كتاب موسوعة أحكام الطهارة - الدبيان - ط 3 (اسم الجزء: 5)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
---------------
= فصفة التيمم في الأحاديث الصحيحة في الصحيحين وفي غيرهما ليس فيها ذكر ضربتين للتيمم، وليس فيها المسح إلى الآباط والمناكب، مما يزيد الحديث ضعفًا فأميل إلى أن الحديث مضطرب الإسناد، منكر المتن، وقد نقل الحميدي أن هذا الحديث مما ينكره الناس على الزهري.
قال الحميدي في مسنده (١٤٣): حضرت سفيان، وسأله عنه يحيى بن سعيد القطان، فحدثه، وقال فيه: حدثنا الزهري، ثم قال: حضرت إسماعيل بن أمية أتى الزهري، فقال: يا أبا بكر إن الناس ينكرون عليك حديثين تحدث بهما، فقال: ما هما؟ قال: تيممنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المناكب، فقال الزهري: أخبرنا عبيد الله بن عبد الله، عن أبيه، عن عمار. وذكر بقية الكلام.
فقوله: إن الناس ينكرون عليك حديثين وذكر هذا من أحدهما دليل على أن غالب العلماء ممن أنكر هذا الحديث على الزهري رحمه الله تعالى.
وقال ابن عبد البر في التمهيد (١٩/ ٢٨٧): «أكثر الآثار المرفوعة في هذا الحديث إنما فيها ضربة واحدة للوجه واليدين، وكل ما يروى في هذا الباب عن عمار فمضطرب مختلف فيه».
ومن الأئمة السابقين من سلك مسلك الترجيح، وقد اختلفوا في الترجيح:
فقيل: الراجح: الزهري، عن عبيد الله، عن أبيه، عن عمار.
قال ابن أبي حاتم في العلل (٦١): سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه صالح بن كيسان وعبد الرحمن بن إسحاق، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن عمار، عن النبي صلى الله عليه وسلم في التيمم.
فقالا: هذا خطأ، رواه مالك وابن عيينة عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن أبيه، عن عمار، وهو الصحيح، وهما أحفظ.
قلت: قد رواه يونس وعقيل وابن أبي ذئب، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن عمار، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم أصحاب الكتب.
فقالا: مالك صاحب كتاب، وصاحب حفظ». اهـ
وقيل: كلاهما محفوظ: يعني: رواية عبيد الله عن ابن عباس، عن عمار.
ورواية عبيد الله، عن أبيه، عن عمار، ذهب إلى هذا الإمام النسائي رحمه الله.
قال النسائي في السنن الكبرى (١/ ١٩١) بعد أن ذكر الطريقين: قال: «كلاهما محفوظ». ولم يذكر الإمام النسائي رحمه الله الطريق المنقطع: أعني طريق عبيد الله، عن عمار مباشرة بلا واسطة، والله أعلم بالصواب.
فإن كان السبيل الترجيح بين اختيارات هؤلاء الأئمة، فينبغي أن يراعى في الترجيح المتن أيضًا، وليس الإسناد:
فإما أن يرجح في اللفظ الضربة الواحدة على الضربتين، لاتفاقهما مع حديث عمار في الصحيحين، وإما أن يقال: إن الضربتين كانت باجتهاد من الصحابة، ولم يأمرهم بها النبي صلى الله عليه وسلم، وتكون هذه =

الصفحة 40