كتاب موسوعة أحكام الطهارة - الدبيان - ط 3 (اسم الجزء: 5)

وقال القاضي عياض: «وأما اختصاصه بكون الأرض له مسجدًا وطهورًا، فيدل أن التيمم لم يشرع لغيره قبله، وأما كونها مسجدًا فقيل: إن من كان قبله من الأنبياء كانوا لا يصلون إلا فيما أيقنوا طهارته من الأرض، وخص نبينا وأمته بجواز الصلاة على الأرض إلا ما تيقنت نجاسته منها» (¬١).
قال الحافظ: «والأظهر ما قاله الخطابي: وهو أن من قبله إنما أبيحت لهم الصلوات في أماكن مخصوصة كالبيع والصوامع، ويؤيده رواية عمرو بن شعيب بلفظ: وكان من قبلي إنما كانوا يصلون في كنائسهم» (¬٢).
وهذا نص في موضع النزاع، فثبتت الخصوصية.
ويؤيده ما أخرجه البزار من حديث ابن عباس (¬٣) بنحو حديث الباب فيه: (ولم
---------------
(¬١) إكمال المعلم (٢/ ٤٣٧).
(¬٢) هذا الحديث رواه أحمد في مسنده (٢/ ٢٢٢) من طريق ابن الهاد، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه،
عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عام غزوة تبوك، قام من الليل يصلي، فاجتمع وراءه رجال من أصحابه يحرسونه حتى إذا صلى وانصرف إليهم، فقال لهم: لقد أعطيت الليلة خمسًا ما أعطيهن أحد قبلي: أما أنا فأرسلت إلى الناس كلهم عامة، وكان من قبلي إنما يرسل إلى قومه، ونصرت على العدو بالرعب، ولو كان بيني وبينهم مسيرة شهر لملئ منه رعبًا، وأحلت لي الغنائم أكلها، وكان من قبلي يعظمون أكلها، كانوا يحرقونها، وجعلت لي الأرض مساجد وطهورًا، أينما أدركتني الصلاة تمسحت وصليت، وكان من قبلي يعظمون ذلك، إنما كانوا يصلون في كنائسهم، والخامسة، هي ما هي؟ قيل لي: سل، فإن كل نبي قد سأل، فأخرت مسألتي إلى يوم القيامة، فهي لكم، ولمن شهد أن لا إله إلا الله.
وهذا الحديث إسناده حسن إن شاء الله تعالى، وله شواهد كثيرة في الصحيح وفي غيره، والله أعلم.
قال ابن كثير في تفسيره (٢/ ٢٥٦): «إسناد جيد قوي، ولم يخرجوه».
وقال المنذري في الترغيب والترهيب (٥٤٩٨): رواه أحمد بإسناد صحيح. اهـ
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (١٠/ ٣٦٧): رواه أحمد، ورجاله ثقات. اهـ
(¬٣) رواه البزار (٢٣٦٦) و (٢٤٤١) والبخاري في التاريخ الكبير (٤/ ١١٤) والبيهقي في السنن (٢/ ٤٣٣)، وفي دلائل النبوة (٥/ ٤٧٣) من طريق عبيد الله بن موسى، عن سالم أبي حماد، عن السدي، ، عن عكرمة، عن ابن عباس. ...
وفي إسناده سالم أبو حماد، قال أبو حاتم: شيخ مجهول، لا أعلم روى عنه غير عبيد الله بن موسى. الجرح والتعديل (٤/ ١٩٢).
وذكره ابن حبان في الثقات (٦/ ٤١١).
وقال الذهبي في المغني (١/ ٣٦٥): مجهول.
وقال في ميزان الاعتدال (٢/ ١١١): حديث منكر.
وسكت عليه الحافظ في الفتح، وقال الهيثمي في المجمع (٨/ ٢٥٨): «رواه البزار، وفيه من لم أعرفهم».
كما أن في إسناده السدي، صدوق يهم.
وقد جاء الحديث من مسند ابن عباس بإسناد أمثل من هذا، ولكن ليس فيه (لا يصلي حتى يبلغ محرابه)، انظر مسند أحمد (١/ ٣٠١)، ومصنف ابن أبي شيبة (٦/ ٣٠٣)، وابن أبي عاصم في السنة (٨٠٣)، والبزار كما في كشف الأستار (٣٤٦٠).

الصفحة 23