كتاب موسوعة أحكام الطهارة - الدبيان - ط 3 (اسم الجزء: 5)

لوقت كل صلاة، وبينهما فرق (¬١).
---------------
(¬١) حمل الحنابلة على أن قوله: (توضئي لكل صلاة) بأن المراد بكل صلاة بوقت كل صلاة، قالوا: وإطلاق الصلاة على الوقت جاء الدليل على صحته من القرآن والسنة:
الدليل الأول:
من القرآن قوله تعالى: (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ) الإسراء: ٧٨.
فقوله: (لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) أي: لوقت دلوكها.
الدليل الثاني:
ما رواه البخاري من طريق هشيم، قال أخبرنا سيار، قال حدثنا يزيد ـ هو ابن صهيب الفقير ـ قال: أخبرنا جابر بن عبد الله، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: أعطيت خمسًا لم يعطهن أحد من قبلي، نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم، ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة. ورواه مسلم (٥٢١)، واللفظ للبخاري (٣٣٥).
وجه الاستدلال:
قوله: (أدركته الصلاة) أي أدركه وقت الصلاة.
الدليل الثالث:
ما رواه أحمد (٦/ ٣٣٢)، قال: ثنا محمد بن فضيل، ثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن للصلاة أولًا وآخرًا، وإن أول وقت الظهر حين تزول الشمس، وإن آخر وقتها حين يدخل وقت العصر، وإن أول وقت العصر حين يدخل وقتها، وإن آخر وقتها حين تصفر الشمس، وإن أول وقت المغرب حين تغرب الشمس، وإن آخر وقتها حين يغيب الأفق، وإن أول وقت العشاء الآخرة حين يغيب الأفق، وإن آخر وقتها حين ينتصف الليل، وإن أول وقت الفجر حين يطلع الفجر، وإن آخر وقتها حين تطلع الشمس.
وجه الاستدلال:
قوله: (إن للصلاة أولًا وآخرًا). أي إن لوقت الصلاة، فأطلقت الصلاة وأريد بها الوقت.
والحديث ضعيف والمحفوظ أنه مرسل ووصله شاذ، وسبق بحثه في مجلد الحيض والنفاس، ح (٤٧٩).
وأما حمل الأمر بالوضوء لكل صلاة: أي لوقت كل صلاة، فيحتاج الأمر إلى دليل على أن المراد الوقت، وليس خروج الوقت حدثًا، ويكفي أن حملهم خلاف ظاهر اللفظ بلا مسوغ.
والجواب عما قالوه رحمهم الله: إن إطلاق الصلاة قد يطلق ويراد بذلك الوقت إذا صح إنما يصح لقرينة تمنع من إرادة الصلاة نفسها، وإلا فالأصل في الكلام عدم الحذف وعدم التقدير، ولا قرينة هنا تمنع من إرادة الصلاة، أي فعلها، فوجب حمل اللفظ على ظاهره وهذا لو قلنا بصحة أحاديث وضوء المستحاضة لكل صلاة، ولكنها لم تصح كما قدمنا.

الصفحة 375