كتاب ذكريات - علي الطنطاوي (اسم الجزء: 4)

الأستاذ خليل إسماعيل كلمة طمأنهم فيها، أكّد لهم أنني باقٍ وأن عقدي مستمرّ. وكان الوزير الأستاذ صادق البصّام قد استجاب لشفاعة الشيخ الشبيبي والشيخ الأثري، وانتهت الرواية.
* * *
لقد ذكرت الأستاذ الأثري من قبل وحسبتُني قد فُجعت به، فكتبت أستنزل له الرحمة وأبثّ القرّاء حزني عليه وأسفي لفقده، فجاءني من الأستاذ زهير الشاويش من بيروت أن الأستاذ أكرم زعيتر أكّد له أن الأثري والحمد لله حيّ يُرزَق، يكتب وينظم ويحاضر. فمدّ الله في عمره وزاده قوّة إلى قوّته، وبلّغوه سلامي (¬1).
فلقد كانت غرفته في وزارة المعارف أحبَّ مكان إليّ في بغداد، وكنت -على ما أُوصَف به من جرأة وما أُلام عليه من تهوّر- أسأله كلّما دخلت عليه أن يخفض من صوته أو أن يُغلِق عليه بابه، حينما كان يتكلم عن الإنكليز ومَن يمشي معهم ويعاونهم، فيزداد كلاماً عليهم، كلاماً صريحاً واضحاً ما كنت أعرف في بغداد مَن يصدع بمثله. وكان له أصدقاء ثلاثة لا يكادون يفترقون كالفرسان الثلاثة في قصّة إسكندر دوماس (وفرسان دوماس في الحقيقة أربعة بعد أن انضمّ إليهم دارتانيان)، وهؤلاء أيضاً أربعة: الأستاذ الأثري والأستاذ حسن رضا مدير الأوقاف العامّ، والأستاذ عبد العزيز الخياط القاضي، والأستاذ هاشم الألوسي مدير المعارف.
¬__________
(¬1) راجع الحاشية في أول الحلقة الخامسة والتسعين من هذه الذكريات (مجاهد).

الصفحة 36