كتاب المنتقى شرح الموطإ (اسم الجزء: 4)
(ص) : (قَالَ مَالِكٌ: وَالثَّيِّبُ إذَا مَلَكَهَا الزَّوْجُ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَنَّهَا تَجْرِي مَجْرَى الْبِكْرِ الْوَاحِدَةُ تُبِينُهَا، وَالثَّلَاثُ تُحَرِّمُهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) .
طَلَاقُ الْمَرِيضِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: وَكَانَ أَعْلَمَهُمْ بِذَلِكَ، وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ، وَهُوَ مَرِيضٌ فَوَرَّثَهَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ مِنْهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQزَيَّنْتهَا يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، أَوْ نَوَّرْتهَا أَوْ كَلِمَةً تُشْبِهُهَا يَعْنِي أَنَّهُ أَصَابَ.
(ش) : قَوْلُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إنَّ الثَّيِّبَ كَالْبِكْرِ فِي ذَلِكَ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَتَعَلَّقُ بِبَكَارَتِهَا، وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِأَنَّهَا غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا، فَإِذَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا زَوْجُهَا فَحُكْمُهَا فِي الْوَاحِدَةِ حُكْمُ الْبِكْرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[طَلَاقُ الْمَرِيضِ]
[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي صِفَةِ الْمَرَضِ الَّذِي بِهِ يَبْقَى حُكْمُ مِيرَاثِ الْمُطَلَّقَةِ]
(ش) : قَوْلُهُ: إنَّ طَلْحَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ كَانَ أَعْلَمَهُمْ بِذَلِكَ يُرِيدُ أَنَّهُ كَانَ أَعْلَمَهُمْ بِحُكْمِ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ وَمَا جَرَى فِيهَا لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ مِنْ صِفَةِ الطَّلَاقِ وَلِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ مِنْ الْحُكْمِ مِنْ سَائِرِ الرُّوَاةِ لِذَلِكَ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ: إنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ، وَهُوَ مَرِيضٌ يُرِيدُ أَنَّ طَلَاقَهُ إيَّاهَا كَانَ أَلْبَتَّةَ فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ يَرَى إبَاحَةَ ذَلِكَ، أَوْ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً فِي آخِرِ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ فَكَانَتْ تِلْكَ الطَّلْقَةُ بَتَّةً؛ لِأَنَّهَا بِهَا تَبِينُ عَنْهُ، وَأَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَرَّثَهَا مِنْهُ وَفِي ذَلِكَ بَابَانِ:
أَحَدُهُمَا: فِي صِفَةِ الْمَرِيضِ وَمَا يَلْحَقُ بِهِ مِنْ الْمَعَانِي الَّتِي تَجْرِي مَجْرَاهُ فِي بَقَاءِ حُكْمِ الْمِيرَاثِ، وَالْبَابُ الثَّانِي فِي حُكْمِ طَلَاقِ الْمَرِيضِ.
(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي صِفَةِ الْمَرَضِ الَّذِي بِهِ يَبْقَى حُكْمُ مِيرَاثِ الْمُطَلَّقَةِ) قَالَ مَالِكٌ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: إنَّ كُلَّ مَرَضٍ يُقْعِدُ صَاحِبَهُ عَنْ الدُّخُولِ، وَالْخُرُوجِ، وَإِنْ كَانَ جُذَامًا أَوْ بَرَصًا، أَوْ فَالِجًا، فَإِنَّهُ يُحْجَبُ فِيهِ عَنْ مَالِهِ، وَإِنْ طَلَّقَ فِيهِ زَوْجَتَهُ وَرِثَتْهُ وَلَيْسَ لِلْقُوَّةِ، وَالرِّيحِ، وَالرَّمَدِ وَكَذَلِكَ إذَا صَحَّ الْبَدَنُ وَكَذَلِكَ مَا كَانَ مِنْ الْفَالِجِ، وَالْبَرَصِ، وَالْجُذَامِ يَصِحُّ مَعَهُ بَدَنُهُ وَيَتَصَرَّفُ فَهُوَ كَالصَّحِيحِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَمْ يَخْتَلِفْ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ فِي الزَّاحِفِ فِي الصَّفِّ أَنَّهُ كَالْمَرِيضِ فِي الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ فَأَمَّا مَا نَالَتْهُ شِدَّةٌ فِي الْبَحْرِ فَلَمْ يَرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ كَالْمَرِيضِ وَأَرَاهُ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ أَشْهَبُ: هُوَ كَالْمَرِيضِ وَجْهُ الْقَوْلِ أَنَّ الْمَخَافَةَ مِنْ شِدَّةِ الْبَحْرِ لَمْ تَتَعَيَّنْ وَلَا وُجِدَ سَبَبُ الْعَطَبِ؛ لِأَنَّ الْعَطَبَ إنَّمَا يَكُونُ بِانْكِسَارِ الْمَرْكَبِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الزَّاحِفِ فِي الْقِتَالِ، فَإِنَّمَا هُوَ الْبَحْرُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَخَافَةِ فِي مَوْضِعٍ مَخُوفٍ وَلَمْ يُرَ بَعْدُ، وَالْوُقُوفُ فِي الْمُعَسْكَرِ مَعَ مُعَايَنَةِ الْعَدُوِّ دُونَ مُبَاشَرَةِ حَرْبٍ وَلَا يَقْرَبُ مِنْهُ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ فِي حَالَةِ مَخَافَةٍ عَلَى نَفْسِهِ يَتَكَرَّرُ مِنْهَا الْهَلَاكُ فَلَمْ تَمْنَعْ صِحَّةُ جِسْمِهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْمَرِيضِ فِي مَالِهِ كَالزَّاحِفِ.
[الْبَابُ الثَّانِي فِي حُكْمِ طَلَاقِ الْمَرِيضِ] 1
(الْبَابُ الثَّانِي فِي حُكْمِ طَلَاقِ الْمَرِيضِ) مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فِي مَرَضِهِ وَرِثَتْهُ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَبَعْدَ أَنْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ إذَا اتَّصَلَ مَرَضُهُ إلَى أَنْ تُوُفِّيَ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ: إنَّ الْمَبْتُوتَةَ فِي الْمَرَضِ لَا تَرِثُ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ الْقَاضِيَ أَبَا مُحَمَّدٍ قَالَ: إنَّهُ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ وَلِأَنَّ ذَلِكَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانَ وَغَيْرِهِمْ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ إلَّا مَا يُرْوَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَسَنَذْكُرُهُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّهَا فُرْقَةٌ فِي حَالِ مَنْعِ تَصَرُّفِهِ فِيهَا مِنْ غَيْرِ الثُّلُثِ فَلَمْ يَقْطَعْ مِيرَاثَ الزَّوْجَةِ كَالْمَوْتِ وَلِأَنَّ لِلتُّهْمَةِ تَأْثِيرًا فِي الْمِيرَاثِ بِدَلِيلِ مَنْعِ الْقَاتِلِ الْمِيرَاثَ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
فَإِنْ طَلَّقَهَا بِنُشُوزٍ مِنْهَا أَوْ لِعَانٍ، أَوْ خُلْعٍ، فَإِنَّ حُكْمَ الْمِيرَاثِ بَاقٍ
الصفحة 85
308