كتاب موسوعة أحكام الطهارة - الدبيان - ط 3 (اسم الجزء: 5)

المسيء في صلاته، بقوله: (ارجع فصل فإنك لم تصل) (¬١).
وجه الاستدلال:
أن المسيء في صلاته لم يكلفه الرسول صلى الله عليه وسلم إعادة تلك الصلوات التي لم يحسن صلاتها، وقد خرج وقتها، وخاطبه بإعادة الصلاة الحالية التي لم يزل وقتها قائمًا، فهل يمكن أن يقال: يؤخذ من الحديث وجوب الإعادة ما دام الوقت قائمًا.
والحديث ليس فيه دليل؛ وذلك لأن المسيء في صلاته لم يمتثل الأمر الشرعي، بخلاف المتيمم الذي صلى بتيممه فقد كان ممتثلًا أمر ربه، بقوله: (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا) [المائدة: ٦]، فيكف يطالب بالإعادة، ثم إن الرسول صلى الله عليه وسلم حين ردده ليعيد الصلاة ربما لم يكن لأجل الإعادة، فقد تكون الصلاة من قبيل النافلة، وكان بإمكانه تعليمه من أول مرة، وإنما ردده ليستشعر قدر حاجته إلى معرفة الصواب، وهذا الذي دفعه لأن يقول: (والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا، فعلمني) (¬٢)، ولم ينقل أنه حين علمه الصواب رجع فصلى.
• الراجح من الخلاف:
بعد استعراض الأقوال والأدلة نجد أن القول بعدم إعادة الصلاة هو أقوى الأقوال، لقوة دليله وضعف أدلة المخالفين، والله أعلم.
* * *
---------------
(¬١) أخرجه البخاري (٧٥٧) ومسلم (٣٩٧) من حديث أبي هريرة.
(¬٢) سبق تخريجه، انظر العزو السابق.

الصفحة 370