كتاب الرد على مزاعم المستشرقين جولد تسهير ويوسف شاخت ومن أيدهما من المستغربين

إن العلماء المسلمين المعاصرين وبعض المستشرقين ردوا ادعاء جولدتسيهر ضد الزهري لأنه زعم غير منطقي، وليس مبنيا على حجج علمية؛ لأنه لم يكن بمقدور الزهري أن ينسب هذا الحديث كذبا على لسان أستاذه سعيد ابن المسيب (94 ?/713م) الذي كان ما زال حيا أثناء رواية الزهري لهذا الحديث، ولاسيما إذا علمنا أن سعيد بن المسيب كان ذا عداء شديد لبني أمية وبخاصة للخليفة عبد الملك بن مروان، فلو فرضنا أن الزهري وضع هذا الحديث لصالح الأمويين فإنه كان سيعرض ثقته للاهتزاز أمام الرواة الذين كانوا يعتبرونه راوية ثقة. (1) ولو وضع الزهري الحديث السابق فإن أستاذه كان سيعارض هذه الرواية، ولن يسمح له بأن ينقل شيئا كذبا على لسانه، وبالإضافة إلى ما سبق فإن هذا الحديث لم يروه الزهري فقط فقد ورد الحديث من خمسة عشر طريقا آخر من غير طريق الزهري، مما يعني أن هذا الحديث كان معروفا قبل أن يرويه الزهري (2) ، وقد بلغ مجموع طرق رواية هذا الحديث ستة وخمسين طريقا كما سبق وذكرنا. فانظر كيف يكون الافتراء بلا دليل ولا حجة قاطعة؟ ثم انظر كيف أن هذا الافتراء يطال علما من أعلام المسلمين ويتهمه بالكذب ليس على الناس بل على النبي صلى الله عليه وسلم؟ وحاش للزهري أن يقوم بمثل هذا العمل، وإنما القصد من هذا الافتراء التشكيك برواة الأحاديث ونسف ثقة المسلمين ويقينهم بصحة السنة النبوية الشريفة.
__________
(1) محمد عجاج الخطيب، السنة قبل التدوين، (بيروت: دار الفكر، 1981م) ، ص: 513.
(2) محمد شراب، بيت المقدس والمسجد الأقصى: دراسة تاريخية موثقة، (دمشق: دار القلم، 1994م) ، ص: 317 – 320. وانظر:
Lecker,“ Biographical Notes”, p., footnote no..

الصفحة 17