كتاب نثل النبال بمعجم الرجال (اسم الجزء: 4)

المرسوم الشريف السلطاني، بالرّدّ على نساء النصارى ما كان أُخذ منهنّ مع الجباية التي كان تقدّم أخْذها منهم" وإن كان الجمع ظُلما, ولكن الأخذُ من النساء أفحَشُ وأبلغ في الظلم،". "التاريخ" (14/ 314 - 315، 318).
* فانظر إلى هذا الإِمام العظيم، الذي يقف عند حدود الشريعة المطهرة، يقيم ميزان العدل الصحيح كما عرفه من دينه الحنيف، ويألم ويسترجع لما ناب النصارى من مصادرة ظالمة من أمراء طغاة جائرين، كما ألم واسترجع من قبل لما أصاب المسلمين من غدر النصارى وبغيهم، وشتان هذا وذاك. ولكنه لا يرضى إلا أن يقيم ميزان العدل.
* فكان هذا العقل المستقل العظيم الثابت على الحق، والذي لا تغلبه العواطف والأهواء، مما يجعل للرجل منزلة عند الناس كبيرة. يثق به أنصاره وغير أنصاره، وموافقوه ومخالفوه. بل جعله موضع الثقة والاستشارة عند الذِّميِّين، حتى ليستشيره بعض رؤسائهم في أخصِّ شئونهم الكنيسية، فإنه يذكر قصة طريفة في استشارة أحد البتاركة إياه في ذلك يحسن أن نذكرها بعبارته بحروفها.
* فقال (في حوادث سنة 767):
* وحضر عندي يوم الثلاثاء تاسع شوال، البَتْرَكُ بشارة، الملقَّب بميخائيل وأخبرني أن المطارنة بالشام بايعوه على أن جعلوه بَتْرَكًا بدمشق، عوضًا عن البترك بأنطاكية. فذكرتُ لها أن هذا أمر مبتدع في دينهم، فإنه لا تكون البتاركة إلا أربعة: بالإسكندرية، وبالقدس، وبأنطاكية، وبرومية. فنُقل رومية إلى إسطنبول، وهي القسطنطينية، وقد أنكر عليهم كثير منهم إذْ ذاك، فهذا الذي ابتدعوه في هذا الوقت أعظم من ذلك لكن اعتذر بأنه في الحقيقة هو عن أنطاكية وإنما أُذِن له في المُقام بالشام الشريف، لأجل أنه أمره نائب السلطنة أن يكتب

الصفحة 93