَهُنَّ الْأَزْوَاجُ تَعَلَّقَ بِالْعُمُومِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ الْأَمَةَ، أَوْ الْكِتَابِيَّةَ دَاخِلَةٌ تَحْتَ قَوْله تَعَالَى {يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] فَلَمَّا لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْحُرَّةِ، وَالْأَمَةِ، وَالْمُسْلِمَةِ وَغَيْرِهَا حُمِلَ ذَلِكَ عَلَى كُلِّ زَوْجَةٍ إلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ، وَلَوْ أَنَّ الصَّغِيرَ يَقْذِفُ زَوْجَتَهُ الْكَبِيرَةَ بِرُؤْيَةِ زِنًى لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ لِعَانٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَذَفَ أَجْنَبِيَّةً لَمْ يُحَدَّ؛ لِأَنَّهَا لَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ لَمْ يُلْحَقْ بِهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْمُلَاعَنَةِ.
(ش) : قَوْلُهُ: إنَّ الْعَبْدَ إذَا تَزَوَّجَ الْأَمَةَ الْمُسْلِمَةَ، أَوْ الْحُرَّةَ النَّصْرَانِيَّةَ أَوْ الْيَهُودِيَّةَ لَاعَنَهَا يُرِيدُ أَنَّ لَهُ أَنْ يُلَاعِنَ فِي جَمِيعِهِنَّ لِيَنْفِيَ عَنْ نَفْسِهِ حَمْلًا ظَهَرَ بِهَا أَوْ إنْ قَذَفَ بِرُؤْيَةٍ فَلْيَدْفَعْ عَنْ نَفْسِهِ النَّسَبَ الَّذِي تَتَوَقَّعُهُ مِمَّا ادَّعَاهُ مِنْ الرُّؤْيَةِ، وَأَمَّا فِي الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ فَيَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ أَيْضًا لِيَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ الْحَدَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ بِقَذْفِهَا إنْ لَمْ يُلَاعِنْ، وَأَمَّا فِي الْأَمَةِ أَوْ الْكِتَابِيَّةِ الْحُرَّةِ فَلَا يُلَاعِنُ إلَّا لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ دَفْعِ النَّسَبِ دُونَ دَفْعِ الْحَدِّ؛ لِأَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ بِقَذْفِهِنَّ.
(ش) : قَوْلُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إنَّ مَنْ لَاعَنَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ نَزَعَ وَأَكْذَبَ نَفْسَهُ بَعْدَ يَمِينٍ أَوْ يَمِينَيْنِ مَا لَمْ يَلْتَعِنْ فِي الْخَامِسَةِ جُلِدَ الْحَدَّ وَلَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا أَوْرَدَ مِنْ الْمَسْأَلَةِ بَعْضَهَا، وَالْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ مِنْهَا، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ قَبْلَ الْخَامِسَةِ الْوَاقِعَةِ مِنْهُ، فَإِنَّهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا، وَإِنْ كَانَ هَذَا عِنْدَهُ حُكْمَ إكْذَابِهِ نَفْسَهُ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَ هِيَ بِالْخَامِسَةِ، وَهَذَا الْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ قَالَ سَحْنُونٌ: وَإِذَا لَاعَنَ الزَّوْجُ مِنْ نَفْيِ حَمْلٍ وَنَكَلَتْ هِيَ وَأَخَّرَ رَجْمَهَا حَتَّى تَضَعَ ثُمَّ أَكْذَبَ الزَّوْجُ نَفْسَهُ قَبْلَ أَنْ تَضَعَ وَبَعْدَ أَنْ نَكَلَتْ فَإِنَّ لِعَانَهُ قَاطِعٌ لِعِصْمَتِهِ وَلَا مِيرَاثَ بَيْنَهُمَا وَتُرْجَمُ إذَا وَضَعَتْ، أَنْكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدٍ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ، وَأَمَّا مَنْ رَدَّ الْفِعْلَ إلَيْهَا فَقَالَ بَعْدَ يَمِينٍ أَوْ يَمِينَيْنِ يُرِيدُ مِنْ أَيْمَانِهَا وَقَبْلَ أَنْ تَأْتِيَ هِيَ بِالْخَامِسَةِ فَهُوَ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ أَنَّهُ إذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ قَبْلَ تَمَامِ لِعَانِهَا أَنَّ الزَّوْجِيَّةَ بَاقِيَةٌ بَيْنَهُمَا، وَإِنَّمَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ وَتَتَأَبَّدُ بِتَمَامِ لِعَانِهَا، وَأَمَّا الْحَدُّ فَلَا يَخْتَلِفُ حُكْمُهُ مَتَى وَقَعَ تَكْذِيبُهُ نَفْسَهُ وَكَذَلِكَ اسْتِحْقَاقُ الْوَلَدِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا تَكْذِيبُهُ نَفْسَهُ، فَإِنَّهُ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَقُولَ: إنَّهُ كَاذِبٌ فِي قَذْفِهَا عَلَى أَيِّ وَجْهٍ وَقَعَ، وَالثَّانِي أَنْ يَسْتَلْحِقَ الْوَلَدَ فَهَذَا يَكُونُ قَرِيبًا إنْ كَانَ قَذْفُهُ بِنَفْيِ الْوَلَدِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ قَذْفُهُ إيَّاهَا بِادِّعَاءِ رُؤْيَةِ الزِّنَى وَلَاعَنَ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ أَقَرَّ بِالْوَلَدِ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ: لَا يُحَدُّ وَكَذَلِكَ لَوْ لَاعَنَ عَلَى الرُّؤْيَةِ، وَإِنْكَارِ الْوَلَدِ جَازَ، وَإِنْ كَانَ عَلَى نَفْيِ الْوَلَدِ خَاصَّةً فَإِنَّهُ يُحَدُّ وَيَلْحَقُ الْوَلَدُ بِهِ، وَجْهُ مَنْ قَالَهُ فِيمَنْ لَاعَنَ عَلَى الرُّؤْيَةِ ثُمَّ أَقَرَّ بِالْوَلَدِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي إقْرَارِهِ بِالْوَلَدِ تَكْذِيبٌ لِمَا لَاعَنَ عَلَيْهِ، وَوَجْهُ قَوْلِهِ فِيمَنْ لَاعَنَ عَلَى الْأَمْرَيْنِ لَا يُحَدُّ أَنَّهُ إذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ فِي نَفْيِ الْوَلَدِ بَقِيَ لِعَانُهُ مَحَلًّا لِلتَّصْدِيقِ، وَهُوَ رُؤْيَةُ الزِّنَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ حَتَّى يُكَذِّبَ جَمِيعَ مَا لَاعَنَ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَلَوْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لِعَانُهُ فَادَّعَى الرُّؤْيَةَ وَنَفْيَ الْوَلَدِ ثُمَّ أَقَرَّ بِالْوَلَدِ لَحُدَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(ش) : قَوْلُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ نَفَى حَمْلَهَا: إنَّهُ يُلَاعِنُ يُرِيدُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا طَلَّقَهَا الزَّوْجُ ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِمَا يَلِدْ لَهُ النِّسَاءُ لَحِقَ الزَّوْجَ سَوَاءٌ أَتَتْ بِهِ فِي الْعِدَّةِ، أَوْ بَعْدَهَا إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ الزَّوْجُ فَيُلَاعِنُ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ: فَإِذَا مَضَتْ الثَّلَاثَةُ الْأَشْهُرِ قَالَتْ الْمَرْأَةُ: أَنَا حَامِلٌ خَصَّ الثَّلَاثَةَ الْأَشْهُرَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا
الصفحة 81
308