كتاب نثل النبال بمعجم الرجال (اسم الجزء: 4)

أمثال ابنِ مَعِينٍ، كما حدَثَ له مع مُحمَّدِ بنِ القَاسِم الأَسَدِيِّ، فقد سُئل عنه ابنُ مَعِينٍ، فقال: "ثقهٌ، وقد كَتبتُ عنه"، مع أنَّ سائرَ العُلماء ما بَينَ مُكذِّبٍ له، وتاركٍ. وكذلك مُحمَّدُ بنُ حُمَيدٍ الرَّازِيُّ، وثَّقَه أحمدُ وابن مَعِينٍ، وأسقَطَهُ سائرُ عُلماءِ الرَّيِّ، وهُم من أهل بلده، وهم أَعلَمُ به، وقد قال أبو عليٍّ النَّيسابورِيُّ لابن خُزَيمَة: "لو حدَّث الأستاذُ عن مُحمَّدِ بنِ حُميدٍ فإنَّ أحمدَ وابنَ مَعينٍ أحسنا الثَّناء عليه؟ "، فقال ابنُ خُزَيمَة: "إنَّهما لم يعرفاه كما عَرَفناه، ولو عرَفا ما عرَفناه لم يُحدِّثا عنه"، وقد ثبت رُجُوعُ أحمدَ ويحيى عن هذا التَّوثيق بعدُ.
* فليس بغريبٍ أن يَخفَى أمرُ بعض الرُّواة المجرُوحين على بعض النُّقَّاد، حتَّى ولو كان في منزلة ابنِ مَعِينٍ.
* أمَّا زعمُ الغُماريِّ أنَّ أحمدَ وابنَه عبد الله وثَّقَاهُ، فإنَّه بَنَى هذا على نُصوصٍ وَرَدت أنَّ عبد الله بنَ أحمدَ لم يَكُن يكتُبُ عن رجُلٍ إلا إذا رَضيَهُ أبوه، ولن يَرضَى أحمدُ بداهةً إلا عن رجُلٍ ثقةٍ.
فالجوابُ من وَجهَين. .
* الأوَّل: أنَّ هذه النُّصوص التي أورَدَها الحافظ في "تعجيل المَنفَعة" من أنَّ عبد الله بنَ أحمد لم يَكُن يكتُبُ عن رجُلٍ إلا بإذن أبِيه ورضاهُ، فإنَّما ذلك بسبَبِ فِتنَةِ خَلقِ القُرآن، وأنَّ أحمدَ لم يكُن يُحدِّث عن رجلٍ تلبَّس بهذه الفِتنةِ وأجاب فيها، حتَّى ولو كان من أَجَلِّ الثِّقات، ومَوقِفُه من عليِّ بنِ المَديني وابنِ مَعِينٍ وغيرِهمَا معروفٌ. فالأمرُ لا يتعلقُ إذن بثقة الرَّاوي من عدمه، بل إنَّ الإمامَ أحمدَ رَوَى عن بعض المَترُوكِين مثلِ عامر بن صالح، ومُحمَّدِ بنِ القاسِمِ الأَسَدِيّ، وعُمَرَ بنِ هارُونَ البَلْخِيِّ، ورَوَى عن ضُعَفاءَ ومجاهِيلَ، فكيف يَسَعُهُ أن يَروِي عن هؤُلاء ولا يَسَعُ عبد الله بنَ أحمدَ أن يروِي عن نَظَائِرهم.

الصفحة 155