كتاب الاستشراق وموقفه من السنة النبوية

المقدمة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فإنَّ من أهم ما ينبغي للمسلم إدراكه في الحياة العدوَّ الذي يتربص به وبدينه من كل جانب، ويحاول أن ينقضَّ عليه لاستئصاله، وانتزاع عقيدته من واقع حياته. وهذا العدو يظهر بأشكال كثيرة ومتنوعة، فأحياناً يكون بصورة استعمار عسكري يغزو البلاد وينهب الخيرات، وأحياناً يكون تحت شعارات إنسانية وحقوق الإنسان، ويأتي أحيانًا أخرى بهدف الحوار الحضاري أو المعرفي، وكلها صور مختلفة ولكن الهدف واحد، هو استعمار البلاد واستعمار العقول حسب ما تملي عليهم مبادئهم ومصالحهم. ولكن أخطر هذه الأنواع ذلك الذي يتغلغل داخل الأمة عبر الثقافة والمعرفة، ومنه ما يسمى بالاستشراق، فإنه عدو خطير بكل أدواته ووسائله؛ لأنه يحارب بالشبهة من خلال بعض ما يتوافر لديه من أحداث تاريخية أو روايات غير صحيحة، ولكنه يضعها في ثوب يثير الانتباه، ويشكك الضعفاء من أبناء الأمة في أمر دينهم وتاريخهم، مستفيدًا من بعض الصراعات التي حدثت في التاريخ الإسلامي في القرون الأولى لهذا الدين.
وهذا العدو خطير؛ لأنه مدعوم بأشياء كثيرة ومن أطراف متعددة، فتدعمه بعض الدول الكبرى والمؤسسات العلمية في الغرب والشرق، والتي لها شهرة معرفية لدى معظم دول العالم، هذا فضلاً عن القيادات التي ترأس هذه المؤسسات وعلاقاتهم مع الساسة الكبار في دولهم الاستعمارية.
وقد وضع هذا العدو المتمثل بالاستشراق والمستشرقين أمامهم عدة

الصفحة 1