كتاب الرد على مزاعم المستشرقين جولد تسهير ويوسف شاخت ومن أيدهما من المستغربين

6- لقد أولي نقد المتن عناية كبيرة في علم علل الحديث الذي هو رأس علم الدراية وهو علم متابعة الثقات في رواياتهم، يقول ابن الصلاح في تعريفه بأنه عبارة عن أسباب خفية غامضة قادحة، فالعلة سبب غامض يدل على وهم الراوي سواء أكان ثقة أم ضعيفا وسواء أكان الوهم في السند أم المتن (1) . وموضوع هذا العلم الحديث والذي ظاهر إسناده الصحة، إلا أن العلماء يضعفون متنه لأن فيه نكارة أو شذوذا أو اضطرابا أو غرابة (2) لذا فقد أطلق علماء المصطلح على العلل الموجودة في المتن مصطلحات عدة مثل: هذا حديث منكر المتن، حديث غريب، حديث شاذ، حديث مضطرب (3) ، وإن قول العلماء عن حديث إنه صحيح الإسناد أو حسن الإسناد، لا يعني أبداً أن المتن صحيح أو حسن، وذلك لشذوذ أو علة فيه. وقد يصح المتن ولا يصح السند لورود دلائل على صحة المتن من طرق أخرى، فمعرفة صحة الحديث كما يرى الحاكم النيسابوري لا تعتمد فقط على إسناده بل تعتمد على معرفة كبيرة بالحديث ومتونه (4) ، وهذا يدلنا على المنهج الموضوعي الشامل لدى المحدثين في النقد (5) ، فعلم العلل إذن يدخل في النقد الموضوعي العميق
__________
(1) أبو بكر كافي، منهج الإمام البخاري في تصحيح الأحاديث وتعليلها، ص: 216، انظر أمثلة لما تكون فيه الرواية بالمعنى سببا للتعليل في ص: 320-321.
(2) همام سعيد، الفكر المنهجي عند المحدثين، ص: 107.
(3) لمعرفة معاني هذه المصطلحات انظر: نور الدين العتر، منهج النقد، ص: 430، 396، 428، 433.
(4) الحاكم النيسابوري، معرفة علوم الحديث، ص: 59، وقارن بـ صلاح الدين إدلبي، منهج نقد المتن عند علماء الحديث النبوي، ص: 191.
(5) نور الدين عتر، السنة المطهرة والتحديات، ص: 69.

الصفحة 28