كتاب موسوعة أحكام الطهارة - الدبيان - ط 3 (اسم الجزء: 5)

(٩٣٠ - ٧) وروى مسلم أيضًا من طريقين عن أبي مالك الأشجعي، عن ربعي،
عن حذيفة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فضلنا على الناس بثلاث (¬١):
جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وجعلت لنا الأرض كلها مسجدًا، وجعلت تربتها لنا طهورًا إذا لم نجد الماء، وذكر خصلة أخرى (¬٢).
قال ابن عبد البر -رحمه الله تعالى-: «وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: جعلت لي الأرض كلها مسجدًا وطهورًا، في تعديد فضائله صلى الله عليه وسلم من وجوه كثيرة، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه (¬٣)، وابن عباس (¬٤)، وجابر (¬٥)، وأبي هريرة (¬٦)،
---------------
(¬١) اختلاف الأحاديث، ففي بعضها: أعطيت خمسًا، وفي بعضها: ستًا، وفي بعضها: ثلاثًا، أجاب عليه الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح تحت حديث (٣٣٥)، فقال: «طريق الجمع أن يقال: لعله اطلع أولًا على بعض ما اختص به، ثم اطلع على الباقي. ومن لا يرى مفهوم العدد حجة يدفع هذا الإشكال من أصله». اهـ
قلت: الراجح أن العدد لا مفهوم له، وإنما هو طريقة من طرق الحفظ والتعليم.
(¬٢) مسلم (٥٢٢). قال القاضي عياض في إكمال المعلم (٢/ ٤٣٧): «قوله: (فضلنا على الناس بثلاث): ظاهره أنه ذكر ثلاث خصال، وإنما هي اثنتان كما ذكر؛ لأن قضية الأرض كلها خصلة واحدة، والثالثة التي لم تذكر بينها النسائي من رواية أبي مالك بسنده هنا، وقال: وأتيت هذه الآيات من خواتم البقرة من كنز تحت العرش لم يعطهن أحد قبلي، ولا يعطهن أحد بعدي». اهـ
(¬٣) حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، رواه أحمد (١/ ٩٨)، وابن أبي شيبة (٦/ ٣٠٤) رقم: ٣١٦٤٧، والبزار (٦٥٦) من طريق زهير بن محمد، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن محمد ابن علي،
عن علي بن أبي طالب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعطيت ما لم يعط أحد من الأنبياء، فقلنا: يا رسول الله ما هو؟ قال: نصرت بالرعب، وأعطيت مفاتيح الأرض، وسميت أحمد، وجعل التراب لي طهورًا، وجعلت أمتي خير الأمم.
رجاله ثقات إلا ابن عقيل، فإن أكثر العلماء على ضعفه، وإنما يتقى من حديثه ما ينفرد به، وهذا الحديث له شواهد كثيرة، فأرجو أن يكون ابن عقيل قد حفظ هذا الحديث، والله أعلم.
(¬٤) سيأتي تخريجه إن شاء الله تعالى في آخر هذا الفصل.
(¬٥) البخاري (٣٣٥)، ومسلم (٥٢١).
(¬٦) صحيح مسلم (٥٢٣).

الصفحة 20