كتاب روضة الطالبين- الكتب العلمية (اسم الجزء: 4)

قراضة إلى سقاء، وأخذ الكوز ليشرب، فسقط الكوز من يده وانكسر، ضمن الماء لانه مأخوذ بالشراء الفاسد، ولم يضمن الكوز لانه في يده بإجارة فاسدة، وإن أخذه مجانا، فالكوز عارية، والماء كالمقبوض بالهبة الفاسدة. فرع قال المتولي: تعيين المستعار عند الاعارة، ليس بشرط. حتى لو قال: أعرني دابة، فقال: ادخل الاصطبل فخذ ما أردت، صحت العارية، بخلاف الاجارة، فإنها تصان عن مثل هذا، لان الغرر لا يحتمل في المعاوضات. الركن الرابع: الصيغة، واللفظ المعتد به في الباب ما يدل على الاذن في الانتفاع، كقوله: أعرتك، أو خذه لتنتفع به، وما أشبههما. واختلفوا في الواجب من اللفظ، فالاصح الاشهر ما قطع به البغوي وغيره: أن المعتبر اللفظ من أحد لطرفين، والفعل من الآخر. حتى لو قال المستعير: أعرني، فسلمه المالك إليه، صحت الاعارة، كما لو قال: خذه لتنتفع به، فأخذه، قياسا على إباحة الطعام. وقال الغزالي: يعتبر اللفظ من جهة المعير، ولا يعتبر من جهة المستعير، وإنما يعتبر منه القبول، إما بالفعل وإما بالقول. وقال المتولي: لا يعتبر اللفظ في واحد منهما، حتى لو رآه عاريا فأعطاه قميصا فلبسه، تمت العارية. وكذا لو فرش لضيفه فراشا أو بساطا أو مصلى، أو ألقى له وسادة فجلس عليها، كان ذلك إعارة، بخلاف ما لو دخل فجلس على الفرش المبسوطة، لانه لم يقصد بها انتفاع شخص بعينه، ولا بد في العارية من تعيين المستعير، وهذا الذي قاله المتولي فيه تمام التشبيه باباحة الطعام، ويوافقه ما حكي عن الشيخ أبي عاصم، أنه إذا انتفع بظرف الهدية المبعوثة إليه حيث جرت العادة باستعماله، كأكل الطعام من القصعة المبعوث فيها، كان عارية، لانه انتفاع بملك الغير بإذنه.

الصفحة 75