كتاب الاستشراق وموقفه من السنة النبوية

وهذا تفسير في غير موضعه، لاحتواء القرآن الكريم على كثير من الأحكام العامة والقواعد الكلية، إلا أنه ترك كثيرًا من الأحكام مجملة ترك بيانها وتفسيرها للرسول صلى الله عليه وسلم، وأمر بعد ذلك المؤمنين باتباع هذا النبي وطاعته، فجاءت آيات كثيرة تحث على ذلك وتدعو الأمة إلى الالتفاف حوله – عليه الصلاة والسلام – وهذا لا ينافي مطلقًا أن يكون القرآن حجة والسنة أيضًا حجة، لأن ما يرد في القرآن قد يرد في السنة على سبيل التأكيد والأهمية، وقد يأتي في القرآن أحكام تحتاج إلى البيان والتوضيح من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44] .
وروي أن عمران بن حصين كان جالسًا ومعه أصحابه فقال رجل من القوم: لا تحدثونا إلا بالقرآن، قال فقال له: أدْنه فدنا، فقال: أرأيت لو وكلت أنت وأصحابك إلى القرآن أكنت تجد في صلاة الظهر أربعًا وصلاة العصر أربعًا والمغرب ثلاثًا تقرأ في اثنتين؟ أرأيت لو وكلت أنت وأصحابك إلى القرآن، أكنت تجد الطواف بالبيت سبعًا والطواف بالصفا والمروة؟ ثم قال: أي قوم خذوا عنا فإنكم والله إن لا تفعلوا لتضلن" (1) .
ثانيًا: تفسيرهم لقوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] .
بأن الآية دليل على أن الله تعالى تكفل بحفظ القرآن فحسب دون السنة
__________
(1) أخرجه الخطيب في الكفاية، ص15.

الصفحة 86