كتاب الاستشراق وموقفه من السنة النبوية

وأما ما ورد في السنة وغاب عن الحس والبصر فإنه مرفوض عندهم تمامًا، كالقبر وعذابه ونزول المنكر والنكير على الميت.
ويلاحظ مما سبق أن المعتزلة يشتركون مع المستشرقين في التشكيك في رواة الحديث، وإن بلغ عددهم التواتر، وكذلك أحاديث الآحاد، والأحاديث التي وردت في أمور الغيب وحال الإنسان بعد الموت، وهذا يدل على أن الفكر الاستشراقي المعاصر هو امتداد متواصل مع الفكر المعتزلي في ذلك الوقت أو معتمد عليه.
2 - الاستشراق والقرآنيون (1) :
لقد ظهرت بعد جيل الصحابة في القرن الثاني للهجرة فرق ومذاهب شتى تدعوا كل منها إلى بعض الآراء والأطروحات التي مزقت الأمة وشتت وحدتها وأضاعت أحكام دينها التي كان عليها الجيل الذي قبلهم وهو جيل الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، حيث برزت في الساحة طائفة تنكر حجية السنة مطلقًا وطائفة أخرى تنكر خبر الآحاد، ودعت هذه الطوائف إلى الاحتكام إلى القرآن وحده، دون اعتبار للسنة، لأن القرآن هو كلام الله المنزل الشامل والمفصل لكل شيء، محتجين بذلك على بعض الآيات القرآنية، والتحليلات العقلية. وقد كان للإمام الشافعي باع طويل في مناقشة
__________
(1) القرآنيون: هم الفرقة التي تنكر السنة النبوية وتدعي الأخذ بالقرآن وحده، حيث نشأت هذه الفرقة في العصر الحديث في الهند على يد سيد أحمد خان، والمولوي جراغ علي، والمولوي عبد الله جكرالوي وآخرين.

الصفحة 84